الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طريق بيتي

برهان المفتي

2013 / 11 / 13
الادب والفن


مدينة مملة، أبوابها متشابهة، الأبواب كلها باللون نفسه والشكل. رائحة غريبة تملأ شوارع المدينة التي يتكلم ناسها في الأغلب بلغة الإشارة، يلبسون الثياب نفسها، بلون واحد، هو اللالون.. هو لون الضجر .
الوجوه زجاجية، الحركات تصدر أصوات خوف في المدينة، بعض الشوارع مزدحمة، بعضها لا شيء فيها غير أبواب بيوت على طرفي شارع ضيق، الناس يمرون حولي دون أي تحية أو كلام، أنظر جيداً، الشوارع أيضاً تتحرك نحوي، أنتبه، لحظة، لا الأمر مختلف تماماً، أنا أسير إلى الناس، كل شيء ساكن هنا حتى الوقت الذي لا لون له، نعم للوقت لون، الفجر أصفر ذهبي، لمنتصف النهار لون الحياة، للمغرب لون جمرة تحتضر ، والليل عباءة حميمة، أما هنا، لون واحد يدل على الحيرة حتى في الإنتماء للحياة. أنا أسير والكل ساكن، على جدران البيوت لوحات زجاجية أنيقة رتيبة مكررة، حتى لوحات هذه المدينة مملة لا لون فيها، مدينة كثيرة الأوامر والشعارات، لا تفعل...لا تجلس...لا تأكل...راقب...أحذر...وكأن هذه المدينة تخاف من هجوم مباغت وهي في حالة الإنذار الأقصى لمواجهة العدو. كل العيون تراقب الجميع..لا...لا..لا..مدينة لا حرية فيها.
أين باب بيتي؟؟ نعم حين دخلت هذه المدينة أخبروني أنني سأحصل على بيت هنا، لا يهم، فكما قلت الأبواب نفسها ، ليس مثل مدننا نعرف الناس من أبواب بيوتهم..أين بيتي، إلى أين أذهب؟
هذه المدينة لا خصوصية فيها، نزعوا عني ملابسي كلها بعد أن تشاور ثلاثة بينهم، أعتقد هم ضباط تدقيق الدخول إلى هذه المدينة،ربما أعتبروني لاجئاً غير مرغوب أو لا أحمل ترخيص دخول، وبعد التشاور كنت عارياً بين أيديهم ! لا... الأمر لم يصل إلى حالة إغتصاب جسدي رغم إغتصاب خصوصيتي ، والتمدد على بطني وعلى ظهري. الشيء الغريب أنهم أصروا على أن يحلقوا الشعر ما بين فخذي وما علي صدري، ولم يفعلوا شيئاً في رأسي الأصلع البارد، ثم جاء أثنان ، أحدهم مسك بذراعي والثاني وضع ختماً عليها، مع هدية من سائل اصفر أصرّ أن أشربه، ربما ليكفروا عن ما فعلوه مع خصوصيتي الضائعة، نادوا على سيارة لتأخذني إلى بيتي. سيارة هذه المدينة رياضية ومكشوفة، لا أسوقها أنا ، بل هناك من يسوقها ولكني لا أراه، فسائق هذه السيارة يكون خلف الراكب حتى يتمتع الراكب برؤية الطريق إلى بيته.
بعد منعطفات متشابهة، مكررة، والمرور على لوحات عبور عديدة، تقف سيارتي على باب اعتقد أنه بيتي...يفتح الباب أثنان بملابس متشابهة، رائحة البيت نفاذة غريبة، أسمع رجلاً يقف في منتصف صالة البيت...يقول " الصالة جاهزة للعملية ...ضعوا المريض على السرير هنا"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1


.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا




.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية


.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال




.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي