الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوراق أيلولية .. الورقة الرابعة عشر

ميساء البشيتي

2013 / 11 / 16
الادب والفن


وبكى .. بكى بكاءً مرّاً مريراً .. بكى الأهل والأحباب .. بكى الرفاق والخلاّن .. بكى الأماكن التي عشقها في طفولته وصباه .. بكى كل من تخلى عنه .. وتنكر له بعد أن غادرت قدميه قسراً أرض الديار .. بكى نفسه كيف عاش غريباً .. وكيف سيموت وحيداً في رقعة منفية .. حيث تتجمد عند حدودها الشمالية شرايين القلب ..
عاش غريباً .. يتنقل بين المنافي .. يشرب حسرة الغربة كل صباح على مقهى غريب .. في منفى لا يعرف عنه شيئاً .. سوى أنه بديلاً للوطن .. ومن منفى إلى منفى .. مضى العمر غريباً .. وحيداً .. منفياً .. مذبوحاً ..
لم يفلت منفى واحد من قبضة يده .. ولم يكن في حقيبته سوى حلم واحد هو الوطن .. جبال الوطن .. سهول الوطن .. أشجار البرتقال هناك .. وحقول الميرمية والزعتر ..
من خُلقَ تتنفس رئتاه أريج البرتقال وعبق الياسمين .. ويفتح عينية كل صباح على حقول الميرمية والزعتر .. لا يستطيع أن يقتنع بأن أزهار التوليب قد تحمل بين كفيّها رائحة الوطن كزهر الياسمين الذي بقيَّ منتظراً عودته في صحن الدار .
على حافة الموت كل شيء يبدو مختلفاً .. تقفز إلى الذاكرة صور قديمة .. عزيزة على القلب .. يتمنى المرء لو يمدُّ إليها أنامله من جديد فيداعب عمره الذي سكن فيها .. ليوقظه .. ليؤنسه في لحظاته الأخيرة ..
أيهما أشد مرارة .. الموت كصفعة نتلقاها في صباح بارد .. أم لحظات ما قبل الموت حين تغدو كل الأشياء باردة وبعيدة وصوتها مبحوح ؟
سؤال سألته كثيراً .. وأسأله الآن وأنا أرى وأشاهد وأتابع كيف يتجرع هذا المذبوح لحظاته الأخيرة .. كيف يستقبل الموت بصدره العاري إلا من أحلامه .. بشجاعة الشجعان .. وبسالة الفرسان .. وبحقيبة ممتلئة بكلمات الوداع .. لكنه كان يريد فقط .. كان يحلم فقط بسؤال يأتيه من بعيد .. سؤال ليس من الحقيبة أو من الحلم أو من الذاكرة .. سؤال يأتيه من أهل الأرض يقول فيه .. كيف الحال ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبكة خاصة من آدم العربى لإبنة الفنانة أمل رزق


.. الفنان أحمد الرافعى: أولاد رزق 3 قدمني بشكل مختلف .. وتوقعت




.. فيلم تسجيلي بعنوان -الفرص الاستثمارية الواعدة في مصر-


.. قصيدة الشاعر عمر غصاب راشد بعنوان - يا قومي غزة لن تركع - بص




.. هل الأدب الشعبي اليمني مهدد بسبب الحرب؟