الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تعود ليبيا تحت الاحتلال الإيطالي من جديد؟!!

محمد عبعوب

2013 / 11 / 8
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


قبل اسبوع تقريبا أطلق رئيس الوزراء الإيطالي الجديد أنريكو ليتا، تهديدات بالذهاب الى الشاطئ الليبي لوقف سيل الهجرة غير الشرعية المتدفق نحو اوروبا انطلاقا من شواطئ ليبيا التي تعاني من غياب كامل لأي شكل من أشكال السلطة الفعالة، وبالامس وعلى إثر ما شهدته بعض أحياء العاصمة طرابلس من اقتتال عبثي بين جماعات مسلحة استخدمت فيه أسلحة ثقيلة ومتوسطة، اعلنت وزيرة خارجية إيطاليا أنها منزعجة مما يجري، وأن حكومة بلادها لا تقبل بما يجري في طرابلس..
وهنا ونحن نتابع هذه التصريحات لمسؤولين إيطاليين إزاء ما يجري في بلادنا من فلتان أمني مريع وعبث باستقرارها تقترفه مليشيات وجماعات عرقية وقبلية وجهوية وحزبية مسلحة غاب عن وعي قادتها وأفرادها الإحساس بخطورة ما يقومون به على مستقبل وجود ليبيا كدولة؛ هنا لابد لنا من إعادة التاريخ الأسود لإيطاليا في ليبيا إلى الذاكرة، وربطه بهذه التصريحات ، علنا نعيد حساباتنا كليبيين وننهي حالة النرجسية التي باتت تسيطر علينا كأفراد وجماعات في التعامل مع ليبيا كأرض وموارد .. فإيطاليا التي لم تندثر آثار جرائمها الاستعمارية من نفوس من لازال على قيد الحياة ممن عاصروها ومن ذاكرة أبنائهم، لن تتأخر اليوم أمام ما يجري في إعادة مغامرتها في ليبيا، ولكن هذه المرة بتفويض دولي (الفصل السابع الذي لازالت ليبيا تحته) وبدافع حماية مصالحها ووقف الهجرة التي باتت تشكل قلقا حقيقيا لأوربا التي ترفض الاعتراف بمسؤوليتها عن هذه الظاهرة الناتجة عن حقبة الاستعمار المباشر للقارة وعن السرقة والاستنزاف الممنهج لخيراتها المتواصل حتى الساعة . وانريكو ليتا ووزيرة خارجيته عندما يطلقون هذه التصريحات لا يتحدثون من فراغ ، بل ينطلقون من رؤية استعمارية لم ولن تمحي من الذاكرة الأوروبية لأفريقا، طالما بقيت هذه القارة ترزح تحت قبضة التخلف والفقر والاضطراب الذي يبقيها مجرد مخزن للمواد الأولية وفي مقدمتها الطاقة ، وكسوق لترويج ما تنتجه مصانع الغرب من سلاح ومنتجات استهلاكية.
إن ما يقوم به الليبيون اليوم -سواء المندمجين منهم في أعمال التخريب والعبث بالأمن والاستقرار وتبديد الموارد وتمزيق نسيجهم الاجتماعي، أو الذين يمارسون صمتا مريبا ويقفون موقف المتفرج على ما يجري- هو بمثابت التمهيد وإعداد الأرض لعودة الاستعمار الإيطالي لليبيا من جديد، مبددين بذلك تضحيات آبائهم وأجدادهم وأجيال تلتهم طالما حلمت ببناء وطن اسمه ليبيا، يوفر الأمن والأمان وسبل الاستقرار والتنمية لأبنائه خاصة بعد اكتشاف النفط والغاز، الذي حوله الليبيون بتصرفاتهم الرعناء هذه من نعمة إلى نقمة ستعيدهم تحت الاستعمار من جديد.
كم سيكلفنا ايها السادة هذا العبث بأمننا ومستقبل ابنائنا؟ .
فيما العالم يتوجه الى الفضاء للبحث عن كواكب تصلح للحياة ليهاجر لها أبناءه بعد عقود، نفشل نحن في إدارة حياتنا على قطعة من الارض شاسعة تفيض بالخيرات التي تكفينا وتزيد عن حاجتنا !! أي كوميديا سوداء نعيشها ؟ هل يعقل أيها السادة بعد أن كنا فرضنا على إيطاليا تعويضنا عن فترة الاستعمار السوداء، في بادرة هي الثانية من نوعها في العالم أقضت مضاجع الدول الاستعمارية، هل يعقل بعد كل ذلك نعمل وبأيدينا اليوم على إعادتها لاستعمارنا من جديد؟!!
أيها السادة، قادة المليشيات والجماعات المسلحة والقبائل والعرقيات وجمهوريات المدن والجهويات، لابد لنا اليوم من وقفة جادة وقراءة معمقة لهذه التصريحات وتفهم ابعادها ومعانيها حتى لا تقع الكارثة التي لن تفلح عنترياتكم وخردة سلاح القذافي التي أعمت بصائركم، في وقفها أو تفادي تبعاتها التي قد تستمر عقودا وتدينكم أمام الأجيال بالجهل والتفريط في مكاسب غالية مقابل أوهام قوة لاوجود لها على ارض الواقع ولا تحقق اي مكسب لأي طرف.. وهنا لا يفوتني أن اشير إلى أن لا ينبغي لنا أن نعول على ما يوصف بالحكومة والدولة الليبية التي هي في واقع الأمر لا تزيد عن كونها واجهة لشرعية لا وجود لها على الارض ولا تتجاوز صلاحياتها حدود إدارة الأزمة بما يحول دون تبلور حالة وعي حقيقي لدى الشعب يطيح بالمؤامرة التي تدفع لها البلاد، وذلك من خلال دفع الرشاوى وتشويش الرؤية عبر مليارات تبدد كرواتب لوظائف معظمها وهمية تسهم في تخدير رؤيتنا للواقع المريع الذي نُدفع له، وتحيدنا عن ممارسة دورنا الحقيقي في تصحيح المسار الذي تم تغييره ليدفع بنا إلى هاوية الاندثار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حديث ذو شجون!!!
فهد لعنزي ـ السعودية ( 2013 / 11 / 9 - 05:31 )
اثبتت الاحداث التي تلت الثورات في كل من تونس وليبيا ومصر وما تجري الآن في سوريا بان التدخلات الاجنبية وفي مقدمتها التدخل القطري والسعودي والمال المبذول لشراء ذمم الاعراب والمتاسلمين في الدول المذكورة هو لاجهاد الثورات التحررية للتاكيد بان العرب ليسوا اهلا للديموقراطية والحكم الديكتاتوري هو الامثل كي لا تنتفض الشعوب التي ترزح تحت نير الاستعباد كـ الشعب السعودي وشعوب دول الخليج لان ما يجري في ليبيا ونونس ومصر يشير بوضوح بان الثورات التي سرقت من صانعيها بواسطة المتاسلمين بان حكم بن علي والقذافي وحسني مبارك بل والطاغية صدام وبالرغم من قهره الا انه كان ضمانة للامن والاستقرار الداخلي.الشعوب التي لا زالت تجكم بمن في القبور غير جديرة بالحرية شئنا ام ابينا وما يجري في ليبيا والعراق وتونس ومصر لا يحتاج الى دراسات لتحليله. الديموقراطية في عرف العرب المتاسلمين هو الوصول الى كرسي الحكم باي ثمن ولو كان الثمن التنازل عن المبادئ حتى يتم التمكين. ونقول جنت على نفسها براقش عندما انتخبت احزاب اسلامية التي تؤمن بـ فقه الضرورات تبيج المحظورات اي التحالف حتى مع اسرائيل اذا اقتضت الضرورة. هل يستعيد الشعب رش


2 - شكر
محمد عبعوب ( 2013 / 11 / 9 - 08:46 )
نقدر عاليا مرورك سيد فهد وتعليقك على المقال، ونشاطرك الرؤية خاصة فيما يتعلق بحرص تحالف الاقطاع والاسر المالكة في شبه الجزيرة العربية التي تستولت على مقدرات الارض وتسوس الناس كما القطيع، حرصها على ان لا تنتقل عدوى الانتفاضات اليها وذلك بشيطنة هذه الانتفاضات وتحييدها عن مسارها الصحيح وتحويلها الى عبث وفتنة ترسخ الخوف في نفوس أهلنا في شبه الجزيرة من سلوك طريق الانتفاضة وتغيير واقعهم، وتدفعهم للالتصاق أكثر بهذه الاسر التي تنهب مقدراتهم، ذلك أخذا بالمثل القائل العمش ولا العمى. من السابق للأوان الحديث اليوم عن ديمقراطية متكاملة في هذا الوطن الموبوء بثقافة حكم الإقطاع او دكتاتوريات العسكر، ذلك أن الديمقراطية تربية وتراكم لا يمكن تحقيقها بقرار، والمعركة اليوم هي معركة المثقفين والطليعة المتنورة التي يجب ان تبدا في زرع قيم الديمقراطية والحوار بين مكونات المجتمع وتعمل على ترسيح هذه المفاهيم في الوعي الجمعي لتفادي العنف وما قد يجره علينا من عودة الاستعمار من جديد..

اخر الافلام

.. مصر تنفي التراجع عن دعم دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام مح


.. هيئة البث الإسرائيلية: نقل 300 طن من المساعدات إلى قطاع غزة




.. حزب الله اللبناني.. أسلحة جديدة على خط التصعيد | #الظهيرة


.. هيئة بحرية بريطانية: إصابة ناقلة نفط بصاروخ قبالة سواحل اليم




.. حزب الله يعلن استهداف تجمع لجنود إسرائيليين في محيط ثكنة برا