الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا

سعيد بودبوز

2013 / 11 / 9
الادب والفن


حتى وأنت فاقد الشكل، تملك عدة صفات. تمتطي كما هائلا من التجليات..يمكن أن تأتي بالشمس من المغرب، حين تبدو ربا. أو تحمل الشرق إلى الغرب، حين تصير عفريتا. أو تنشر التقوى بين الناس، حين تصبح نبيا. أو يزهد فيك الأطفال، حين تمسي دمية. أو تسكر الملوك، حين يعصرونك خمرا، وهم لا يشعرون. أذكر حين خطرت على بال المجتمع أستاذا، فظن زملائي أنك ظاهرة موضوعية، قوامها الأصالة والمعاصرة. أذكر درسك الأول في مادة النحو، وإعراب البشر.
تسرج ذاتك، وهي سريعة كالبراق، تمشي على أربعة أوهام، إلى هذا الموضوع. تجمعنا على قلب واحد، وتفرقنا في عدة عقول، حتى قيل أنك من خيرة العمال في تعليب العقول وتصبيرها وتصديرها. حين انتهيت من تشتيت شملنا الورقي، تذكرت أنك تدخن، فأعطيتك علبة من العقل. أشعلت منها سيجارة، وتصاعد وجودك دخانا إلى عنان السماء، فهل خلقت السماء بسجارتك، أم خرقتها لتغرق أهلها؟
كيف أنساك، وأنت الخطأ الواجب، الذي جعلني أتصور أبخس شكل للصواب. أنت الخطيئة التي لو"لا"ها ما انقلب الشر خيرا في توبتي. إذا كان الصراخ جوهرا، فأنت عرضه، بك عرفت أنه سبقنا إلى الوجود...ليل ما عرفني النهار قبله، وما عرفته بعده. كيف أنساك، وأنت الذاكرة الوحيدة التي تباع في أسواقنا هذه..والوحيدة التي اشتريتها لتكون سلة لكناسة الحياة من هذه التجارب؟. ربما كنت من الخالدين في نفسي. وربما كان عقلي يتحرك عبر أفق الدماغ، فيظن رأسي عمامة مسطحة حتى استيقظت أنت، واهتز معمار الفكر لدويك الذي أحدثته في سبيل الله طبعا. فبوجودك تعلم العقل كيف يقفز، حين يصل إليك. وسرعان ما تعلم كيف يطير بي، حين تصبح أنت خندقا أوسع من كل الصدور، تشق النفس إلى ضفتين، ولا تترك الحب يعبرنا.
يكفي، ويزيد، أن نعرف، بمقتضى حقيقتك، أن السير الطبيعي ليس هو الصيغة الوحيدة للتنقل في هذه الطبيعة، وبك نعرف أن الموجود يقود صراعا بين الوجود واللاوجود، فها نحن، معشر الموجودين، على بينة من الخسارة التي يجب قتالها في مزاج هذا القدر. والفضل يعود إليك؛ إلى تجسيدك المتقن لحالة الإفلاس، التي من الممكن أن يتورط فيها الكون ذات مأساة. نعم، أذكر حين تزمهرت عيناك، واحمر وجهك، حتى ظننت الرب خلقك من شواظ من نار، فقلت لي بأعلى الصوت، وكأنك تنفخ في الصور:
ارفع يدك اليمنى، واخفض رأسك اليسرى، واحلف باليمين الغليظة أن "لا" تقول إلا الحق. و"لا" تنكر في سبيل الله، فإن الله "لا" يهدي القوم العاطفيين. اعترف بما تريد، وإن لم يكن جائزا، و اعترف بما "لا" تريد، وإن لم يكن واجبا، فنحن لسنا على النوايا التافهة بوكيل، وما كنا لننفيك ممن لا يجوز أن تكون، إلى ما يجب أن تكون، بما ظل طي الكتمان والحرمان في كهوف نفسك المهجورة، ما لم تطلقه على رعيتنا في هذه الغابة الفلسفية. لقد كناك، ومازلنا.. فلا حاجة لتصديرك إلينا، ولو على سبيل العقاب.
فقلت لك في تلك المحكمة/ المقبرة الموقرين:
أقسم بما أنت عليه من الإيمان، وما نحن فيه من الطغيان، بل أقسم بك ظهر العقل إلى حمقين، إنك لنفي للحكمة بوجودك الحقيقي، كما تنفيك بوجودها الزائف. إنك "لا" النافية للجنس، والناهية عن النوع. ونحن "لا" نرد لك تكفيرا بتفكير، إلا أن ينفلق لك القمر، ويزغرد لأمرك البقر، فتأتينا بتلفيق على تفليق، وبتوفيق "لا" ينفيه تحقيق.
طابت مأساتك

***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عادل إمام: أحب التمثيل جدا وعمرى ما اشتغلت بدراستى فى الهندس


.. حلقة TheStage عن -مختار المخاتير- الممثل ايلي صنيفر الجمعة 8




.. الزعيم عادل إمام: لا يجب أن ينفصل الممثل عن مشاكل المجتمع و


.. الوحيد اللى مثل مع أم كلثوم وليلى مراد وأسمهان.. مفاجآت في ح




.. لقاء مع الناقد السينمائي الكويتي عبد الستار ناجي حول الدورة