الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


توحيد الله والتوحيد السياسي

مناف الحمد

2013 / 11 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


تطلّب التوحيد السياسي المنبثقة ضرورته من مطامح اقتصادية لدى الفئة العليا والوسطى بصورة أكبرمن القرشيين في مكة توحيداً للإله ، فبعد أن كان الله واحداً من الآلهة أصبح مطلوباً في ضوء الضرورة السياسية والوعي الجديد - الذي فتّقته العلاقات الاقتصادية الدولية وتحوّل مكة إلى مركز تحاري بعد أن كانت محطّة استراحة على إثر تضاؤل أهمية طريق الحرير ، وساهم أيضاً في تفتقه التماسّ مع ثقافات وديانات لشعوب أخرى - أن يقصى جميع الآلهة وأن يدان بالعبودية لإله واحد .
ليس هذا التحليل تحليلاً عقدياً يتوخى تحويل عقيدة التوحيد إلى فكرة منبثقة من الواقع بدون أساس عقلي لوجودها ، ولكنه توخّ للحفر بحثاً عن العلل الفاعلة في السياق التاريخي لتبني هذا الاعتقاد الذي بلورته الدعوة المحمدية والتي وجدته كامناً في المجتمع الذي ظهرت فيه عموماً وجليّاً لدى بعض مثقفي هذا المجتمع الذين أطلق عليهم لقب الأحناف .
المهمّ أن الدعوة المحمدية قدبلورت فكرة الإله وأعطته صفات شخصية ، ولم يكن ممكناً أن تخترق الآفاق الضيقة لولا تحوّل دولة الرسول الصغيرة إلى امبراطورية فمن استقراء تجارب التاريخ يؤكد بعض علماء الاجتماع أن التوحيد لا يأخذ مداه الأقصى من التموضع ما لم يتمّ تجاوز البنى القبلية أولاً وما لم تستطع البنية السياسية الحاملة لهذه العقيدة التحوّل إلى شكل امبراطوري .
في ضوء هذا التحليل يصبح التذرّر والانقسام كفيلاً بإضعاف معتقد التوحيد والعودة إلى البنى القبلية ارتداداً إلى ما قبل التوحيد فبالرغم من سيطرة الوحدانية الشكلية إلا أن الحفر العميق في الثقافة العالمة والثقافة الشعبية في واقعنا يشي بوجود تذرر في تصور الإله الواحد إن لم يكن على صعيد التصور النظري فعلى صعيد كيفية موضعة الفكرة على الأرض .
فبعيداً عن التصورات الشعبية التي تنوس بين الاقتراب من التصور الأصلي وبين الوصول في حدود قصوى إلى الوثنية ، تعاني الثقافة العالمة في محاولات إسقاط الفكرة من تشظ ّكبير في الرؤى ليس الإسلام المتطرف إلا واحدة منها وهي رؤية تعمل بغير علم منها على إهانة فكرة الإله الواحد عن طريق ربط تجسدها بإرادات أشخاص ذوي تصورات بالغة الضيق والمحدودية .
واذا كنا قد ربطنا في تقصّينا لتبلور الفكرة بين هذا التبلور وبين الحاجة الماسّة للتوحيد السياسي ، فإن ما يجري اليوم من إرهاصات التقسيم القومي والطائفي والإثني والقبلي كفيل بإذابة عقيدة التوحيد وزيادة تذرّر ها .
إن الحرص على صيانة التراث وحفظ عقائد الناس لا يكون بمجرد رفع الشعارات التي تعبر عن الخوف من الخارج على الداخل وإنما بالبحث أولاً عن الوسائل الكفيلة بالحد من التذرر السياسي والاجتماعي وبتمثل ثقافة الخارج عن طريق هضمها وإعادة صرفها واستثمارها بما يخدم محاولات التوحيد لا بخلق عصاب من تغلغلها .
توحيد الوطن ضرورة للحفاظ على توحيد الله وتقسيمه ينذر بخطر الذهاب بها ويدفع الناس إلى المجهول .

20 سبتمبر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سائقة تفقد السيطرة على شاحنة وتتدلى من جسر بعد اصطدام سيارة


.. خطة إسرائيل بشأن -ممر نتساريم- تكشف عن مشروع لإعادة تشكيل غز




.. واشنطن: بدء تسليم المساعدات الإنسانية انطلاقاً من الرصيف الب


.. مراسل الجزيرة: استشهاد فلسطينيين اثنين بقصف إسرائيلي استهدف




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش إرهاق وإجهاد الجنود وعودة حماس إ