الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الغني يكولوله بالعافية وللفقير جبته منين

نوري جاسم المياحي

2013 / 11 / 11
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بعض الاحيان يسرح الانسان في التفكير ..تتلاطمه امواج من الافكار والتساؤلات المتسارعة والمتضاربة ..منها المعقول ومنها المجنون ..واعقدها الاسئلة الحائرة التي لايجد لها جواب حاسم وجازم ..ومنها مثلا ..لم انا فقير ( وكما يقول المثل ..اركض والعشا خباز ) والاخر غني وزنكين وينطبق علينا المثل القائل (للزنكين يكولوله بالعافيه وللفقير يكولوله جبت هذا امنين)...
واتساءل ايضا لم كتبت علي انا (المحسوب مثقف وحامل شهادة )التعاسة والعذاب ...وعلى ذاك الغبي والارعن الجاهل (وربما مزور شهادته ان كانت عنده اصلا شهادة ) يرفل بالفلوس وبالجاه والنعيم والسعادة ..اليس من حقي ان اسأل ... لم ولد فلان ابن فلتانه وفي فمه ملعقة من ذهب وانا كتب علي الركض والتعب والجوع والفقر طيلة عمري .. ومثل ما كال المثل (سبع صنايع والبخت ضايع )..وملايين الاسئلة تتراقص وتمر بسرعة الومض ولا تجد لها الاجابة وتبقى حائرا متعبا من التفكير ..
عمري تجاوز السبعين ولم اجد اجابة للسؤال البسيط التالي (المنحوس منحوس حتى لو حطو براسه فانوس ) وجمالة من عندي عمامة حمرة ومحابس شذر وسبحة سندلوس .. يبقى منحوس ..
انا لا ابحث عن اجابة من احد ..لان الكثيرين منكم يعانون نفس ما اعاني ..وربما يحاول البعض التبرع للاجابة اما لاكتساب الثواب بسببي واما ليثبت لنفسه وللاخرين انه مطلع وملم بعلم الاولين والاخرين .. واما ليناقش من اجل المناقشة والسفسطة ..واما لكونه جاهل ومغرور ولايدري انه جاهل وبقرارة نفسه يعتقد انه منبع العلم والمعرفة ..
ومن الاسئلة التي سالت نفسي عنها ..عندما استذكر سيرة الاباء والاجداد والامهات والجدات ... كيف كانو اميين لا يقرؤون ولا يكتبون (الا ما ندر منهم ) ومع هذا كانوا يتسلحون بسلاح الحكمة والموعظة الحسنة والاخلاق الرائعة والتربية السليمة ...ربونا وعلمونا وهم في معايير اليوم يحسبون جهلة واميين ..
فهم لم يتكلموا بلغة العرب الفصحى التي نجيدها اليوم ولكنهم يحفظون الشعر والقصائد العصماء ..ام القرأن فكانوا يحفظونه عن ظهر قلب ..وانما كانوا يرطنون بلهجة عامية جلفية شعبية وبلا رياء او نفاق ..ولو تكلم احدنا بها اليوم لوقف شباب اليوم كالمسطولين لايفهمون عما نتكلم ..اليست هذه مفارقة غريبة وتلفت النظر؟؟
اليوم يتباهى الناس بشهاداتهم العليا وبعلومهم الراقية ( والتي لايشكك بها عاقل ) ولكن للاسف لا احد يقرأ او يسمع او يلبي النداءات التي يرددها وينادي بها هؤلاء المثقفون وحملة الشهادات العليا ..فمالذي جرى للناس يا ترى ؟؟
عندما استرجع الماضي ..تنتصب امامي الاف الامثال الشعبية التي قالها اناس بسطاء وبعفوية وعلى السجية ولايحملون شهادة الدكتوراه او الماجستير وبقيت اقوالهم خالدة يتناقلها الناس جيل بعد جيل ..كلها حكم ودروس وعبر ..
انني اخشى ان تندثر الامثلة ياندثار جيلنا وجيل من يعرف اللهجات العامية ..
لو وقفنا قليلا عند كل مثل قيل .. تجده درس تعليمي لمنحى من مناحي الحياة ..في الاخلاق مثلا ..كالصدق والامانة والغيرة والحمية والوفاء وكل تفرعات مصطلح الاخلاق .. كما تنطبق على الوطنية والسياسة والاقتصاد والغلسفة ..وحتى في الحب والعشق والقلوب الحائرة ..مثل ( اللي خلف ما مات ) (اشتري ولاتبيع ) (جدر الشراكه مايفور) (لو جريت جري الوحوش غير رزقك ما تحوش )( لكل داء دواء يستطب به إلا الحماقة أعيت من يداويها )( من شاف احبابه نسى اصحابة )( الذهب زينه وخزينه)( ما لقو بالورد عيب قالو خده احمر)( الشبعان يثرد للجوعان احروف وهذا المثل ينطبق اليوم على ساستنا الكرام )
انا اتساءل ..الا تعتقدون معي ان شعبنا كان افضل ايام زمان كبشر وكعراقيين عندما كانوا بسطاء واميين ويتكلمون باللهجة العامية ( الجلفية )الدارجة ..اليس كانوا افضل من الان ؟؟.. قياسا لحال الشعب ومعاناته اليوم ؟؟
..ويحضرني الان مشهد وهوسة اهلنا في الجنوب ( الطوب اقوى لو مكواري في ثورة العشرين الشعبية ) ..وانتصروا على الانكليز
ويحضرني اليوم مقارنة بين ما كانت تردده ايام زمان جماهير المشاركين في مواكب عزاء عاشوراء الحسينية ..وهم مستغلين المناسبة للتعبير عن مظلوميتهم ضد تقصير الحكومات القائمة انذاك ..ولو قارنا بين مظلومية الامس ومظلومية اليوم لشعرنا بالفرق الواسع بين جماهير الامس الثورية وجماهير اليوم المخدرة والخانعة ولوجدنا جماهير الامس الامية اكثر ثورية ووعي وشجاعة للمطالبة بحقوقها .. ولاتشتري الطائفية بزبانة سيكارة بل تحتقرها ..ويحتقرون كل طائفي وطائفية مذهبية او دينية او قومية ..وتسودهم الروح الاخوية ..والرحمة الانسانية والتمسك بالوحدة والعزة الوطنية ..
ومن المفارقات التي دعتني لمناقشة هذا الواقع المؤلم ..الفارق الهائل بين عراقيين وعراقيين وكلهم عراقيون ويتشاركون بوطن واحد ..مما ينطبق عليه المثل الشعبي العراقي ( ناس تاكل دجاج وناس تتلكه العجاج ) ..هذا المثل ..قانون شعبي اقتصادي في التوزيع الطبقي للناس في المجتمع العراقي ..
فهو يقسم المجتمع الى طبقة الاغنياء التي تاكل الدجاج ( ايام زمان كان الدجاج يعتبر غالي ولا ياكله الا الاغنياء ..بينما الفقراء فكانوا معدمين ويعملون اما اجراء او يالسخرة سواء كفلاحين عند الاقطاعي او عامل اجير ..) وفي كل الاحوال كان المسكين ياكل فضلات الطعام ويمصمص عظام الدجاج التي يرميها له الاغنياء .. ( وطبيعي هذا المثل مجازي يرمز للبطر على اكلة الدجاج بالذات )
الفقير كان يكد ويكدح ويتحمل العجاج ( وهو الاتربة التي تتطاير مع الريح اقناء العمل الشاق وتسبب الاختناق ولاسيما للمصابين بضيق التنفس والربو وايضا لان طبيعة العراق صحراوي مترب ) ..لكي يربي الدجاج الذي ياكله الغني
واليوم هذا الفارق الطبقي اصبح واضح جدا ولاسيما بعد الاحتلال .. لقد تسلمت امور البلاد مجموعة من مصاصي دماء الشعب وبلا هوادة او خجل ..اناس نفعيين انتهازيين جشعين وحرامية لاهم لهم الا بطونهم وجيوبهم .. وكلما تزداد واردات الوطن هم يزدادون جشعا وتبذيرا واذلالا للمواطن ..واحتقارا وابتلاعا لحقوقه في الثروة الوطنية ..
ففي الوقت الذي نرى الاغنياء الجدد يقضون كل اوقاتهم في فنادق العالم ذات السبعة نجوم نجد المواطن العراقي يعيش في فنادق الفقر وبلا سقوف كي يتمتع برؤية السماء وكل النجوم بلا حاجز او تعب ومجانا ..وتراه يقتل بالشوارع بالمفخخات وكاتمات الصوت ..ويوميا وبالجملة
وفي الوقت الذي يصرف المسؤول الحكومي الغني والبطران والفاشل عشرات ملايين الدولارات لتجفيت بواسيره ..ونجد الفقير لايمتلك ثمن التحميلة او عصارة مسكن لبواسيره ..علما ان ثلاثة ارباع الشعب العراقي عندهم بواسير منتفخة ومؤلمة بامتياز ..بسبب انواع الاكل الخشنة التي يتناولها والتي تسبب القبوضية وتحويل العصائر البطنية والمعوية اللينة الى صخر جلمود .. ومثل حصو النباعي المشهور ..
ومن هذه الامثلة المحزنة كما يقال ويشاع الكثير ..يقال ان احد السياسيين الاغنياء الجدد ...اجرى لزوجته في لندن عملية تضييق المهبل ..ورقع لها غشاء بكارتها ..لكي يتمتع بليلة دخلة مثيرة تذكره يليلة دخلته الاولى وبايام الفقر (الفكر ) ..اليس هذا الواقع مؤلم ومحزن ومثير للغضب ..ولكن للاسف شعبنا اصبح مثقف ولايتكلم باللهجة العامية ,,فتخدر ونام ,, لان الثورة تحتاج الى شعب امي بسيط ويحجي باللهجة العامية ..لكي ينتفض ..
واسمحوا لي احجي شوية بالجلفي ..اكيد لهسة ما عرفتو ليش الاكراد يريدون الانفصال ..حتى يحجون كردي والمصالوة يريدون الاقليم حتى يحجون مصلاوي وحتى اهل الانبار يريدون اقليم حتى تكون لهجة البادية اللهجة الرسمية لجمهورية انبارستان ....واهل الجنوب يريدون اللهجة الشروكية لتكون اللغة الرسمية لجمهورية مظلومستان ..
وما بقي غير بس اهل بغداد المساكين من امثالي ..احنا ضيعنا كل المشيات ..لا احنا كرد على وجه ولااحنا مصالوة على وجه ولا صحراوين وبدو ولا حتى حجي الشروك نتذكره وينطبق علينا المثل القائل ( بين حانة ومانة ضيعنا لحانا )...ما تشوفونا احنا الوحيدين اللي بقينا مجلبين بوحدة العراق ارضا وشعبا ومياها ..( عفنا العنب ونريد بس سلتنا ) بربكم شلون زمن اغبر ؟؟؟
الله ينتقم من كل اعوج ...
اللهم احفظ العراق واهله اينما حلو او ارتحلوا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فريق تركي ينجح في صناعة طائرات مسيرة لأغراض مدنية | #مراسلو_


.. انتخابات الرئاسة الأميركية..في انتظار مناظرة بايدن وترامب ال




.. المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين يزور إسرائيل لتجنب التصعيد مع


.. صاروخ استطلاع يستهدف مدنيين في رفح




.. ما أبرز ما تناولته الصحف العالمية بشأن الحرب في قطاع غزة؟