الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مؤتمر إنقاذ أم مؤتمر أنقاض؟

عديد نصار

2013 / 11 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


في إطار الرد على الدعوة الى حضور "المؤتمر الوطني للانقاذ الذي سيعقد يوم السبت في 16/11/2013 في فندق الكومودور " في بيروت، في جزئه الثاني، والتي أرفقت بورقة عمل للنقاش قدمتها "لجنة المبادرة" القيمة على أعمال هذا المؤتمر، نقول:
إنه لمن العبث القاتل مناقشة تلك القوى التي أصمت آذانها عن كل هذا الضجيج الذي ضرب العالم، والوطن العربي على الأخص، والذي أثارته انتفاضات ثورية شبابية وشعبية تواصلت على مدى ثلاث سنوات ولازالت مستمرة في صيرورة ثورية تاريخية، ثم لا تزال تصر على احتلال مواقع ( بل منابر الحديث عن ) التغيير والانقاذ!
وما كنا لنتناول هذا الموضوع من أجل مناقشتهم أو في محاولة لإقناعهم بعبثية حركتهم، ولكن لجلاء بعض الحقيقة للسامعين وللقراء، ولإزالة خيوط الشرَك الذي يمثله مثل هذا التحرك أمام الشباب اليساري الذي يفتقد (الى الآن) إلى مرجعية يسارية ثورية فيسعى الى تلقف أي حراك أو نشاط يميل إلى الأحمر ( حتى لو كان برتقاليا .. أو اصفر) ليجدد في نفسه بعض الأمل فيصاب بعد وقت غير بعيد بخيبة أمل جديدة.
وفي الوقت الذي يؤكد كل ما يدور حولنا أن ما يحرك الشارع ويفرض ضرورة التغيير هو ما يعانيه غالبية المجتمع من إفقار وتضييق وتهميش وقهر تفرضها قوى سلطوية مافيوية مرتهنة لمصالحها وارتباطاتها البنيوية بمراكز هيمنة إقليمية ودولية لنظام راس المال العالمي المتغول، نجد تلك القوى تصر على تقديم السياسي على الاجتماعي، وتقارب الأزمات "الوطنية" من فوق بدلا من النزول إلى القاع المجتمعي وتلمس الحاجات والمعاناة الحقيقية للإنسان.
ومن يتمعن في لغة الدعوة الموجهة من لجنة المبادرة لحضور "مؤتمر الإنقاذ" المزمع عقده في فندق الكومودور في بيروت يوم السبت الواقع فيه 16 تشرين الثاني الجاري، يلاحظ عبارات من مثل "تسير البلاد من سيء الى أسوأ" وكأنها تسير من تلقاء نفسها. وكذلك في تحميل "أطراف النظام السياسي الطائفي" مسؤولية ذلك لأنهم "عاجزون" عن تلبية حاجات اللبنانيين، وكأن تلك الأطراف تحاول تلبية تلك الحاجات ولكنها تعجز عن ذلك. إذٍ فهي لا تتعمد ذلك ولكنها عجزت بقدرة قادر ..
لذلك نجد ضمن خطة العمل المطروحة، وفي باب "الخيارات الوطنية" "إن الهدف الأساس خلال هذه الفترة بدء تشكيل هيئة تأسيسية تتولى السلطة في المرحلة الانتقالية وتعمل من أجل إعادة تأسيس الدولة على أسس وطنية وديمقراطية راسخة."
( هيئة تأسيسية مرة واحدة يا اخواننا؟؟؟ ) ومرحلة إنتقالية أيضا!! وكأن الساحة خالية لهؤلاء ...
إذٍ، فالهدف الأساس هو "إعادة تأسيس الدولة" و"على أسس وطنية وديمقراطية راسخة."!! ولكن، من يحدد تلك الأسس الوطنية والديمقراطية "الراسخة" يا ترى؟ لا بد أنها "المنهجية المحددة والمحكمة"
"والتي قوامها:
‌أ. التشخيص الموضوعي للوقائع وللشروط المحددة،
‌ب. بلورة الخيارات الأساسية الجدية، مع تقدير مستلزماتها وآثارها، سواء على المجتمع ككل أو على أصحاب المصالح الرئيسيين،
‌ج. مقارنة الخيارات البديلة توصلا إلى المفاضلة بينها من منظار أوحد، هو المصلحة الوطنية، بعيدا عن أية إسقاطات مسبقة، إنما مع تقدير موضوعي لمواقع القوى المجتمعية والسياسية منها ومع تقدير الإجراءات التلطيفية الممكنة للمتضررين في المرحلة الانتقالية
‌د. تحديد الإجراءات التنفيذية للخيارات المعتمدة، أكان على الصعيد الدستوري أو القانوني أو الإجرائي
‌ه. بلورة عناوين وأشكال التحرك بصددها"
وإذا كان التشخيص "الموضوعي" للواقائع وللشروط المحددة يعتمد على زاوية الرؤية التي يطل منها المؤتمرون،( أو الداعون )، فإن البند ج. يحدد تلك الزاوية حين يطالب ب" تقدير الإجراءات التلطيفية الممكنة للمتضررين في المرحلة الانتقالية."!
واللافت عبارة "المتضررين" من المرحلة الانتقالية!! وكأني بالمؤتمرين أو على الأقل الداعين إلى المؤتمر، كأني بهم يتوسلون أسبابا تخفيفية للقوى المافيوية التي اتهموها في طيات الدعوة بتهديد "الكيان الوطني" ودفعه باتجاه ... المجهول ! ولكن المتبصر في الخلفية الطبقية للداعين يمكنه أن يستشف أن الأسباب التخفيفية مطلوبة، بل يستجديها أصحاب الدعوة لأنغسهم من تلك القوى المافيوية تحاشيا للغضب وتفاديا، ربما، لقطع الأرزاق!!
أما المحاور العشرون التي حصر الداعون الى المؤتمر البحث فيها فقد جاءت أولوياتها لتؤكد مدى سياسوية المؤتمر وابتعاده عن معاناة الناس والأزمات الحقيقية التي تفاقم الضغوط عليهم وتسحقهم. فقد كانت لمحور موقع لبنان وسياسته الخارجية الأولوية على سائر البنود، تلاه في الأولوية مسألتا الأمن والدفاع! وهكذا يؤكد الداعون للمؤتمر طلاقهم التام مع أولويات الناس والتصاقهم الكامل مع أطراف في النظام المافيوي المتسلط والذي هو المسبب الحقيقي لكل مآسي المواطنين والمقيمين بأغلبيتهم المسحوقة الساحقة!
ويبدو جليا أن وضع هذين البندين على رأس جدول الأعمال ليس سوى ورقة اعتماد لتجديد الولاء لقوى ما يسمى 8 آذار التي يتزعمها ويقودها حزب الله والتي تبرر وتشرعن تقاسم النهب وتبادل التغاضي عنه وعن الفساد المتمادي لسائر أطراف النظام المافوي ب"الصراع" مع العدو الخارجي ومجابهة أمريكا وإسرائيل. فتكون الأولوية لمسألتي الدفاع والعلاقات الخارجية القضيتين الخلافيتين بين أطراف النظام كون كل طرف يرتهن لمركز إقليمي ومركز دولي مختلف، وبذلك يصبح أمام المؤتمر خياران لا ثالث لهما: إما الوقوف في خندق الـ"مقاومة" و"الممانعة" أو الوقوف في خندق معسكر أمريكا. وبالتالي ما من خندق للخيار الشعبي أو للقوى الشعبية المسحوقة، فهي خارج أي حساب!
ورغم ورود عدد من البنود التي يحاول فيها الدعاة التطرق الى العدالة الاجتماعية والمواطنة والمساواة ومسألة التمثيل السياسي، إلا أن كل ذلك لا يخرج عن إطار التنظير اللبرالي الفضفاض الذي يرى فيه بعض اليسار مدخلا ضروريا الى "الحداثة" البرجوازية التي يتوسلون بواسطتها بناء دولة حديثة مدنية ديمقراطية برعاية الديمقراطيات العريقة دون التطرق الى ذلك نصا كونه ييتنافى مع العموميات والخطاب التوسلي الذي يمنحهم الشرعية السياسية إنطلاقا من الانقسام السياسي بين معسكري النظام.
خلاصة القول إن مجموعة من العاطلين عن العمل الذين ربما أضجرتهم البطالة السياسية يحاولون من خلال هذا العمل توسل بعض الأضواء ومن خلال هذه الحركة تعريف الآخرين بأنهم موجودون ولا يزال فيهم عرق ينبض، أو باقي حنجرة تلهج.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس: ما مبرّرات تكوين ائتلاف لمناهضة التعذيب؟


.. ليبيا: ما سبب إجلاء 119 طالب لجوء إلى إيطاليا؟ • فرانس 24




.. بريطانيا: ما حقيقة احتمال ترحيل مهاجرين جزائريين إلى رواندا؟


.. تونس: ما سبب توقيف شريفة الرياحي رئيسة جمعية -تونس أرض اللجو




.. هل استخدمت الشرطة الرصاص المطاطي لفض اعتصامات الطلاب الداعمة