الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاعتداءات الإسرائيلية مستمرة بالتقسيط على سورية ، ولا بدّ من ردعها

محمود جديد

2013 / 11 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


"الاعتداءات الإسرائيلية مستمرّة بالتقسيط على سوريّة ، ولا بدّ من ردعها "
محمود جديد

- كما هو معروف ، إنّ (إسرائيل ) ترغب وتعمل على استمرار الانتحار الذاتي السوري ، وتدمير قدرات سورية العسكرية والاقتصاديّة والبشرية ورؤية خصومها من مختلف الاتجاهات يتطاحنون في حرب عبثية مجنونة وفي ساحة واحدة دون أنْ يكلّفها ذلك جنديّاً واحداً ... غير أنّ كفّة مسار الحلّ السياسيّ للأزمة السورية ابتدأت في الرجحان من خلال التفاهم الأمريكي - الروسي الذي بدت مؤشّراته في لقاء كيري - لافروف في أيّار / مايو الماضي ، وأصبح أكثر وضوحاً وتبلوراً في هذه الأيام على طريق الحلّ السياسي ... وبالتالي فهي تحاول التشويش على هذا المسار وعرقلته عن طريق خلق معطيات جديدة تمتص فترة من الوقت ، وتقدّم للمعارضة مادّة وأوراقاً جديدة في مجال النقد والتجريح والاستهزاء بالنظام السوري ، وإبراز حالة إرباكه وعجزه... ومن جهة أخرى فهي تريد لفت نظر الدول العظمى إلى أنّها لاعب أساسيّ في المنطقة ولا بدّ من أخذ مصالحها فيها عند إقرار أيّ حلّ سياسي .. وخاصّة فيما يتعلّق بملفّ الأسلحة الكيمائية وإتمام تدميره ، وإحكام الرقابة عليه مستقبلاً ، وموضوعي الصواريخ ،والجولان المحتلّ..
وفي الوقت نفسه فهي تحاول تحقيق مكاسب أمنية خارج حدودها بشتى الطرق والأساليب القذرة المتاحة ، كما حدث سابقاً في لبنان والعراق وسوريّة وتونس والخرطوم .. الخ وممّا لا شكّ فيه أنّ عناصر مخابراتها وعملائها يتواجدون وينشطون في الأرض السورية تحت مختلف المسميّات ، ويقومون بشكل مباشر أو غير مباشر بالتشجيع على مهاجمة أهداف حيويّة عسكريّة ومدنيّة ( مطارات .. وشبكات الصواريخ ..واغتيال كوادر وعلماء ، وتدمير منشآت علمية ... الخ ) .. ولذلك تأتي غارتها على موقع للدفاع الجوي بالقرب من مدينة اللاذقية مؤخّرا كحلقة جديدة في سلسلة أهدافها داخل سورية قبل إقرار أيّ حل سياسي قادم ، وقد تنطلق من التقديرات والحسابات المحتملة التالية :
- اللعب في مساحة محسوبة جيّداً ، فهي لا تريد القيام بعمل يُغضب الأمريكان والروس ويترك انعكاسات سلبية عليها ، وإنّما إبقاؤهما في دائرة الامتعاض منها فقط والّذي دفع الدوائر الأمريكية إلى الإشارة إلى ( إسرائيل ) باعتبارها مصدر الصاروخ الوحيد الذي سقط في منطقة اللاذقية ، والتي تستهدف التحذير من التمادي في هذا السلوك حاليّاً حتى لا يصل إلى مرحلة العرقلة والإرباك والإحراج للسياسة الأمريكية حيال المنطقة .. وفي الوقت نفسه ، تبرئة ذمّة الإدارة الأمريكية من مسؤولية استخدامه إلا إذا كان هذا الموقف برمّته ضمن تكتيك متّفق عليه مع الحكومة الإسرائيلية ...
- تنفيذ اعتداءاتها على شكل جرعات محدودة قابلة للهضم من قبل النظام السوري وحلفائه في لبنان وإيران وروسيا.. وربّما تنطلق من تقدير موقف يستند إلى أنّ النظام السوري عاجز عن الردّ في ظلّ أوضاعه الصعبة الراهنة التي جعلت قوّاته المسلّحة منتشرة ومبعثرة على مساحة القطر السوري ومرهقة ، وخطط عملياته صعبة التنفيذ ، وتأمينه الإداري والفنّي في غاية التعقيد ، وأوضاعه الاقتصادية لا تسمح له بخوض معارك جديدة ...أمّا بالنسبة ً" لحزب الله " فيعيش أوضاعاً لبنانية داخلية ، وعربية وإقليمية ودولية قاسية وضعته في دائرتي الضوء والاستهداف ، وخاصّة بعد أن انغمس في الأزمة السورية بقسم من قوّاته ، وتورّط في تعقيداتها .. ولذلك فإنّ سقوط صاروخ إسرائيلي على هدف داخل سورية لن يدفعه للدخول في اشتباك مباشر مع ( إسرائيل ) ، هذا الأمر مرتبط حسب تقديرنا بمدى قدرة النظام السوري على التحمّل وفقاً لقراءات الحزب للوضع الأمني في سوريّة ..
وينسحب تقدير الموقف هذا على النظام الإيراني الذي سيمتنع أيضاً عن التدخّل المباشر لنجدة النظام السوري بمجرّد إطلاق صاروخ إسرائيلي لا يؤثّر على موازين القوى المشتبكة في الساحة السورية ... ولا سيّما أنّه يحاول اغتنام فرصة الانفتاح الغربي الجزئي عليه تحت غطاء وذريعة وصول حسن روحاني لرئاسة الجمهورية والمحسوب على الخط المعتدل من أجل تسوية ملفّات إيران الخاصّة مثل موضوعي : النووي والحصار الموجع المفروض عليها ...
وهناك مسألة هامّة جدّاً قد تحظى باهتمام الاستراتيجيين الإسرائيليين ، وقد سبق أن أشرت إليها في أحد مقالاتي السابقة وهي إنّ الجيش العربي السوري على الرغم من حرفه عن مهمّته الأساسيّة بفعل عوامل داخلية وخارجية إلا أنّ العدو الإسرائيلي سعيد بما حدث ، ..، ولكنّه قد يلحظ أنّ للمأساة السورية جوانب أخرى يقرؤها بشكل آخر ، وهي أنّ هذا الجيش قد اكتسب خبرة قتالية خلال العامين المنصرمين من الممكن توظيفها مستقبلاً لتحرير الأرض المحتلّة ، أو استنزاف المحتلّ وتحسين شروط السلطة الحاكمة الجديدة عند حدوث أي تفاوض حول الجولان المحتلّ ... ومن جهة أخرى ، إنّ حملة السلاح من المدنيين السوريين أصبحوا يقدّرون بمئات الآلاف ، وهذا ما يؤهّل بعضهم للمشاركة في حرب تحرير شعبية مقبلة في ظلّ نظام جديد يختار هذا الطريق ويُحسن توظيفهم في هذا الاتجاه ...ولهذا ، سيبذل الكيان الإسرائيلي كلّ جهوده لتأخير أيّ حلّ سياسي في سوريّة حتى يفسح المجال لمزيد من الوقت لضمان تدمير أكبر للقدرات العسكرية السورية ، ولا أستبعد أنْ تلجأ القيادة الإسرائيلية إلى غارات مماثلة على أهداف حساسة أخرى مستقبلاً بذريعة مضلّلة هي منع وصولها إلى " حزب الله " مستغلّة الظروف الصعبة للجيش السوري وقبل استعادة قواه ، وقدوم أيّ حلّ سياسي .. ًً

وأخيراً ، إنّ مسلسل الاعتداءات الإسرائيلية الذي ابتدأ قبل الانتفاضة في عام 2011 وخلالها وبعد حرفها , سيستمرّ إذا بقي الخدّ السوري مغرياً للّطم ، ولا بدّ من إيقافه، ولن يتحقّق ذلك بدون أن يصبح مكلفاً للكيان الإسرائيلي ، وإنّنا لعلى يقين بأنّ هذا الكيان يحسب ألف حساب لتصعيد الموقف نظراً لحجم ترسانة الصواريخ التي تحيط به في لبنان وسورية وغزّة ، وعدم قدرة المجتمع الإسرائيلي على تحمّل سقوطها عليه .. وبدون ذلك سيُزمن العدوان بالتقسيط وبالمجان ويُصبح استثماراً أمنيّاً وسياسياً مجزياً للإسرائيليين وهم تجّار معروفون بشطارتهم الخبيثة وبشهيّتهم المفرطة في تحقيق الأرباح ...وهذا الواقع المؤلم يجب أنْ يُضاف إلى العوامل الأخرى التي تستوجب الإسراع في إنجاز الحلّ السياسي المضمون دوليّاً والذي يكفل إيقاف العنف والقتل والتدمير وإنجاز التغيير الوطني الديمقراطي الجذري الشامل في سوريّة ...

في :8 / 11 / 2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - صحت التسمية للتاجر الڤ-;-نسي شايلوك!
حميد كركوكي ( 2013 / 11 / 9 - 07:39 )
حقا إسرائيل تلعب دور التاجر الڤ-;-نسي “شايلوك- في مسرحية شكسپير المشهورة! ولكن يقطع لحم سورية من دون نزيف قطرة دم يهودي؟؟؟؟؟

اخر الافلام

.. إسرائيل تؤكد إصرارها على توسيع العملية البرية في رفح


.. شرطة نيويورك تعتدي على مناصرين لغزة خلال مظاهرة




.. مشاهد للدمار إثر قصف إسرائيلي على منزل عائلة خفاجة غرب رفح ب


.. أحمد الحيلة: قرار الجنائية الدولية بحق إسرائيل سيحرج الدول ا




.. في ظل تحذيرات من تداعيات عملية عسكرية.. مجلس الأمن يعقد جلسة