الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مداخلة في اللقاء ال 15 للاحزاب الشيوعية والعمالية العالمية في لشبونة

صلاح عدلى

2013 / 11 / 10
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


مداخلة الحزب في اللقاء ال 15 للاحزاب الشيوعية والعمالية العالمية في لشبونة

الرفاق الأعزاء ممثلو الأحزاب الشيوعية والعمالية العالمية
اسمحوا لي في البداية أن أتوجه بالشكر للحزب الشيوعي البرتغالي على استضافته هذا اللقاء الهام وأن أنقل تحيات رفاقنا في الحزب الشيوعي المصري لأحزابكم على موقفها المساند لثورة الشعب المصري ونضاله ضد الاستبداد والفاشية الدينية والإمبريالية العالمية.
أيها الرفاق .. مرت أربعة أشهر منذ اندلاع ثورة الشعب المصري في 30 يونيو، والتي تعتبر الموجة الثانية الاكثر عمقاً ونضجاً لثورة 25 يناير 2011، حيث قامت لتصحيح المسار الخاطئ لثورة يناير وإزاحة الخطر الأكبر الذي منيت به مصر في تاريخها الحديث، ألا وهو خطر استيلاء اليمين الديني الفاشي بقيادة جماعة الإخوان المسلمين وحلفائها من الجماعات الإرهابية على الحكم، تلك القوى التي تعبر توجهاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية عن مصالح أكثر شرائح الرأسمالية طفيلية وفسادا واستبدادا وفاشية وعنصرية ورجعية، والتي تآمرت لاختطاف ثورة يناير وتهديد الأمن القومي المصري والعربي لصالح مخطط تقوده الولايات المتحدة الأمريكية والصهيونية العالمية، ويجري تنفيذه برعاية قطرية وتركية للسعي لتمكين جماعة الإخوان المسلمين والتيارات الاصولية من السيطرة على مصر والمنطقة وإشعال الحروب الطائفية وتقسيم وتفكيك الدول العربية وتدمير الجيوش الوطنية التي تمثل خطراً محتملا على إسرائيل، وتطويع هذه الجمعيات لخدمة المخططات الامريكية والصهيونية والإمبريالية العالمية واستمرار الاندماج في سياسات العولمة الراسمالية والالتزام بالنهج النيو ليبرالي المرتبط بالاحتكارات العالمية.
وبدون شك فإن نجاح ثورة 30 يونيو التي أسقطت حكم الإخوان وحلفائهم، والتي خرج فيها عشرات الملايين في مظاهرات شعبية سلمية غير مسبوقة وانحياز الجيش لها تنفيذاً للإرادة الشعبية ولإنقاذ البلاد من حرب أهلية وفتنة طائفية، قد مثلت هزيمة كبيرة لهذه المخططات وهذا ما يفسر غضب الولايات المتحدة وحكومات الاتحاد الأوروبي وتعمدهم تشويه الثورة إعلامياً وسياسياً خاصة وإن موقف قيادات الجيش جاء معارضاً للولايات المتحدة لأول مرة منذ أربعين عاماً.
ومما لا شك فيه أيضاً أن إحباط مخطط العدوان العسكري الأمريكي على سوريا وفتح الباب أمام حل سياسي يؤكد على وحدة سوريا وتحقيق إرادة الجماهير في التحول الديمقراطي والاجتماعي قد أدت إلى تعميق هذا الشرخ داخل المعسكر الإمبريالي، وأكد على حقيقة التحولات الإيجابية التي يشهدها العالم بعد سنوات طويلة من الردة والتراجع في العملية الثورية العالمية.. ذلك التحول الذي يعود إلى تعمق الأزمة البنيوية العامة للرأسمالية ووصولها إلى مستويات حرجة بعد أزمة 2008، ونتيجة أيضاً لبداية موجة المد الثوري والتقدمي التي يشهد العالم بوادرها في العديد من مناطق العالم منذ بداية الألفية الثالثة والتي نتوقع تصاعدها بوتيرة سريعة في السنوات والعقود المقبلة.
أيها الرفاق ..
رغم تحفظنا على بعض النقاط في "خارطة المستقبل" التي توافقت عليها القوى الوطنية للمرحلة الانتقالية بعد 30 يونيو، وكذلك على تشكيل الحكومة الانتقالية التي لا نعتبرها حكومة ثورية وإنما هي حكومة تكنوقراط إصلاحية لا تتمتع بالجرأة والمبادرة لتنفيذ المطالب العاجلة لتحقيق أهداف الثورة في هذه المرحلة. إلا أننا نرى أنه ضرورة الاستمرار في تنفيذ خريطة المستقبل ولا يمكن العودة إلى الوراء ولا بد من الضغط الشعبي لتنفيذ هذه المطالب وأهمها:
1- إسقاط مشروع اليمين الديني الفاشي بشكل نهائي، والقضاء على مقاومتهم الإرهابية للثورة، وهذا يقتضي ضرورة اعتبار جماعة الإخوان جماعة إرهابية وحظر نشاطها ونشاط حلفائها ومصادرة ممتلكاتها وأموالها.
2- إصدار دستور مدني ديمقراطي - وهو ما يجري الآن في لجنة الخمسين – والحرص على أن يأتي حاسماً في اتجاه دولة مدنية لا هي دينية ولا هي عسكرية ملتزماً بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية للعمال والفلاحين والكادحين ولحقوق المرأة والاقليات.
3- تحقيق المطالب العاجلة الاقتصادية والاجتماعية للكادحين والفقراء.
4- استكمال إصدار التشريعات التي تتيح حرية تشكيل الأحزاب والنقابات والاتحادات والجمعيات.
5- إنجاز الانتخابات البرلمانية والرئاسية قبل منتصف العام القادم.
وهذه الأهداف لن تتحقق بشكل حاسم إلا من خلال نضال الأحزاب والقوى الاشتراكية الممثلة في "التحالف الديمقراطي الثوري" الذي يضم الاحزاب والقوى الاشتراكية وبعض الحركات والمنظمات التقدمية وأن يسرع هذا هذا التحالف لتشكيل قيادة مشتركة موحدة. وأن يعمل في نفس الوقت لتكوين كتلة شعبية تقدمية من خلال التحالف مع الأحزاب والقوى القومية والناصرية القريبة من مواقع اليسار، على أن تضم هذه الكتلة أيضاً المنظمات والحركات العمالية والشبابية والفلاحية والحركات الاجتماعية التي تتفجر في كل مكان لتشكيل جبهة واسعة ذات توجه وطني ديمقراطي تقدمي لتصحيح الميزان المختل الآن لصالح قوى اليمين في المجتمع، ولكي يستطيع اليسار أن يكون قطباً فاعلاً في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة.
أيها الرفاق ..
إن ثورات وانتفاضات الشعوب العربية وخاصة الثورة المصرية والتونسية قد طرحت العديد من التساؤلات وأثارت العديد من القضايا على بساط البحث النظري والعملي نرى أنه من الضروري الاهتمام بها في أحزابنا الثورية ومراكزنا البحثية.. ولعل أهم هذه القضايا باختصار:
1- إعادة طرح قضية الثورة الوطنية الديمقراطية في الظروف المتغيرة الجديدة من تطور الإمبريالية وفي ضوء التطورات الهائلة التي أتاحتها ثورة الاتصالات والمعلومات، والتطورات التي حدثت على الخريطة الطبقية في الدول النامية وحاجة أحزابنا لاستيعاب الحركات الجديدة في إطار جبهة واسعة للتغيير الاجتماعي والسياسي الجذري.. وضرورة إدراك أن ما يحدث في مصر الآن سوف تكون له انعكاسات على منطقة الشرق الأوسط وامتدادها الأوروبي بالتأكيد.
2- حدود الديمقراطية البرجوازية بشكل عام، وفي بلداننا حيث يسود الاستبداد والتبعية والتخلف بشكل خاص، ومدى صحة النظرة التي يقع العديد من أحزابنا اسرى لها، ألا وهي تقديس الصناديق الانتخابية وعدم الاعتراف إلا بها كشكل وحيد للتعبير عن الإرادة الشعبية وخاصة في فترات التحول الثوري والفترات الانتقالية، وهذا يفتح الباب أمام حاجتنا الملحة لإبداع اشكال جديدة لديمقراطية المشاركة الاجتماعية.. خاصة عند حدوث تناقضات واضحة بين أهداف ومطالب الثورات وما تتمخض عنه نتائج الانتخابات من نتائج عكسية بسبب الآليات التقليدية للعملية الانتخابية وسيطرة قوى اليمين وسطوة المال عليها.
3- دور ومهام الأحزاب الشيوعية والعمالية في مواجهة الأثر الهائل لسطوة وسائل الإعلام وفضح الميديا الاحتكارية العالمية التي تستطيع تشويه الحقائق وشن حروب إعلامية ضد ثورات وانتفاضات الشعوب التي تقف ضد مصالح الامبريالية واستخدامها لإقناع الرأي العام العالمي بنتائج مخالفة لما يحدث على أرض الواقع. وقد عانت الثورة المصرية من هيمنة هذه الصورة الإعلامية من خلال قنوات الجزيرة الـ CNN والـ BBC وفرنسا 24 وغيرها. إن هذه الحرب الإعلامية لها تأثير هائل في تضليل الشعوب وعزل الثورات والانتفاضات، والذي يكون له تاثير سياسي ومعنوي سلبي.
4- قضية ضرورة تجديد الفكر النظري والسياسي الماركسي وأهمية الانطلاق من الواقع العيني الملموس والابتعاد عن التحليلات النمطية والقوالب الجامدة المحفوظة، وإدراك التغيرات التي حدثت في المائة عام الأخيرة، ومن جانب آخر ضرورة احترام خبرات ونضالات القوى الثورية المحلية والتعامل بروح نقدية ثورية من أجل استيعاب الدروس والنجاحات وكذلك التعلم من أخطاء هذه التجارب الحية بشكل رفاقي.
وأخيراً أيها الرفاق .. وكذلك نحن نرى أن السنوات والعقود القريبة القادمة سوف تشهد تغيرات كبرى في اتجاه انتصار نضال الشعوب ضد الإمبريالية العالمية، وأن الخيار الاشتراكي سيثبت وجوده باعتباره البديل الوحيد القادر على مواجهة الكوارث التي تسببها الرأسمالية العالمية وهو الذي يستطيع تحقيق العولمة البديلة الإنسانية والديمقراطية من أجل عالم جديد خال من الاستغلال والقهر والحروب والفقر .. عالم جدير بإنسان القرن الحادي والعشرين.
ـــــــــــــــــ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السيد صلاح عدلي
فؤاد النمري ( 2016 / 2 / 11 - 11:10 )
لفت نظري خطابكم في اجتماع الأحزاب الشيوعية في لشبونة وتوقفت عند مطالبتكم
- تجديد الفكر النظري والسياسي الماركسي وأهمية الانطلاق من الواقع العيني الملموس والابتعاد عن التحليلات النمطية والقوالب الجامدة المحفوظة، وإدراك التغيرات التي حدثت في المائة عام الأخيرة،
كارل ماركس وضع نظرية التطور الاجتماعي كما وصفها فردريك إلجلز
بالتسليم بهذه الحقيقة يتوجب على الشيوعيين والماركسيين تفسير كل تطور اجتماعي جديد وفق أحكام النظرية الماركسية وإلا توجب التسليم بنقص في النظرية كما يبدو أنك تسلم به
لذلك أطالبك ومن ورائك حزبك أن تحددوا النقص في النظرية الماركسية أو أن تفسروا التطورات الاجتماعية الحديثة
وبغير هذا وذاك عليكم أن تعلنوا عجزكم في الاستمرار بأن تظلوا شيوعيين

أنا فسرت التطورات بعد بداية النصف الثاني من القرن العشرين وحددت طريق الوصول إلى الشيوعية في (المانيفيستو الشيوعي اليوم) المنشور في الحوار المتمدن في 25 أغسطس الماضي
تحياتي

اخر الافلام

.. الشرطة الأميركية تعتقل متظاهرين مؤيدين لفلسطين وتفكك مخيما ت


.. -قد تكون فيتنام بايدن-.. بيرني ساندرز يعلق على احتجاجات جام




.. الشرطة الفرنسية تعتدي على متظاهرين متضامنين مع الفلسطينيين ف


.. شاهد لحظة مقاطعة متظاهرين مؤيدون للفلسطينيين حفل تخرج في جام




.. كلمات أحمد الزفزافي و محمد الساسي وسميرة بوحية في المهرجان ا