الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المطرانان المخطوفان – موسكو و الشيشان و حلب

نضال الربضي

2013 / 11 / 9
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


المطرانان المخطوفان – موسكو و الشيشان و حلب

بولس اليازجي و يوحنا إبراهيم، مطرانان اختطفتهما جماعة شيشانية تقاتل النظام السوري على الأرض السورية. و على الرغم من عدم وجود أي علاقة و الانفصال التام بين كلمات: شيشان، سورية و اختطاف و قتال، في إطارها السوري. إلا أن هذا العصر الغريب العجيب أصبح مثل صندوق العجائب القديم الذي كان يجوب به حامله في الحارات، فتضع عينك أمام ثقب المشاهدة و يحملك الصندوق بعدها إلى عوالم أخرى، الآن نحن نعيش في هذه العوالم الأخرى.

الجماعة الشيشانية التي تقاتل في سوريا، و التي هدفها إنهاء النظام السوري و إقامة الدولة الإسلامية، اختطفت سورين اثنين، غير مقاتلين و لا معادين دينهما المسيحية، ليس لأن لهما علاقة بالثورة السورية، لكن لأن أنها تريد أن تسترجع مقاتلين تحتجزهم روسيا (نعم روسيا و ليس سوريا)، و تريد مبادلتهم بالمطرانين. و مع أن الجماعة ترفع راية الإسلام إلا أنه يبدو أن الآية القرآنية الكريمة التي تقول " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين" لم تجد صدى لها عند الجماعة فبدأت بالعدوان على المطرانين و تستمر فيه لغاية اليوم.

أعتقدت الجماعة الشيشانية أنه ما دام المطرانان مسيحيان و يرأسان طائفتين مسيحيتين فإذا ً لا بد أن روسيا التي هي مركز الأرثوذكسية في العالم لا بد و أن تتحرك و تبادلهما بالغالي و النفيس. هذا الطرح يعكس عدم فهم من قبل الجماعة الشيشانية لمفهوم الدولة الحديث، هذا المفهوم الذي لا يوجد فيه شئ اسمه "الدولة الدينية"، اي أن روسيا ليست دولة مسيحية، و الرئيس الروسي لم يصل إلى الحكم لأنه مؤمن أرثوذكسي، و الكنيسة الروسية لا شأن لها بالحكم و الحكومة الروسية لا شأن لها بالكنيسة، و المطرانان المخطوفان هما سوريان و ليس روسين، و بما أنهما ليسا مواطنين روسين فهما لا يهمان روسيا في شئ لا من قريب و لا من بعيد.

روسيا رفضت الطلب جملة ً و تفصيلا ً و اعتبرت أن مسألة المقاتلين الشيشان هي شأن ٌ يتعلق بالأمن القومي الروسي و لا يمكن المساومة عليه لا من قريب و لا من بعيد. الموقف الروسي لم يتغير منذ حادثة اقتحام المسرح و الذي أنهته القوات الروسية الخاصة مستخدمة ً غازا ً ساما ً قضى على معظم المختطـِفين المهاجمين و أكثر من 129 من المٌختطـَفين الأبرياء. روسيا ترسل رسالة واضحة دائما ً أن ذراع الدب لا يمكن ليها و مخلبه جاهز.

الروس لا يرون أن اعتناق شخص لنفس الدين الذي يعتنقه بعض مواطنيهم يجعل منهم مسؤولين عن هذا الشخص و حتى لو كانوا مسؤولين عنه فإنهم لن يتوانوا في أن يضحوا به من أجل المجموعة و الدولة، و هذه الرؤية شيوعية مادية براغماتية (رأسمالية أيضا ً) لكنها غير مسيحية و دائما ً سياسية و عنيفة.

المهم في الموضوع أن المطرانين ما زالا مختطفين بلا ذنب، و أنهما ينضمان إلى أعداد المفقودين و القتلى و المهجرين و المشردين و المشوهين و الذين فقدوا أعمالهم و بيوتهم و مستقبلهم و حياتهم من أجل صراع ٍ عبثي بين قوى يرى كل منها أنه الحق و أن سواه باطل، نظام ٌ ديكتاتوري يحكم بالحديد و النار، و معارضة انتهازية لو وصلت للحكم ستكون مثل النظام و ربما أسوأ و مقاتلون يحملون راية القاعدة ينشرون الخراب أينما ذهبوا، ثم يطل علينا أحدهم و يقول: ثورة عز و كرامة.

الكرامة عندي هي وطن ٌمستقر و بنية تحتية و مؤسسات و أشغال و أعمال و مدارس و جامعات و مشافي و قيم اجتماعية تعيشها الناس و تحبها و تريدها، و لا شأن للكرامة بالسياسة أو الحكم و شكل النظام. لا أدافع عن النظام السوري لكنه على الأقل كان يستديم دولة ً لم يكن عليها لصندوق النقد الدولي دولار ٌ واحد. هل قلت ُ دولار؟ ربما هذه هي القصة.

لا أملك أن أصنع شيئان للمطرانين المخطوفين فأنا لست سياسيا ً و لا شأن لي بالسياسة، لكني أرفع لله صلاتي مع كل المسيحين و أصحاب الإرادة الصالحة في العالم، لأني أؤمن بوجوده و حكمته، و التي تحتجب ُ بحكم طبيعتها لكننا ما زلنا نرجوها و سنظل نرجوها:

"اقبلنا يا رب من أجل تواضع أرواحنا وانسحاق نفوسنا، و هكذا فلتكن ذبيحتنا أمامك اليوم مرضية ً"، آمين.

الذبيحة هو قلوبنا المنسحقة المليئة بالحب للعالم و الثقة بالله، و لتكن إرادة الله في سوريا الحبيبة و في أخوينا المطرانين.

آمين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - امــــــــــــــــــــــــــــــــــــين
kenan shammas ( 2013 / 11 / 9 - 12:55 )
مقال جميل وصلاة اجمــل ... واضح ان الشــــياشـــنة الخاطفون معتــــدون اثمــــــون عســــى ان يبلعهم الدب الروســـــي ويخلص سوريا والناس الابرياء من شـــــــرورهم الشيشـــانية تحية


2 - المطرانان المخطوفان
شاكر شكور ( 2013 / 11 / 9 - 13:26 )
وفقك الله وبارك فيك يا استاذ نضال ، لقد فعلت شيئ كثير بهذه المقالة الأعلامية لكي لا يموت حق المخطوفين الأبرياء ، المسيحية في ايامنا هذه اصبحت تهمة لدى الأسلاميين لأنهم يكرهون رؤية الصليب وتماثيل الرموز الدينية المسيحية وآخر فديو كان تكسير تمثال السيدة العذراء ، يبدو فعلا ان لكل اسلامي قرين من الجن ، تحياتي ومودتي


3 - أتمنى
محمد بن عبدالله ( 2013 / 11 / 9 - 13:47 )
منذ اليوم الأول وأنا أتابع أخبار الاختطاف بقلق

أتمنى أن يكون المختطفان على قيد الحياة وفي صحة بدنية ونفسية سليمة

أتضامن معك ومع الأستاذ كنعان في (الصلاة) رغم خبرتي في عدم جدواها

هذا غير غريب على الشيشان الوحوش حثالة الجنس البشري...فلا ننسى لهم أيضا قنابل ماراثون بوسطون وعاهرات مسرح موسكو وغيرها العديد من التفجيرات في العمارات السكنية والقطارات..

أخيرا.. ماذا ينتظر بعض المسيحيين الذين انضموا إلى الهوجة وأصبحوا من المتحدثين بأسم (الثورة) لينفضوا أيديهم ويغسلوها من تلك الهمجية الاسلامية التي أججوها بعمى منهم فأدركهم اللهب وأمسكت النار بهم وبدأوا يحترقون؟

اللعنة على كل ثورة في التاريخ البشري وعلى كل داع إليها


4 - إلى الأستاذ كنعان شماس
نضال الربضي ( 2013 / 11 / 9 - 18:09 )
شكرا ً لك أستاذ كنعان،

للأسف الشديد تقوم أمريكا بدعم المقاتلين الشيشان في الخفية و ذلك استكمالا ً للعبتها القذرة التي خلقت فيها القاعدة من إجل هدفين: تدمير المعسكر الشرقي ممثلا ً بقطب موسكو، و السيطرة على نفط بحر قزوين و الآن نفط الشرق الأوسط.

في هذا الصراع الدين هو الوسيلة و ليس الغاية، لكن الوحش أصبح كبيرا ً و امريكا أدارات ضهرها لوحشها و تركته عندنا.

أهلا ً بك.


5 - إلى الأستاذ شاكر
نضال الربضي ( 2013 / 11 / 9 - 18:14 )
تحية لك أستاذ شاكر،

السلفيون يكرهون كل شي ليس سلفيا ً و هم يكرهون بشكل خاص اليهود و الشيعة، أما نحن -النصارى- فَ -جاين بالنص-، و هم يعتقدون أن المسيحي ضيف عندهم في أراضي الإسلام و لذلك على الضيف أن -يجلس بأدب- و يقبل ما يعطيه -مضيفه- و إلا فهو السيف و التهجير.

هؤلاء الناس لا يفهمون أننا أساس الأوطان و أصحاب الأرض و ناقلو الحضارة منذ البداية، لكنه الجهل و التعصب و التطرف.

أصبحت المجتمعات العربية تكره هذا التطرف و إخوتنا المسلمون أنفسهم أصبحوا ينفرون من هؤلاء المجانين و يبتعدون عن دعواتهم، حتى أن الإلحاد أصبح أكثر من أي وقت كان بين شباب المسلمين و هذا بسبب الإخوان المسلمين و السلفين.

السلفيون يحملون في منهجهم بذور تدمير أنفسهم.

أهلا ً بك دائما ً.


6 - إلى الأستاذ محمد بن عبد الله
نضال الربضي ( 2013 / 11 / 9 - 18:24 )
شكرا ً لك أستاذ محمد، و تحية عطرة لك.

تجمعنا الإنسانية قبل أن يجمعنا الدين فالإنسانية أسبق من الدين و أقوى و أشمل و أجمع.

الشيشان هم أشرس مقاتلي القاعدة لأنهم نزعوا من قلوبهم أي رحمة أو إنسانية و الشيشاني المترأس للجماعة يفتخر بأنه يذبح ضحاياه بسكين كالخراف. رأيت وجهه على شاشات التلفاز و أيقنت أن هذا الرجل لا يمكن أن يكون سويا ً عاقلا ً، فهو كما يظهر سكران بالقوة و الوحشية و لا أعتقد أنه قادر على التعامل بلغة المنطق أو العقل.

بالنسبة لانضمام بعض المسيحين لما يسمى بالثورة فهو شئ مؤسف لكن أعدادهم قليلة جدا ً و لا تأثير يذكر لهم. للأسف لا بد من وجود مثل هؤلاء دوما ً في أي مكان و زمان.

لا يوجد حاليا ً ثورات حقيقية لأن الدول كلها مرتبطة بنظام عالمي واحد و اي ثورة لا بد و أن يتم السيطرة عليها و توجيهها من قبل القطب الأوحد و حلفاؤه بما يملكون من أجهزة تجسس و تخطيط و ماكينات إعلامية ضخمة تحرك الرأي العام حيث تريد.

سوريا انتهت للأسف الشديد و لا عودة إلى الوراء الآن، و كذلك العراق و سبقتهما بيروت. عيوننا على مصر لكي تتعافى فهي ما زالت بخير.

دمت بود.

اخر الافلام

.. استطلاع للرأي يتوقع فوز حزب العمال بأغلبية هي الأكبر في تاري


.. نشرة 8 غرينتش | حزب العمال يتقدم في انتخابات بريطانيا... وبا




.. يوصفون بأنهم -يهود من النوع الخطأ-.. يهود حزب العمال البريطا


.. أخبار الصباح | توقعات بفوز ساحق لحزب العمال في بريطانيا..




.. بريطانيا تستعد لتغيير حكومي تاريخي وتوقعات بأن يطيح حزب العم