الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خدمة الديون بين الاندماج و الخصوصية - الجزء السادس

أشواق عباس

2005 / 6 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


و في بعض الأحيان يدعى أيضا انه يمكن الوصول إلى تشجيع السياسات الاقتصادية الفاضل من خلال المحادثات و الحوار بين الحكومات و بين وكالات المساعدات و من خلال التدخل الوثيق لمقدمي المساعدات في اختيار السياسيات للبلدان المتلقية للمساعدات . لكن منح المساعدات لا يجب أن يكون مشروطا باتفاق الطرفين و فكرة الشرطية أو الرافعة كما تسمى ، فكرة أساسية و ربما كامنة في سياسات الوكالات المالية الرئيسية التي تهتم حاليا بالسياسات الاقتصادية العامة للبلدان النامية و تلك هي ( البنك الدولي – صندوق النقد الدولي – وكالة الولايات المتحدة للتنمية ) و هذه المؤسسات الثلاثة سنشير إليها لاحقا بالتفصيل ، منهمكة بشكل عميق في وضع مبادئ العمل العام لاستخدام مصادرها . و الإشكالية أن هذه الوكالات الثلاثة تحظى باحترام كبير في الدول المتقدمة لأنه ليس هناك إلا معرفة ضئيلة بما تقوم به فعليا و ذلك بسبب قلة ما ينشر عنها ، و بين وجهات نظر هذه الوكالات من التنمية و أساليبها في حفز البلدان على إتباعها مثل صندوق النقد الدولي و السبب في ذلك طبعا أن المفاوضات لكي تبني سياساتها تتم في سرية مطلقة لحساسية الموضوع .
لذلك فالافتراض السائد في البلدان المتقدمة أن الروافع أو استخدام المساعدات من اجل التأثير في سياسات الدول النامية هي بطريقة أو بأخرى ضرورية بل و مرغوب فيها و فكرة الروافع لم تناقش كثيرا .
و حتى من وجهة نظر أولئك الذين يتلقونها فان للمساعدات عددا من المساؤى الإضافية ، فمثلا يمكن استخدام المساعدات مباشرة كرشوة للتأكد من تبني إجراءات في العالم الثالث موائمة لمانحي المساعدات و غير موائمة لمتلقيها ، و قد يمكن أن تستخدم عن سبق إصرار أو بدونه في مشروعات تفقر جماهير السكان . و هي في العادة تضيف إلى حمل الديون التي تحملها الدول التي تتلقاها ، و من هنا تزيد تبعيتها و من ناحية أخرى فهي شكل من أشكال الدعم للشركات الدولية يقدمه دافعوا الضرائب في البلدان الامبريالية .
لقد دفع العالم المتقدم للعالم الفقير خلال الثلاثين سنة الماضية مايزيد عن 1400 مليار دولار لكن الفقر خلال نفس السنوات ازداد انتشارا . فما حدث ؟ و أين ذهبت تلك المعونات ؟ ، مع العلم انه في نفس تلك الفترة بلغت مديونية العالم العربي 1200 مليار دولار . أي أن المعونات غطت المديونية بل فاقتها بـ 200 مليون دولار .
يبقى السؤال أين ذهبت أموال المعونات ؟ ، و أين ذهبت أموال القروض و كيف تفاقمت المديونية رغم توازيها مع الحصول على المعونات ؟ .
الهدف المعلن هو رخاء العالم و لكن تحت اسم المعونات تمشي الصفقة ، فمثلا إسرائيل و مصر تحصلان على اكبر المعونات التي تدفعها أمريكا و السبب طبعا المصالح الأميركية في المنطقة أما الجانب الآخر من التل فهم هؤلاء الذين يتلقون العون عبر آلية محفوظة ، أي الخضوع لشروط المانح و حاجته لتحقيق توازن اقتصادي و مالي هو غير موجود دائما ، إلا أن الإشكالية الحقيقية تكمن في أن الجزء الأعظم من المعونات يعود إلى موطنه و قسم كبير يتم إنفاقه على الخبراء و المستشارين الذين تفرضهم الدول المانحة على الدول المتلقية عند إعطائها المنح بالإضافة إلى سلع باهظة الثمن .
إذا إنها تبعية و استعمار من نوع جديد لأنه مقابل العون هناك تسهيلات حربية و تدخل في السياسيات و القرارات و المواقف ، لذا لا بديل عن التنمية الذاتية و الجهد الوطني و قد حان وقت الفطام فلا شئ لوجه الله و إنما كل شئ من اجل المصالح .

المشكلة الكبرى تكمن في أن كثيرا من الحكومات العربية تعرف قيمة العون ، لكنها لا تريد أن تعرف كم تدفع من ثمن . فالعالم الثالث بشكل عام و العرب بشكل خاص بحاجة إلى ثروة اقتصادية و ثورة في المفاهيم ، انه بحاجة إلى أن يصنع نفسه بنفسه لا أن يستورد كل شيء حتى برامج و فلسفة الإصلاح ، و هذا لا يعني طبعا أن المطلوب هو الانعزال عن العالم لكن السؤال الذي يطرح نفسه علينا ، أي قدر من الاندماج و أي قدر من الخصوصية ؟ ، أي قدر من الاعتماد على الذات و أي قدر من الاعتماد على الآخرين ، تلك هي القضية .
فارتفاع رقم المديونية العربية رغم حجم المعونات الكبيرة التي تحصل عليها يترجم بغياب البرامج الوطنية و الإدارة الاقتصادية السليمة .
ففقراء العرب مازالوا يستمرون فباستيراد أنماط الحياة الغربية ، و بالتالي أصبح عليهم أن يدفعوا إضافة إلى ديونهم ثمن تقليدهم للأغنياء ، و بالتالي زادت الديون وزاد اقتراض الدول العربية و النامية .
المعادلة واضحة جدا فهل نقبل بفكرة الاندماج عالميا و نأخذ الروشتة التي تم تجهيزها لنا ، الاستسلام لا يفيد ! .
فالدول الرأسمالية تسعى في إتمام سيطرتها على دولة ما بمنحها أحيانا القروض أو بإعطائها المعونات و المساعدات . فعند دراسة حالة الدولة المدينة تقرر الدول المانحة فيما إذا كانت تبعية هذه الدولة المدينة ستكون أقوى فيما إذا دفعت لها بأموالها على شكل قروض أو على شكل منح و معونات . أي اعتمادا على دراسة واقع الدولة الاقتصادي و المالي و السياسي يتقرر ما إذا كانت الأموال ستصلها قرض يعاد تسديده علنا أو منحة يعاد تسديدها سرا و بشكل غير مباشر .











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. متضامنون مع غزة في أمريكا يتصدون لمحاولة الشرطة فض الاعتصام


.. وسط خلافات متصاعدة.. بن غفير وسموتريتش يهاجمان وزير الدفاع ا




.. احتجاجات الطلاب تغلق جامعة للعلوم السياسية بفرنسا


.. الأمن اللبناني يوقف 7 أشخاص بتهمة اختطاف والاعتداء -المروع-




.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين ينصبون خياما أمام أكبر جامعة في الم