الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وتريات الحب والحرب : رواية 44

حبيب هنا

2013 / 11 / 12
الادب والفن


- 44 -
خلال ذهابهما، خليل والرجل، إلى النفق، كان الثاني يعمل على تبسيط الأمور للأول : قبل أن نصل إلى المكان بالسيارة، سنتوقف عند أحد البيوت ونترجل منها ونكمل الطريق سيراً على الأقدام زيادة في الحيطة والحذر . عليك برباطة الجأش والتماسك والمحافظة على نفس الروح التي عرفتك فيها والتي أوصلتك إلى باب النفق بإصرار غير عادي، كأن غزة تشتاق إلى الأيدي النظيفة الناعمة التي تضمد جراحها . المسافة من هنا إلى باب النفق لا تبعد كثيراً ولكنها مرهقة تستحق أخذ الاحتياطات اللازمة من الإصرار والتصميم . ما يستغرقه الوقت لا يتجاوز العشرين دقيقة، ومع ذلك، ينبغي أن تكون مهيأ لكل الاحتمالات .
كان الرجل يتحدث وفي ذهنه تهيئة خليل نفسياً حتى إذا ما وصل باب النفق ورأى ارتفاع المسافة الفاصلة بين فوهة النفق والأرض التي يسير عليها في الداخل، أن لا يتردد في النزول، ثم أن ارتفاع النفق لا يتجاوز المتر الأمر الذي سيكون على ضوئه مضطراً إلى السير على أربعته كما تفعل الحيوانات حتى يتمكن من الوصول بأسرع ما يكون وتحمل آلام الظهر التي من الممكن أن تصيبه إذا كان يعاني منه من قبل .
سار اثناهما وفي ذهن خليل المحافظة على التماسك المطلق حتى لا يمس كبريائه أمام الرجل مهما كانت المشاق . ولم يخطر بباله أن يكون النفق على الوجه الذي اكتشفه عند الوصول إليه والتعرف عليه عن قرب .
وعندما رآه، أوشكت معدته على الاضطراب وإفراغ ما فيها، وأخذت أفكاره تدور مكانها مثل عقارب الساعة المعطوبة . نظر الرجل إليه وهو يقول :
- هل قررت التوقف ؟
- لا، سأصل إلى نهاية الأمر . ليس هناك مجال للتراجع .
لم يكن يجرؤ على التوقف احتراماً لكبرياء اللحظة التي طلب فيها العودة إلى غزة عبر الأنفاق، فضلاً عن أن العودة لن تدوم مدى الحياة، والألم الناتج عن السير على الأربع لن يجعله يفقد الصواب .
ولكن فجأة، خطر له فكرة : ماذا لو لم يستطع الصمود إلى النهاية ؟ أخذ يفكر في تالا التي تنتظر عودته بفارغ الصبر، بموعد الزفاف الذي لم يتبق له سوى يومين . أخذ يفكر بأنه فخور بالعودة بهذه الطريقة دفاعاً عن حبه وعدم التسليم بالأمر الواقع الذي يفرضه الاحتلال على مختلف قطاعات شعبنا، وأن هذه العودة هي أحد أوجه مقاومة الاحتلال بغض النظر عن شكلها والغرض منها، فارتاح قليلاً وآثر الوصول إلى النهاية .
وكان الرجل ما يزال يرقب اختلاجات الوجه ويحاول سبرها بانتظار قول الكلمة الأخيرة . ولما لم يقل شيئاً سأله :
- ماذا قررت ؟
- واصل حتى النهاية، كي نتحرر من أصفادنا .
- هذا ما كنت أتوقعه منك ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??


.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??




.. فيلم -لا غزة تعيش بالأمل- رشيد مشهراوي مع منى الشاذلي


.. لحظة إغماء بنت ونيس فى عزاء والدتها.. الفنانة ريم أحمد تسقط




.. بالدموع .. بنت ونيس الفنانة ريم أحمد تستقبل عزاء والدتها وأش