الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعد فشل الاحزاب ما العمل ؟

ابوزياد الورفلي

2013 / 11 / 14
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية



حتى الأمس القريب كانت أحلام الناس وأمالها هو الحصول على احزاب "مثل العالم والناس" , واحد المثالب التي أخذت على نظام ألقذافي وتمت محاربته بسببها هو منعه الأحزاب وتجريمه للمتحزبين بل وحتى تخوينهم " من تحزب خان" .
سقط نظام ألقذافي ومحرماته التي سادت لعقود من الزمن وتفجرت هستيريا إنشاء الأحزاب أو الانضمام لما تم الإعلان عنه منها في حمى يسودها التضليل لشعب مخدوع , تم تمجيد الأحزاب بشكل لم يكن موجود مسبقا بالبلد وكان الناس يظنون إن الديمقراطية تتحقق بمجرد إنشاء أحزاب والاحتفاء بها بل ان الحصول على بطاقة حزبية أصبح شرفا لا يوازيه شرف عبر كل الأزمنة , أصبح الحديث عن فعاليات وأنشطة هذا الحزب أو ذاك يحظى باهتمام النخب الجديدة التي تتحدث عن المجتمع المدني وعن دولة القانون وعن التنمية المستدامة والبشرية والمكانية وقبل كل شئ تتحدث عن حقوق الإنسان , تحظى كل هذه الانشطة للفئات الحزبية الجديدة برعاية ميليشيات تقتل على الهوية وتسرق المال العام والخاص وتمتلك سجون سرية يتم فيها ابشع انواع التعذيب المادي والمعنوي وفي نفس الوقت تقوم بدعم الأحزاب وحمايتها والدعاية لها بل وتملك حتى شيوخ للدين لكي يباركوا ويمجدوا ويشرعنوا ما تقوم به .
لم يكن هناك بنى تنظيمية ولااطر فكرية "تنظيرية" للعمل الحزبي في ليبيا منذ وجودها إذ منعها إدريس السنوسي قبل أن يمنعها ألقذافي , التجاء الناس للعمل الحزبي السري تحت الارض وفي المنافي وهو بطبيعة الحال يمنع ويحجب النمو الطبيعي للأحزاب وتطورها , أصبح عمل الأحزاب لا يختلف عن عمل المخابرات لانه سري وتامري بشكل لا لبس فيه وهو مانراه اليوم متجسدا في الأحزاب التي تتصدر المشهد وتلك التي في صفوف الانتظار , لم يتخلى أي من الأحزاب الناشئة بعد ثورة فبراير عن مفهومه التلقليدي للسلطة والذي يعتمد على " الغلبة" أي القوة بكل تجلياتها المادية " الميليشيات" و"المال" والمعنوية من خلال تضخيم الدور النضالي التاريخي لأصحاب هذه الأحزاب " التشاركيات" وصناعة بطولات من أحداث تافهة واعتبارها أعمال بطولية خارقة لم يسبق لاحد ان قام بها ..
لم يتطلب ألامر الكثير من الوقت فبعد حوالي سنة من أنتخاب المؤتمر الوطني العام باحزابه الكبيرة والصغيرة , انكشف تلهفها وسعيها للسلطة وممارستها للأساليب البالية في العمل السياسي المبني على الخداع والتضليل من خلال وعود زائفة انتجت مزيدا من الارباك والتشظي في المجتمع المنقسم على نفسه اصلا نتيجة الحرب وتبعاتها .
أصبح الضرب تحت الحزام بين الأحزاب المتصدرة للمشهد , والاتهامات جاهزة , بل تعدى الأمر ذلك للاغتيال الجسدي والمعنوي للخصوم والمزايدات الرخيصة والميتذلة من هذا الطرف او ذاك . اصبح الناس/الشعب مقتنعين بان الأحزاب الموجودة اليوم قد ضحكت عليهم وخدعتهم لأنها لم تمثلهم بشكل صحيح , وفي واقع الحال فان الأحزاب لم تخدع أحدا ولكنها فقط مارست أساليبها المعتمدة للوصول للسلطة باي طريقة وباي ثمن لانه ليس هناك وظيفة للحزب سوى الوصول للسلطة وهو امر مفهوم .
تحاول الأحزاب والجماعات الدينية عادة احتكار السلطة في هذه الدنيا الفانية, واحتكارالفوز بالجنة في الاخرة الخالدة ورفض كل من ليس معهم بل والتاكيد على ان مصيره جهنم وبيئس المصير, لاتتورع هذه التنظيمات العقائدية عن استخدام كل الطرق واستغلال كل الإمكانيات لتحقيق أهدافها في الوصول للسلطة. رغم كل هذه الادعاءات التي انطلت على كثير من الناس بعض الوقت ولكنها لم تصمد إمام موجة العنف, والقتل, والتهجير, والتعذيب, والاغتيالات, والخطف التي تتهم بعض التنظيمات الدينية المتطرفة بارتكابها ومع ذلك لم نسمع بان الأحزاب الدينية الرئيسية و"المعتدلة" قد ادانت او استهجنت مثل هذه الجرائم وهو مايثير علامات الاستفاهم لمن مازالوا مقتنعين بدور هذه الأحزاب وميليشياتها . اكتشف الناس الامر واصبحت الصرخات تتعالى منادية بحل هذه الأحزاب وطردها من مؤسسات صناعة القرار وإيجاد بدائل أفضل لتمثيل الشعب .
لايتوقف هذا الازدراء على الأحزاب الدينية فقط , بل حتى تلك التي تدعي الحداثة والتقدم و"انسنة" السلطة يوصفها شان الناس, أي ما يعرف الأحزاب العلمانية أو اللائكية الليبرالية أو بمعنى أكثر شمولا الأحزاب غير الدينية , فهي ايضا تحظى بنصيبها من الرفض المجتمعي نتيجة لفشلها في بلورة رؤية واضحة, واهداف محددة, واليات عملية قابلة للتنقيذ , والاهم من كل ذلك افتقارها للقيادات الحقيقية التي تستطيع كسب الأنصار وإقناعها بمشروعها .
في ظل هذه الفوضى ارتبك الناس ورفضوا كل الأحزاب ونعتوها بكل الأوصاف, بل ان بعض قيادات فبراير وصفوا الأحزاب والمتحزبين بالعبارة الشهيرة من تحزب خان .
إذا كانت الأحزاب الدينية وغير الدينية , ليست دستورية, وليست شرعية, وتمثل مجموعة ممن ربطتهم مصالح مشتركة , بل ان بعضها يمكننا ان نسميها احزاب "عائلية" لانها تضم الأبناء والأصهار والأقارب قد فشلت في اختبارات السنة الاولى ولم يعد احدا يريد وجودها .

اذا ما العمل....؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. - الغاء القوانين المقيدة للحريات ... آولوية -


.. أليكسي فاسيلييف يشرح علاقة الاتحاد السوفييتي مع الدول العربي




.. تضامناً مع غزة.. اشتباكات بين الشرطة الألمانية وطلاب متظاهري


.. طلبة محتجون في نيويورك يغلقون أكبر شوارع المدينة تضامنا مع غ




.. Peace Treaties - To Your Left: Palestine | معاهدات السلام -