الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ومضات ثقافية ..2013 م

أماني فؤاد

2013 / 11 / 15
الادب والفن




عادة ما يبحث الإنسان عن بريق أمل فى واقع لا يدعو للأمال العريضة ، فمنذ بداية عام 2013 م ومع توالى أحداثة الهامة : السياسية الثورية ، والاقتصادية ، وتوالى إبداعاته الفنية التي يبدو بعضها متميزا، أشعر أن هناك طقساً مختلفاً، أجواءاً مغايرة لتيار فكرى وفنى ساد لفترة تزيد على الأربعين عام ، توجه سمـﱠ-;-اه المفكرين والنقاد تيار ما بعد الحداثة ، وألح على ذهنى تساؤل نقدى يستشرف المستقبل فى ظل هذه الظواهر والمتغيرات الأخيرة ، ماذا بعد تيار ما بعد الحداثة ؟ وهو ما كان يحمل سمات إبداعية وفكرية شبه فوضوية ، تحتفي باليومي والهامشي ، وبالذات المبدعة في قوقعتها الخاصة ، تخلخل اليقينات التى أقرها العقل ، ولا تعول كثيرا علي الموروث الثقافي .
وفى ظل مجتمع ما بعد الصناعة أو مجتمع المعلوماتية، أتصور أن هناك مراجعة إنتقائية للأفكار التاريخية السابقة ، ثم وضعها فى أنساق ثقافية مازالت فى طور التشكـﱠ-;-ل والجدل .
(1)
المتابع للأحداث العالمية فى السنوات الماضية يلاحظ دعوة علماء الاقتصاد المتأخرة إلى تغيير بعض المفاهيم والنظريات الاقتصادية التى نظمت التعاملات المالية فى الدول الكبرى فى ظل العولمة وما سبقها ، ولقد نصح بعضهم بضرورة العودة إلى قيم العمل الحقيقية ، بعد أن سيطر الاقتصاد المعلوماتى القائم على المعرفة ، حيث باتت المعلومة المصدر الأول لإنتاج الثروة ، وتم الانتقال من مركزية السوق ونظام الملكية إلى نظام الخدمات والشبكات الإلكترونية العاملة على الإنترنت ، دعوا الى الرجوع إلى قيمة العمل على نحو جديد، وما يتأسس عليها من طبيعة خاصة فى العلاقات الإنسانية ، كما نصح علماء الاقتصاد بالعودة فى التعاملات إلى الأصول المالية المادية والعينية ، التى تتمثل فى الأراضى والمصانع والمشروعات القائمة بالفعل ، لقد اهتزت الثقة فى الاقتصاديات التى تتأسس على المنتجات الإلكترونية ، الأثيرية ، شبة المادية ، من صور ورموز وأرقام وعلامات ، وعلى المضاربة فى البورصات.
ولهذا انطلقت الدعوة إلى تدخل الدول والحكومات بالرقابة على الاقتصاد الحر والمعاملات البنكية والمؤسسات المالية ، بعد اكتشاف أن هذه التدوالات قد شابها كثير من الأوهام والأطماع ، وذلك ما يبشر باحتمال عودة بعض الأسس الاشتراكية على نحو جديد ، ومن ثم الحاجة إلى بعض القيم الأخلاقية والإنسانية التى تآكلت مع الاقتصاد الحر وتوحشة إزاء الدول النامية.
(2)
كما أنه فى ظل الشركات المتعددة والمتعدية الجنسيات كانت قد تلاشت الحدود، وانطمست الهويات بين دول العالم، وسادت عولمة الاقتصاد وهيمنة الدولة الكبرى على العالم، ومن ثم عولمة الثقافة واضمحلال الخصوصيات الحضارية فى فكر " الما بعد " السابق ، ومع تفجر أزمة الأقتصاد 2009، دعت هذه الكيانات الكبرى الدول لإيجاد وابتكار حلول خاصة تتناسب والاوضاع الجغرافية والمجتمعية المميزة لكل دولة ، مقرة أن دول العالم فى محيط واحد بالفعل، لكن فى هذا الكيان الكلى توجد جزر خاصة ، لها مقوماتها المتباينة، والتى من شأنها أن تبقى على حدودها بتمايزاتها الثقافية والأقتصادية ، هى عودة نعم لكن إلى المستقبل ، كأن عيناً أُرسلت إلى الوراء مستهدفة الإحاطة والتعلم من الخبرات السابقة ، ورصد نقاط الضعف فى هذه التجارب ، عودة تلتقط سريعاً الماضى وتجاربه من أجل أن تبلور هذا الجديد القادم ، عودة غير مقيمة أو ساكنة ، بل مستشرفة للجديد ، فمنطق التطور الطبيعى يقر أن العودة مستحيلة ، وهي لا ترسخ سوى للثبات والركود ، ومن ثم الموت فالفناء.

(3)
كما يمكن لمتابع الإبداع الأنى أن يرصد عودة تلتقط بعض المعايير والسمات من مرحلة تيار الحداثة ، ثم تقفز على مرحلة ما بعد الحداثة بانتقاء ، فى اتجاه له ثقل يراود المبدعين فى عدم جدوى اللاهداف واللايقين واللارسالة ، لكنه يقف أيضاً نافراً من المباشرة ، والوقوع فى أسر الأيديولجيا ، والصوت الجهورى ، هناك حنين يخاتلهم – وإن تغيرت ملامحة – لأهمية دور المبدع فى مجتمعه وقدرته على النفاذ فى المستقبل وتشكيل رؤى تحاول التعبير عن قضايا مجتمع تتصارع به المشكلات ، وتدهسة فى مناخ قهرى خانق فى كثير من مجتمعات العالم الثالث ، يمكننى أن أرصد تحولاً فى دور المبدع فهو يرى ويعرف، لكنه لم يعد صامتا، وإذا كانت اللحظة السياسية الراهنة ستجعله غير قادر على التصريح برؤيته للواقع ، بل ويتشكك في توازنات القوة به ، لكن تبقى له رؤية اعتقد أنها ستصبح أكثر وضوحاً وجرأة فيما يخص جميع التابهات التي ترضخ علي عاتق المجتمع المصري والعربي .
أرصد أيضاً تعاملاً منفتحاً مع الجماليات المختلفة بين الأنواع الأدبية ، دون التقيد بسمات أحد التيارات الفنية .
لست مع من يرى نهاية نظرية الأنواع الأدبية ،والتلاشى التام للحدود بين تقنيات النوع، يحدث بالفعل تداخل نوعى لكنه لن ينتهى بالتلاشى الكلى بين النص الأدبى : الشعرى والروائى والقصصى ، كما أنه سيظل هناك تمايزاً بين النص الأدبى والفلسفى والتاريخى والأقتصادى رغم وجود "النقد الثقافى" وإندماج مناحى فكرية مختلفة بداخله، أتصور أن الفكر الإنسانى قد أرهق من فوضى وتخبط المعايير فى فكر وفلسفة ما بعد الحداثة ، وأنه بحاجة إلى هدنة اختبار ومراجعه نعرف أنها ما تلبث أن تتحول ، هذا التحول المستمر هو سمة الفكر دائماً ، حيث لا يكاد يرسى دعائم مشروع حتى يعلن تناهيه ، أو بالأحرى إعادة بعثه فى ثوب جديد مغاير ، يختبر فيه الماضى ويحاوره وعينه على المستقبل ، لكنها عين فى حالة من الإستنفار الدائم .
ربما نحتاج أن نلمس هذه التوجهات فى دراسات نقدية تشتبك مع الأعمال الإبداعية ذاتها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض


.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل




.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو


.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : مفيش نجم في تاريخ مصر حقق هذا




.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : أول مشهد في حياتي الفنية كان