الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الغاز- لغة القرن الحادي والعشرين!

جواد البشيتي

2013 / 11 / 8
الادارة و الاقتصاد



شركة "غازبروم" هي السلاح الذي صنعه وطوَّره الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لاستعادة مكانة بلاده على المسرح العالمي، ولإحكام السيطرة على الاقتصاد الأوروبي الذي يزداد اعتماداً على الغاز (الصديق للبيئة).
سنة 1995، حدَّد بوتين الخطوط والمعالم الإستراتيجية لشركة "غازبروم"؛ وبدا مشروعا "السيل الشمالي" و"السيل الجنوبي" مدار الاهتمام الإستراتيجي للكرملين، الذي أدرك أنَّ "الطاقة"، وفي مقدَّمها "الغاز"، هي "لغة القرن الحادي والعشرين".
أدركت القوَّة العظمى في العالم، أيْ الولايات المتحدة، المعاني والمخاطر الإستراتيجية للمشروعين الروسيين، فشَرَعَت تُعِد العدَّة لمشروعها الموازي، المنافِس، والمضاد، والذي يُدْعى "نابوكو"، أو خط "باكو ـ تبليسي ـ جيهان"؛ ففي هذه النقطة مدار الصراع بين روسيا والولايات المتحدة تَكْمُن الملامح السياسية ـ الإستراتيجية للقرن الحادي والعشرين، الذي تجتهد الولايات المتحدة في جَعْلِه قرنها.
رأت موسكو في مشروع "نابوكو" دليلاً بَيِّناً على عزم الولايات المتحدة على بسط هيمنتها على غاز البحر الأسود وغاز أذبيجان، فسارعت إلى التأسيس لـ "تكتُّل شنغهاي"، والذي نواته تحالفها مع بكين. ويتسلَّح هذا "التكتُّل" بمشروعي "السيل الجنوبي" و"السيل الشمالي" للسيطرة على منابع الغاز، وعلى أوروبا، من ثمَّ.
كان ينبغي لمشروع نابوكو أنْ يسبق المشروعين الروسيين، وأنْ يخرج إلى الوجود سنة 2014؛ لكنه تأخرَّ إلى سنة 2017، فجرت الرياح بما تشتهي سفينة روسيا، أيْ أنبوبها.
عَيْن الولايات المتحدة الآن على الغاز الإيراني، وعلى الغاز في لبنان وسورية؛ فسورية ولبنان، وباحتياطهما من الغاز، هما الآن مدار صراع بين موسكو وواشنطن؛ ولقد اشتد هذا الصراع إذْ سمحت سورية بمرور الغاز الإيراني إليها عَبْر العراق.
وعلى أهمية احتياط الغاز في شرق المتوسط (لبنان وسورية وإسرائيل) يبقى غاز إيران مدار الصراع الأشد بين موسكو وواشنطن؛ ولقد استفزَّت طهران واشنطن كثيراً إذْ اتَّخَذَت من العراق وسورية ممراً لغازها.
مِنْ قَبْل، نظرت الولايات المتحدة في الطريقة الفضلى لوضع يدها على الاحتياط الهائل للنفط والغاز عند العرب، والذي يبعد عنها آلاف الأميال من مياه البحار والمحيطات، فجاء وزير نفطها، بعد حرب "عاصفة الصحراء" ليقترح "استئجار النفط" كما يُستأجر أي عقار. وبحسب هذا الاقتراح، تَضُخُّ بعض الدول العربية "فائضاً نفطياً"، يُنْقَل إلى أراضي القوَّة العظمى في العالم، ليُخزَّن فيها؛ ويبقى هذا "العقار من النفط" مملوكا لهذه الدول من الوجهة القانونية؛ أمَّا "المستأجر (وهو الولايات المتحدة)" فيدفع إيجاراً سنوياً!
أمَّا اليوم فالولايات المتحدة، وبفضل "ثورة النفط والغاز الصخريين" التي تشهدها الآن، ستغدو، بحلول سنة 2035، مكتفية ذاتياً من الطاقة، وستَفْقِد مصادِر الطاقة الخليجية العربية، من ثمَّ، أهميتها الإستراتيجية بالنسبة إلى القوَّة العظمى في العالم.
الولايات المتحدة تُحْكِم الآن قبضتها (الإستراتيجية) على "أوروبا الجديدة"، أيْ على دول أوروبا الشرقية التي تريد لها القوَّة العظمى في العالم أنْ تكون "حاجزها الجيو ـ إستراتيجي" بين روسيا الاتحادية والاتحاد الأوروبي، والموضع الذي منه تمارِس ضغوطها الإستراتيجية على الطرفين، أيْ على روسيا والاتحاد الأوروبي. وتريد الولايات المتحدة لهذا "الحاجز" أنْ يكون متَّصِلاً متَّحِداً مع "حاجز جيو ـ إستراتيجي آخر (لها)" في آسيا الوسطى حيث الثروة النفطية الهائلة في بحر قزوين، الذي منه تمتد خطوط أنابيب النفط والغاز إلى "أوروبا القديمة"، أيْ إلى أوروبا الغربية.
مشروع "نابوكو" هو حربٌ على "الترسانة الغازية لروسيا"، وحرب من أجل تحرير "أوروبا القديمة" من "الهيمنة الغازية الروسية"، لغزوها بالغاز الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة.
وفي هذه اللعبة الإستراتيجية العظمى، تتمتَّع إيران (وهي من الدول الكبرى نفطياً وغازيَّاً) بموقع جيو ـ إستراتيجي في منتهى الأهمية، فهي مطلة على مضيق هرمز، الذي عبره يمر قسم كبير من إمدادات العالم النفطية، وعلى مقربة من أهم مصادر واحتياطات الطاقة النفطية والغازية في العالم (فهي تتوسط "البحرين النفطيين العظيمين"، بحر قزوين وبحر الخليج العربي) وعلى مقربة، أيضاً، من الأنابيب الجديدة لنقل الغاز إلى أوروبا، والتي هي (الأنابيب) مدار تنافس وصراع بين روسيا والولايات المتحدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ا?سعار الذهب اليوم الجمعة 05 يوليو 2024


.. جولة إعادة بين بزشكيان وجليلي وسط أزمة اقتصادية خانقة| #غرفة




.. قصف إسرائيلي يدمر بنايات سكنية وسوق الذهب الأثري بالشجاعية


.. الأحزاب البريطانية تراهن على خططها الاقتصادية لاستمالة الناخ




.. كل يوم - خبير اقتصادي : نتمني أن تعيد الدولة النظر في قرار غ