الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحركة الأمازيغية في مفترق الطرق : الهوية السياسية (1)

خميس بتكمنت

2013 / 11 / 13
مواضيع وابحاث سياسية



إتسم خطاب الحركة الامازيغية بسمة التصحيحي و التنويري منذ بزوغه كإفراز حتمي لسياسات تعريبية ممنهجة هادفة لطمس الهوية الامازيغية للأرض و الإنسان الأمازيغيين عبر توالي سياسات تعريبية قائمة على مبدأ إقصاء أصل المدلول الهوياتي الأمازيغي و تعويضه ببديل دخيل يتناسب مع الشرعية السياسية للانظمة السياسية التي أقيمت على مبدأ العروبة قبل الإسلام بإستغلال طابع قدسية الدين لتسطيره كحائط صد منيع ضد أي نقد لشرعياتها الوهمية ، ذلك ما أدى إلى تسخير النظام المخزني لمجموعة من الميكانيزمات الاداتية لإنجاح مشروعه السياسي و لعل أهمها تثبيت عروبة الدولة في الوثيقة الدستورية و تكريس مبدأ أعربة المؤسسات بالتلازم مع تصوير كل ما يتعلق بالأمازيغية كشيطان سياسي مهدد للوحدة بإستحضار نظرية المؤامرة تارة و في تارة أخرى محاولة إضفاء طابع الدخالة و العمالة على أي خطاب يستمد شرعيته من هوية الأرض و المجال بالإستناد للمعطيات التاريخية و النواتج الإثنوثقافية الامازيغية المتجذرة في النسق المجتمعي الأمازيغي ، و من هذا المنطلق كانت شرعية الحركة الامازيغية هي شرعية الثابت الهوياتي للشعب على خلاف شرعية الدولة العروبية المبنية على متحولات الإنعكاسات الناتجة عن سياسة التعريب ، ذلك يعني ان البعد الثابت للخطاب الامازيغي مضمون بإستمرارية الشعب في الوجود و هو رهين بمعاناة الإنسان و مساسه المستمر في لغته و ثقافته و أرضه فكلما كان هنالك امازيغي مدهور الحق و ممسوس الكرامة كلما كان الخطاب الامازيغي حاضرا بجل اطيافه رغم إختلافه في الوسائل الاداتية لمن يرى أن الحل الناجع هو العمل من داخل دهاليز الدولة للضغط من اجل تغيير السياسات الممنهجة من الداخل و هنالك من يرى أن لا مناص من توحيد الصفوف و التوحد خارج مؤسسات الدولة لجعل الضغط شعبيا و الإتخاذ من الشارع ورقة ضغط على النسق السياسي للمخزن و من هنا تبدو متجلية قوة الحركة الأمازيغية التي لم يستطع النظام المخزني إحتواءها بالكامل فكلما تم إحتواء و إلحاق مجموعة إلى داخل مؤسسته تظهر قوة جديدة راديكالية تجابه آلية الإحتواء و تضمن إستمرارية قوة الخط الراديكالي القائم على ضرورة الإستناد للأمازيغية كشرعية سياسية للدولة عكس التيار الإصلاحي الذي يجعل منها مادة مضافة نوعية في إستراتيجية الدولة التي يظل هرمها الوظيفي عروبيا بإمتياز .
1_ التيار الإصلاحي الأمازيغي : نسقه و هدفه الإستراتيجي .
بزغ أفول التيار الإصلاحي بعد تغيير الدولة المخزنية لشرطها التعاملي تجاه القضية الامازيغية و إنتقالها من مرحلة التضييق المطلق على الامازيغية إلى الإنفتاح الملغوم بعدما فشلت كل مقارباتها القمعية في إسكات الصوت الامازيغي فإعتمدت على مقاربة الإحتواء لتمييل بعض الاطراف لجانبها لتظهر في موقف المدافع المقتنع بأبعاد القضية الامازيغية ، إلا ان الملاحظ هو تغييب أية إرادة حقيقية للإستجابة الفورية لمطالب الحركة التي تتطلب كشرط إستباقي التوافق على الشرط الديمقراطي المتجلي في الرجوع إلى صوت الشعب كمرجعية ديمقراطية تستوجب الإقرار بالخطوات الديمقراطية في إستصدار الدساتير بالإستناد للشرط التوافقي ( التوافق الشعبي على الدستور و إعتبار الشعب مرجعية دستورية و تأسيس هيأة شعبية تصوغ الدستور و ليس تنزيل الوثيقة الدستورية بشكل عمودي ينظر من خلالها للشعب كمتلقي في الوقت الذي يستلزم النظر إليه كأصل لأي نص يخص التوافق الدستوري ) ، و هنا تم تجنيد اطياف إرتأت للعمل كأداة مسخرة من طرف الدولة تقوم بترويج طرح النظام السياسي و تعتبره كأسمى إفراز سياسي و إعتمدت الدولة في آلية الإحتواء لمجموعة من الاساليب التدجينية أهمها الإغداق بالهبات و المناصب و إشراك المحتوين في الريع المتفشي و إقتسامهم للكعكة السياسية مقابل اداء الدور التطبيلي الذي يزكي اي طرح مخزني و يجتهد لإيجاد تبريرات تغليطية للخطوات المخزنية و لعل خير مثال على ذلك تهافت هذا التيار على مدح الترسيم الممنوح للامازيغية في دستور فاتح يوليوز 2011 دون إعطاء قسمة للظروف و الحيثيات التي جاء فيها و المتسمة بغياب التوافق الشعبي و تنزيله كقَدَر سياسي لا يناقش ، و هنا يتجلى دور التيار في تفسير الإستبداد و محاولة إضفاء الوداعة عليه دون الإكتراث للشرط الديمقراطي القاضي بضرورة بإعتبار الشعب مرجعية سياسية و دستورية و ليس اداة متلقية للاوامر الفوقية .
إن التيار الإصلاحي الأمازيغي أغفل أو بالأحرى إستغفل الإقتناع أن معاناة الشعب الأمازيغي هي إفراز موضوعي لأسس الإستبداد السياسي الذي ينظر للأصل دخيلا و للدخيل مرجعية سياسية للدولة ، و أعتقد ان هذا التيار لا يتجاوز دور الملوح الضرير في عهد إمارة المأمون العباسي الذين كانوا يلوحون بأياديهم لأي موكب خيول تصهل ظانين أنه موكب المأمون بن هارون الرشيد .
إن الوضع الذي تعيشه الامازيغية الآن هو بلا شك ناتج حتمي لتوالي السياسات الهادفة لطمس الذاكرة الشعبية الامازيغية لتسهيل إنسلاخ الشعب عن اصله بتزوير تاريخه و إضفاء طابع الفلكلرة على ثقافته و تصويره لغته كمعيق لأي تقدم ، لذلك فإن أي محاولة رد الإعتبار للأمازيغية لتتبوأ مكانتها هو ضرورة الإقتناع أن الأمازيغية همشت بقرار سياسي و لن يتوقف التهميش إلا بالنضال الجذري لإستئصال الاسس السياسية التي إنبنت عليها السياسات التهميشية و أولها العمل على إقرار أمازيغية الدولة الديمقراطية بالإستناد للإرادة الشعبية مدخلا و غاية في اي خطوة للديمقراطية و اول ذلك هو إسقاط الدستور الممنوح كشرط اولي لتظهر الدولةحسن نيتها للإنتقال الجاد للمناخ الديمقراطي الممارس ، و على هذا الأساس يبقى الدور الإصلاحي الامازيغي سلبيا بالاساس بإعتباره يعيق الإنتقال للديمقراطية التي يتوخاها الشعب ، بإقتصاره على تبرير ما هو قائم و تلطيف صورة القهر و تنميقه بمكياج سياسي يرتكز على التطبيل للخطوات المخزنية و إعتبارها قطعا مع سياسات الماضي و ذلك غير صحيح قطعا ، فالإنسان الامازيغي لا يزال مستهدفا في كينونته و لا تزال أرضه تنهب بقوانين إستعمارية و لا يزال محروما من ثروته الطبيعية بل يتم تفقيره وسط ثروة محيطه ( نموذج إيميضر ) ، و لا تزال الامازيغية مقيدة في المنظومة التربوية التي تكرس الأصل الفرنكو_تعريبي للمدرسة المغربية ، و لا تزال الأسماء الامازيغية مقيدة في كنانيش الحالة المدنية التي لا تسمح إلا بتسميات الرافد و الوافد الدخيلين و لا تزال الأمازيغية مادة إستئناسية في الإعلام الرسمي بتخصيص فقرات فلكلورية كان الامازيغية لوحة فنية لأحيدوس و أحواش فقط ، بينما تعمل القناة المستحدثة على تكريس بُعد تقزيمي يظهر لغير الملمين بحيثيات القضية الامازيغية و التشعبات المحيطة بها كأن الشعب الامازيغي خليط غير متجانس و ان الشعب الامازيغي كيان غير متماسك يستحيل توحده بتغييب متعمد لتراكمات التعريب و التعامل مع الوضع بالآنية .
هنا يتمظهر النسق الإصلاحي في كونه حلقة مرتبطة بسياسة الدولة التي تحاول تغيير كل شيء كي لا يتغير أي شيء من خلال التركيز على الاشواط الشكلية دون الإستناد إلى البعد الأصيل و الأصلي للامازيغية في الهوية الدولياتية ، فالنضال الرئيسي يجب ان يأخذ بجد هموم الشعب و تطلعاته و معاناته تحت منظومة سياسية تنظر إليه من زاوية المتبوع و المرفوق السياسي و ليس المرجع السياسي لأية شرعية ديمقراطية محتملة ، فالمرحلة تقتضي النضال من اجل الإنسان الذي سُلب منه الوطن و ليس للوطن الذي لا يعطي قيمة للإنسان إلا من زاوية الغنيمة الإنتخابية و رقم في المعادلة الإقتصادية من خلال إغراقه بالضرائب للرفع من رقم الميزانية التي لا تخصص إلا لتفقيره مستقبليا لتطويعه إجتماعيا و إخضاعه سياسيا بجعل الإكتفاء المطبخي أهم أهدافه بعد تجهيل مدرسي و تفقير مدروس و تهجير إن إقتضى الحال بالترامي على اراضيه و إستنزاف الخيرات بدعوى حفظ الثوابت الوطنية مع العلم أن اسمى ثابت كوني هو تقديس إنسية الفرد ليصبح ذو دور إيجابي في جماعته ، و لن يتأتى ذلك بالفعل من زاوية إصلاحية التي تعالج العوائق الظاهرية و تعمق إنغراز المستعصيات الشرطية أهمها تغييب إقران الممارسة الديمقراطية بالامازيغية لأن ذلك يشكل خطرا على شرعية الدولة المبنية على العروبة و التبعية للشرق إيديولوجيا و لفرنسا و قوى اخرى سياسيا بالعودة للإفرازات الناتجة عن إيكس ليبان .
_ الهدف الإستراتيجي للتيار الإصلاحي الامازيغي
لا يختلف الهدف الإستراتيجي لإيمازيغن المنظوين تحت مظلة المخزن عن الهدف الإستراتيجي للمؤسسة السياسية المخزنية بكل مؤسساتها فهو يعمل على ضمان إستقرار الوضع الآني الذي يغيب الممارسة الديمقراطية التي تقتضي أجرأة فورية تضع الامازيغية بكل أبعادها مرجعا للهوية السياسية للدولة بتوافق شعبي يتمخض عنه إعلان دستوري ديمقراطي إذ لا مجال للخوض في نقاش سياسي عقيم يناقش دمقرطة المؤسسات و يُغَيِّب إسناد الحكم للشعب ، و هو من خلال كل ما سبق (التيار الإصلاحي ) يقوم بالدور الذي عجزت الاحزاب و النقابات عن القيام به لأنه يحاول فرض الوصاية على الشعب الامازيغي وفق الخريطة المرسومة من النظام المخزني و ليس من خلال تطلعات الشعب ، أي يقوم بعمل العرقلة المتواصلة للإنتقال للحكم الديمقراطي وفق اجندة سياسية تكرس البعد الاحادي في إستصدار القرارات السياسية .
و على سبيل ختم هذا الجزء الأول ، وجب التأكيد أن خدمة القضية الامازيغية غير مقتصرة قطعا بتعليق العلم الامازيغي فوق منصة معينة أو إصدار منشورات معهد معين أسندت له صفة الإستشارية ، او بث برامج إعلامية تعنى بالأمازيغية التي يتم تصويرها كرافد نمطي و ليس أصل للهوية المجالية و السياسية للدولة ، فرغم الإيجابيات الشكلية التي يقدمها التيار الإصلاحي إلا أنها تبقى سيفا مسلطا على رغبة الشعب في معانقة الديمقراطية و الإنعتاق من الهيمنة العروبية لسياسات الدولة ، فذلك يوحي للرأي العام الخارجي أن هنالك تغير ملحوظ للكيفية التعاملية للدولة تجاه الامازيغية و هو امر مغلوط بالبت و القطع مادام الامازيغية مغيبة من التأصيل الديمقراطي الممارس ( دسترتها في دستور ديمقراطي شكلا و مضمونا ) و مستهدفة بقرارات سياسية تحاول تشتيت وحدوية تماسك الشعب الامازيغي عبر تكريس سياسات لا تأخذ الامازيغية كوحدة جامعة بقدر ما تنظر إليها كتهديد للنسق السياسي القائم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا جاء في تصريحات ماكرون وجينبينغ بعد لقاءهما في باريس؟


.. كيف سيغير الذكاء الاصطناعي طرق خوض الحروب وكيف تستفيد الجيوش




.. مفاجأة.. الحرب العالمية الثالثة بدأت من دون أن ندري | #خط_وا


.. بعد موافقة حماس على اتفاق وقف إطلاق النار.. كيف سيكون الرد ا




.. مؤتمر صحفي للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري| #عاج