الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسير عراقي والبحث عن الحرية الجزء الخامس عشر

عصام عبد الامير

2013 / 11 / 16
سيرة ذاتية


أسير عراقي والبحث عن الحرية الجزء الخامس عشر
كانت الحادثة التي وقعت في معسكر قوجان في 13-2-1983 تمثل صدمة نفسية كبيرة وشرخ في عمق الوجدان ألأنساني بالنسبة الى الذين يمتلكون حس أنسانيا ليس من ألأسرى فقط بل حتى لدى ألأيرانيين حيث يمكن أن تقرأ ذلك في عيون بعض الجنود وفي وجوههم أثر الصدمة والاسى وربما كانت هذه الحادثة هي السبب في بقاء هذا ألأسير صاحب الحكاية ستة عشر سنة في ألأسر وأطلاق سارحه بعد ثمان سنوات من تبادل ألأسرى الذي جرى في عام 1990 في تلك الليلة المظلمة التي يشم فيها رائحة البارود ويرتجف عندها الجسد من برودة الموت الجماعي والتي لم يستطع أحد حينها أن يغمض عينيه أو يستسلم للنوم وكيف ذلك ولاتزال الفاجعة حاضرة في الزمان والمكان كان يسمع طوال الليل أصوات ألأسرى وهم ينادون بعظهم عبر الشبابيك أين فلان وفلان ويجيب أخر أنا شاهدت فلان قد قتل وأخر جرح بقى الأسير صاحبنا يفكر ويتأمل وقد أزدحمة ألأفكار والهواجس لديه وهو مستلقي على فراشه ماذا سيحصل وما هي أثار هذه الحادثة وما الذي يخبئه لنا اليوم التالي كما ذكرت في أحد ألأجزاء السابقة أن هذه المجموعة أعني هذا ألأسير وأصدقائه بل أستطيع أن أقول رفاقه وشركائه في زمن الفجيعة وغربة ألأنسان المثقف والحر الذي يتلمس طريقه للحرية وسط تلاطم أمواج همجية وشرسة للشوفينية البعثية بالرجعية الدينية المتخلفة في أيران هؤلاء المجموعة قد شملها ألأستقطاب مابين الجبهتين أي النظام البعثي وما بين التيار الديني في أيران أحدهم كان يفضل الأصطفاف مع البعثيين وأخر كان متطرف جدا في التقارب مع التوابين الموالين الى أيران ولكن بقت ألأغلبية تفضل الوقوف في صف والى جانب أصحاب التيار الديني للوقوف بوجه الهجمة الشرسة للبعثيين مع ألأحتفاظ قدر ألأمكان بشيء من الخصوصية وعلى الرغم من كل هذه التفاصيل بقى الجميع محافظ على العلاقة الطيبة والودية وفي الليلة التالية وقد تم تزويد المعسكر بالأنارة كانت هنالك قاعتين في الطابق العلوي متداخلتين عبر باب توصل بينهما القاعة ألأولى كان فيها ألأسير هذا وبقية أصدقائه بأستثناء ألأثنين وهما المقرب من البعثيين وألاخر المتماهي جدا مع التوابين (الدعوجية ) الذان كانا في القاعة الثانية وكان هذا الثاني خائف حيث تم سماع أحاديث والتي جرت عبر الشبابيك بين البعثيين حيث هنالك لوم شديد وتوبيخ للبعثيين في هذه القاعة لعدم مهاجمة وضرب لكل معادي لحزب البعث وصدام حتى لو شمل ذلك الشيوعيين عندها كان هذا الأسير الخائف يلوذ بصاحبنا أسير الحكاية وكان جالس على فراشه حينها جاء ألأول لنطلق عليه (المتبعث ) وقال لصاحبنا أريد أن أكلمك على أنفراد ذهبا وجلسا سوية في مكان منعزل وقال له ان البعثيين أتفقوا على قتل فلان وفلان جالس على فراشك ويلوذ بك وهم قالوا أي البعثيين نحن ليس لدينا مشكلة معك ومع أصحابك على الرغم من معاداتكم للحزب والرئيس القائد ولكن هذا الذي يحتمي بك وصلت معلومات بأنه يريد أن يبلغ ألايرانيين عن المسؤولين عن المظاهرة وأصحاب الدرجات الحزبية الذين قادوها فأرجوا منك وأنا صديقك أن تطلب منه أن يغادر مكانك فهم لايريدون مهاجمته وهو على فراشك أحتراما لك كما لا يريدون أن تكون طرفا معه عندها نظرألاسيرصاحبنا بوجه صديقه وبقى يتأمل قليلا وهز برأسه وقال أنت تعرفني جيدا أنا لا أتخلى عن أصحابي بهذه السهولة خصوصا في وقت المحنة كما أن أخلاقي لا تسمح لي بأن أطرد شخص أحتمى بمكاني وهو معرض للقتل أذهب وقل لهم أن الذي يريد أن يقتل فلان لا بد أن يقتلني أولا عندها ذهب صديقه الى القاعة الثانية حيث منامه و كان هناك وكما يبدوا من هو بأنتظاره ليسمع منه الجواب عاد صاحبنا ألأسير الى فراشه وكان جماعته بالاضافة الى فلان كانوا جالسين و ينتظرون سماع شيء ما غير أعتيادي عندها قال لهم لا شيء ولكن كان مع نفسه يعيش الصراع ( أرتباك, تساؤلات ,صح خطأ ,مشروعية الموقف من عدمه, الموت الحياة الخوف والشجاعة,المواجهة وألأستسلام ) وعندما لم يستطيع أن يتحمل كل هذه ألأعباء الثقيلة أخبر أصدقائه بأستثناء فلان وقال لهم لن أستسلم لهؤلاء حتى لو كان فلان على خطأ وبعدها عاد الجميع الى أماكنهم وكان فلان لا يزال جالس على فراش صاحبنا وقال له ما ألأمر أخبرني فأجابه لا شيء لا تقلق عندها حل صمت مطبق على القاعة وتوقف الكلام فجأة وتسمرت الوجوه وتحركة بعدها بأتجاه باب القاعة الثانية وأذا بمجموعة تحمل بأيديها ألالات جارحة (قيدة ) وتتقدم ببطء باتجاه فراش صاحبنا ألاسير عندها وقف ونظر أليهم وقال مع نفسه ( الموت أهون عليه من المهانة لهؤلاء ) فقال أحدهم أبعد هذا عنك نحن لا نقصدك ولكن هذا عميل للأيرانيين فأجابهم ( نحن كما أنتم كلنا متألمين وآسفين على الضحايا الذين سقطوا يوم أمس فهم أخوتنا وأصدقائنا ولكن هل فلان هو المسؤل عن ذلك لوكان كذلك كنت سأقتله بنفسي من المسؤل عن قتل المئات بل ألالاف من شبابنا في الجبهة كل يوم هل سألتم أنفسكم عن الحرب السخيفة التي بدأها صدام ومن يدفع الثمن كل يوم هل أولاده أم أقاربه بل أنتم أيها المساكين ولم يقف الموظوع عند هذا الحد بل دفعنا الثمن البارحة من الشباب المسكين المشحون والمعبأ من قبل البعض كفى كفى كفى ) عندها أصاب صاحبنا ألأسير الهستيريا وبدأ بألكلام (ولك واله أنعل أبو صدام لاأبو حزب البعث لا أبوالحرب الحقيرة كافي أنتوورانا ورانا وين من نروح لك شوكت نخلص من هلملة السافلة لك لو بيكم خير صدك جان متأسرتو) وضرب راسه بعنف في ألعمود بجانبه وقال ( لك تعالوا لو قاتل لومقتول ) عندها وقف أصدقائه معه وتهيأوا للمواجهة عندها تدخل بعض العقلاء وجائوا اليه ليهدئوه ويطيبون خاطره ويقولون أنت طيب ولست أنت المقصود وبعدها هدأت الامور وانسحبت المجموعة التي جائت لعملية القتل وفي اليوم التالي بدأت وفي جميع القاعات تلاوة القرآن ومراسيم قرآة الفاتحة على أرواح الضحايا الذين سقطوا في الحادث ولكن بقى الوضع في المعسكر متأزم وبدأ ألايرانين بأجراء عملية التعداد اليومي الروتيني وأستمرت ألأوضاع بالتوتر والشحن والكراهية تسمع أصوات التهديد والوعيد من شباك هذه القاعة وتلك وهتافات بعثية والوعد بالأنتقام وما الى ذلك ولكن أستمرت المسيرة مع الحرية وبقى هذا ألأسير مع أصدقائه في محنتهم وغربتهم ومسيرتهم الشاقة وعشقهم للفكر الذي أختاروه








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحن طائر أو بالون عادي.. ما هي حقيقة الجسم الغريب فوق نيويور


.. دولة الإمارات تنقل الدفعة الـ 17 من مصابي الحرب في غزة للعلا




.. مستشار الأمن القومي: هناك جهود قطرية مصرية جارية لمحاولة الت


.. كيف استطاع طبيب مغربي الدخول إلى غزة؟ وهل وجد أسلحة في المست




.. جامعة كولومبيا الأمريكية تؤجل فض الاعتصام الطلابي المؤيد لفل