الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا الفرنسية فضحت قبح نعم المصرية

هويدا طه

2005 / 6 / 4
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


يحق لكم بالطبع.. استهجان مجرد المقارنة.. بين الاستفتاء المصري والاستفتاء الفرنسي! فهذه مقارنة تضع على مستوى واحد.. الحكومة المصرية والحكومة الفرنسية! حسني مبارك وجاك شيراك! زعماء الأحزاب المصريين وزعماء الأحزاب الفرنسيين! أحمد نظيف ورافاران! وهذا عيب! وإهانة للفرنسيين لا يغفرها المنطق لمرتكبها، فهي مقارنة لا تتناسب وأبجديات الأشياء! أن يرتكب أحدهم خطئاً معيبا كهذا.. يعني أنه قد لا يعرف الفرق بين.. حكومة (ترجع إلى) شعبها في استفتاء على أمر يخصه.. ثم تخضع له، وحكومة (تسوق) شعبها إلى استفتاء.. ثم تضربه وتهتك عرضه! أن يقارن أحدهم بين سلوك النظام المصري والنظام الفرنسي.. يعني أنه- عن عمد أو عن غفلة- يخلط الحابل بالنابل.. أو أنه لم يسمع بالعبارة الشهيرة لشارل ديغول.. عندما أراد بعضهم أن يتعامل معه رأسا برأس وكتفا بكتف، وهو ديغول.. الذي قاد فرنسا بكرامة ضد الاحتلال:" حاذروا.. أن تتخطوا المسافة بيني وبينكم"!
لكن.. من باب التعبير عن حسرة مصرية.. قد يجوز عقد المقارنة!.. مع الاحتفاظ للحكومة الفرنسية بمقامها.. حكومة تستحق الاحترام و.. رفع القبعة لها.. مقابل حكومة تستحق.. رفع ال.. عليها!
أيام أسبوع واحد.. تلك التي ضمت الاستفتاء المصري والانتخابات اللبنانية والاستفتاء الفرنسي، كانت الفضائيات العربية يوم الاستفتاء الفرنسي.. مشغولة طوال النهار ببثٍ مباشر للمرحلة الأولى من الانتخابات اللبنانية.. معروفة النتائج مسبقا! فقد فاز بالتزكية تسع نواب من أصل تسعة عشر نائبا عن منطقة بيروت.. قبل الاقتراع! ومع ذلك كانت تلك الانتخابات بالنسبة للفضائيات العربية.. فرصة سانحة.. لملء ساعات البث بشيء ممل مفتعل.. لا يثير الجدل ولا العداوات بين حكومات عربية.. تتعنتر على بعضها البعض بسبب خبر أو آخر.. ينقله تليفزيون إحداها عن الأخرى! نوع من إيثار طريق السلامة.. سلكته الفضائيات العربية.. فلبنان ربما يكون أقل تشنجا إذا نقلت الأخبار عن انتخاباته.. بينما نهار الاستفتاء المصري.. قبل ذلك بأيام قلائل.. على ما حمله ذلك الاستفتاء للعالم من مادة للفرجة.. ظل (الحياء) ملازما للفضائيات العربية.. تحوطا من (ردح) الحكومة المصرية! الذي تهدد به الفضائيات العربية.. بمنهجية بلطجية عالية الدرجة! وجميع الفضائيات العربية بلا استثناء.. خضعت لهذا الابتزاز من حكومة البلطجية المصرية!
وفي آخر نهار التغطية المكثفة المملة للانتخابات اللبنانية.. رضخت الفضائيات العربية أخيرا لحدث ٍ.. اهتمت به معظم إن لم يكن كل أرجاء الدنيا.. نتيجة الاستفتاء الفرنسي، حيث قال الفرنسيون (لا) للدستور المقترح للاتحاد الأوروبي، ورأينا على شاشات التليفزيون مشهدا رهيبا.. الفرنسيون في الشارع يحتفلون بانتصارهم على حكومتهم! لا شرطة تضربهم.. ولا بلطجية يتحرشون بالفرنسيات.. ولا مسئول فرنسي يشبه- من قريب أو بعيد- تلك (المخلوقات) المصرية المسيئة لسمعة مصر.. من أمثال.. صفوت الشريف خبير الردح الاستراتيجي.. وهذا المتعجرف التخين أبو عدة كروش متناثرة في أنحاء جسده.. كمال الشاذلي! ثم رأينا جاك شيراك يخرج على الفرنسيين بخطابه.. يعلن فيه عن (حزنه) لعدم اتفاق رأيه مع رأي الشعب الفرنسي! ولا يُعرف على وجه التحديد بالنسبة لمواطن مصري.. هل هذا (الريس) الفرنسي.. ريس طبيعي؟! يعني.. هذا الريس الفرنسي.. صحيح حزين؟! بس كده؟.. حزين؟! وليه حزين.. لعدم موافقة الشعب الفرنسي على رأيه؟! وما هذا (الأدب) الذي يعلن به حزنه! عجيبة.. إذا كان ده ريس.. وده ريس.. نبقى احنا فين؟! انقلب حال الحكومة الفرنسية رأسا على عقب.. وزارة تتغير.. وأحزاب ترتبك.. وحاجات كتير.. دنيا تانية! فقط لأن الشعب الفرنسي استاء من (تقديرات) حكومته ورئيسه بشأن الدستور الأوروبي.. فقال (لا) في الاستفتاء عليه.. ثم احتفل بالنتيجة في الشارع.. وبعدين.. وبكل ثقة وأريحية.. روّح نام! ليترك حكومة ورئيسا وأحزابا.. تضرب أخماسا في أسداس.. تحاول أن تفعل شيئا لإرضاء هذا الشعب العجيب!
ربما بعد ما شاهدناه.. من انتخابات الفرنسيين.. واستفتاءاتهم.. واحتفالاتهم الأنيقة بالانتصار على الحكومة.. وبعد ما شاهدناه من رئيس فرنسا (الحزين)!.. ينبغي علينا أن نعدل مطالبنا.. ينبغي علينا أن نتحكم قليلا في هذا.. الجموح.. الذي أبحنا به لأنفسنا أن نحلم بهذه التي يسمونها ديمقراطية.. فلنتواضع ونلامس أرض الواقع قليلا.. همه فين.. واحنا فين.. دعونا فقط نحلم بشيء يمكن تسميته (ما قبل ديمقراطية) شيء مثلا يجعل أحفادنا بعد خمسة قرون.. يحظون برئيس (يحزن).. فقط يحزن.. إذا لم يتفق معه هؤلاء الأحفاد في الرأي!.. أما الآن.. وبعد استفتاء هتك الأعراض.. فلنحلم فقط بممارسة دعاية انتخابية (مؤدبة) مثل دعايات الفرنسيين! فمن تابع منكم دعاية الحكومة الفرنسية للدستور الأوروبي.. قبل استفتاء الشعب الفرنسي عليه.. قد يؤجل حلم الديمقراطية لأحفاد أحفاده! كان المتحمسون لهذا الدستور من المسئولين الفرنسيين.. يحاولون إقناع شعبهم العنيد.. بأدب بالغ.. بأن ذلك الدستور لصالحه! والشعب قال لا.. برضه.. بأدب بالغ! بينما إلى الجنوب من فرنسا.. في مصر.. يروى أنه في أحد الانتخابات النيابية.. قال أحد المرشحين الأغنياء المتنفذين.. مهددا جمعا من الجمهور:" أبقى ابن دايرتكم.. وتنتخبوا غيري يا جرابيع؟".. فهتف مساعده متوعدا الجمهور:" حتنتخبوا مين؟".. يقول الراوي أن بعضا من الجمهور أجاب.. حننتخبك..... يا ابن الدايرة!!










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في الضفة الغربية المحتلة: سياسة إسرائيلية ممنهجة لجعل حياة ا


.. إسرائيل تصادر أكبر مساحة من الأراضي الفلسطينية منذ اتفاقيات




.. مشاركة كبيرة متوقعة في الانتخابات التشريعية البريطانية


.. غزة.. أطفال شردهم القصف الإسرائيلي ونازحون ينزحون من جديد




.. ماذا قدم حزب المحافظين للبريطانيين وما مصيره؟