الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خدمة الديون بين الاندماج و الخصوصية - الجزء الخامس

أشواق عباس

2005 / 6 / 3
الادارة و الاقتصاد


المعونات و المساعدات ... الوجه الأخر للقروض .
برز بعد الحرب العالمية الثانية جانب مهم في العلاقات الدولية اسمه المعونات و المساعدات و بالتالي ظهرت مصطلحات مرافقة له مثل الدول المانحة و الدول المتلقية . أي انقسم العالم إلى يد عليا تعطي و تمنح و يد سفلى تطلب و تتلقى .
و لكن السؤال الذي يطرح نفسه و بعد مرور ما يزيد عن نصف قرن من المستفيد و ما هو العائد ؟ .
لقد انتهى الاعتقاد السائد بان المساعدات و المعونات شكل من أشكال الكرم الدولي المنزه عن الغرض ، أما أولئك الذين ما يزالون حتى اليوم يتعلقون بوجهة النظر هذه يواجهون قرائن واضحة عن دور المساعدات كسلاح للسياسة الخارجية للدول التي توهبها .
فقد اعترف اقتصادي كبير سابق بوكالة الولايات المتحدة الأميركية للتنمية الدولية و هو البروفسور ه . ب شينيري ، بأن (المساعدات الاقتصادية هي إحدى أدوات السياسة الخارجية التي تستخدم لمنع الظروف السياسية و الاقتصادية مكن التدهور في البلدان التي يكون الحفاظ فيها على الحكومات القائمة فيها ذا قيمة لنا ) .
و من هنا نستطيع أن نفسر لماذا منحت الولايات المتحدة الأميركية فيتنام قدرا من المساعدات أكبر من أي بلد أخر فيما سبق ، و هذه ليست حالة شاذة إنها تظهر و ببساطة و بأسلوب بغيض للغاية الأهداف التي يمكن أن تستغل بها المساعدات .
الافتراض الأساسي كان إن البلدان الامبريالية تساعد العالم الثالث على التنمية ، إلا أن الحقيقة هي ان هذه المساعدات كانت على النقيض تماما ، فتلك المعونات كانت تصيب التنمية في العالم الثالث بالعجز و تشوهها من خلال الاستقلال .
إذا في المساعدات الحالة واضحة جدا و لاسيما تلك المربوطة باستيراد بضائع لا تتحمل المنافسة في الأسواق العالمية ( كما في حالة الولايات المتحدة ) و البضائع المقيدة هذه التي تمولها المساعدات هي عادة أكثر كلفة بكثير من تلك التي يمكن شراؤها من مكان أخر .
و تمول المساعدات أيضا جزئيا الأرباح و الفوائد التي يعاد إخراجها بكميات متزايدة من العالم الثالث ، فلقد توسع في أسواق ما وراء البحار بالنسبة لمنتجات الشركات الخاصة للقوى الاستعمارية و التي يمكن استعمالها للاطمئنان على انجاز تسهيلات مثل الطرق و الموانئ و معاهد التدريب الذاتي و تجنيد مصادر الثروة الذاتية في العالم الثالث لمثل تلك المشروعات . و هكذا تجعل من عمليات تلك الشركات أكثر ربحية .
لذا إن دراسة المساعدات يجب أن تبدأ من فحص أكثر أمانة للواقع و إننا نعتقد الآن أن وجود المساعدات يمكن أن يفسر فقط على انه محاولة للحفاظ على النظام الرأسمالي في العالم الثالث و المساعدات ليست أداة فعالة على وجه الخصوص للوصول إلى هذا الغرض . و من هنا يأتي اضمحلالها الحالي ، أما عن دور المساعدات العام كمحافظ على النظام الرأسمالي فيمكننا تبرير ذلك بان المساعدات هنا يمكن أن تعمل بطرق أكثر التواء و تعقيدا من كونها مجرد رشوة أو إتاوة لتحلية جرعة الاستغلال. فقد يمكن استخدامها لبناء نظم اجتماعية أو اقتصادية تعتبر قابلة للاستمرار و مقاومة للتغيير الثوري .
و كان منحها في بعض الأحيان مشروطا بتبني إصلاحات معينة داخل بلدان العالم الثالث و بالذات في مجال الضرائب و التعليم .
و الهدف من ذلك طبعا تشتيت الظروف الثورية الكامنة ، كما يمكن أن تستخدم المساعدات أيضا في محاولة إضافة شروط خاصة لضمان تحسين سير عمل الأنظمة الحاكمة كمحاولات البنك الدولي للإنشاء و التعمير و التنمية IBRD و صندوق النقد الدولي IMF ووكالة الولايات المتحدة للتنمية الدولية AID لاستخدام المساعدات في احد الأغراض السابقة .
إذا نستطيع القول بان المساعدات لم تكن أبدا انتقالا غير مشروط للمصادر المالية، بل بشكل دائم تستخدم الشروط المربوطة بالمساعدات عن عمد بوضوح و بطريقة مباشرة في خدمة مصالح الحكومات التي تمنحها .
فالمساعدات التي يمنحها البنك الدولي لا تقدم ( طبقا لمذكرة داخلية غير منشورة عن سياسة البنك ) للبلدان التي تؤمم المصالح المملوكة لأجانب بدون تعويض ، أو التي لا تدفع أو التي توجد عليها مطالبات من قبل مستثمرين أجانب ، بل و يطلب البنك من هذه الدول أن تسوي أوضاعها ، فالمساعدات تقدم عموما للبلدان التي ينظر إلى سياساتها و انتماءاتها الداخلية و السياسية الخارجية و معاملتها للاستثمار الأجنبي الخاص و سجل سدادها للديون و سياساتها التصديرية ، ينظر إليها على أنها مرغوب فيها أو انه توجد احتمالات كامنة لكونها مرغوبا فيها أو على الأقل مقبولة من البلدان أو المؤسسات التي تمنح المساعدات . و على ألا يبدو منها ما يدل على انه قد يشكل تهديدا لمصالح البلدان أو المؤسسات التي تمنح المساعدات .
و قد بررت في بعض الأحيان بعض الشروط المربوطة بالمساعدات بحجة الحاجة إلى تشجيع التنمية الاقتصادية في البلدان الأقل نموا . إذ يجادل مؤيدو المساعدات بان تشجيع التنمية الاقتصادية في البلدان المتخلفة هو من مصلحة البلدان المتقدمة وذلك على المدى الطويل ، لذلك فعلى تلك البلدان أن تضمن حدوث التنمية . أما الهدف من حدوث تلك التنمية فيمكن أن يفسر بطرق مختلفة إذ من المحتمل تماما أن بعض أنواع التنمية في البلدان الأكثر فقرا قد تفيد البلدان الأكثر غنى أو على الأقل تتواءم مع مصالحها . من المعتقد أن موضوع المساعدات سيستمر على قدر من التشويش و الاضطراب حول الأهداف .
و لكن حتى و لو افترضنا أن الاهتمام الأول لمانحي المساعدات هو إحداث تحسن في المستويات العامة للمعيشة ، فما زال يمكن أن يقال أن الدول المتطورة يجب أن تبذل بعض الجهود لضمان أن المصادر التي حولتها ساهمت فعليا في رخاء البلدان النامية و لم تحول مثلا إلى حسابات في البنوك السويسرية .
فالمعونات تعتبر بشكل أو بأخر هي الوجه الأخر للقروض .. و قد طبق هذا المبدأ في بعض الأحيان بطريقة شاذة .
فقد استخدم في بعض الأحيان على سبيل المثال لتبرير منح المساعدات على شكل قروض و ليس على شكل منح بدعوى الحاجة إلى تشجيع الانضباط المالي في البلدان النامية . و بالمثل من خبرة في تقديم المساعدات لتغطية التكاليف المباشرة من النقد الأجنبي فقط للمشاريع .
على انه نظرا إلى استخدام المبدأ بطريقة أكثر قبولا في أسلوب ربط المساعدات بمشاريع معينة جرى التفاوض و الموافقة على اختيارها و تصميمها في البلدان المتقدمة كوسيلة لضمان استخدام مرض للمصادر . و لو انه أيضا في حالة مشاركة دولتين في المنح توفر وسيلة لضمان أن المساعدات ستشجع التصدير الإضافي من الواهبين ، و تمكنهما من اختيار مشاريع ظاهرة تعتبر دعاية واضحة لهما ، و في وقت قريب كانت هناك أهمية متزايدة لفكرة أن الدول المتقدمة و المؤسسات الدولية يجب أن تستعمل سلطتها في حجب أو زيادة المساعدات كوسيلة للتأثير على السياسات الاقتصادية العامة للبلدان النامية في اتجاهات معينة و تهتم هذه الدراسة بتلك الفكرة و تطبيقاتها .
يتبع ...........








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتدام المنافسة بين المحافظين والإصلاحي الوحيد في الانتخابات


.. تحديات أمام الانتخابات الرئاسية الإيرانية في ظل منافسة كبيرة




.. بعد زيادة عيار 21.. سعر الذهب اليوم السبت 15-6-2024 في الصاغ


.. شركة صينية تطلق تطبيق ذكاء اصطناعي لمنافسة ChatGPT




.. كل الزوايا - ايه الفرق في الاستثمار الغير مباشر والاستدانة؟