الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المهمة الصعبة : الأسد يحرم سوريا من مفاتيح التغيير

محمد الشمالي

2013 / 11 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


‏ المهمة الصعبة : الأسد يحرم سوريا من مفاتيح التغيير ‏

إن ترسيخ أسس النظام الديمقراطي في سوريا االتي نريد مرهون قبل أي شىء بوجود حزب سياسي ‏نشيط وعملي قادر على تبني وتنفيذ مشروعا وطنيا ، حزب قادر على تقديم رؤية سياسية ومجتمعية ‏ومؤسساتية تعطيه الزخم والقوة وتلاحم الجماهير وتخوله لدخول المنافسة السياسية مع قوى سياسية ‏أخرى من أجل التغيير العميق والشامل .‏

‏ التنظير سهل وصناعة الشعارات أسهل . فمن أجل الدعوة لمشروع ديمقراطي وتبني عملية تحول ‏ديمقراطي فعلي ،لا بد من منافسة سياسية حقيقية و تطوير لآلية العمل من داخل المؤسسة الحزبية ‏نفسها وتدعيم أسس المنهج الديمقراطي فيها، على المستوى التنظيمي وعلى مستوى الأداء . و قد أثبتت ‏تجارب الشعوب المتحضرة أنه كلما ابتعد ت المؤسسة الحزبية عن المركزية وعن الأسلوب الإقصائي ‏التهميشي الذي يهمل أو يتجاهل مواهب القوى الحية لكوادر الحزب ، كانت عملية التغير أكثر سهولة ‏وإغناء ، وكان تلاحم الجماهير مع قياداتها أقوى وكانت أسس الأداء الديمقراطي أقوى و أرسخ .‏
‏ ‏
هذا يقودنا إلى تساؤل بسيط : هل بإمكان حزب سياسي ـ مهما تبنى من قيم وأفكار سليمة وبناءة ـ توفير ‏مناخ ديمقراطي في الدولة التي يطمح لقيادتها إذا كان هو نفسه عاجز عن ممارسة الديمقراطية داخل ‏صفوفه الحزبية نفسها تنظيميا وسلوكيا ؟‏

سؤال آخر : هل المشروع الديمقراطي( إذا صح التعبير ) يكفي وحده ، في ظرف سوريا الراهن ، ‏لدخول المنافسة السياسية والطموح لقيادة الدولة ؟ وهل الديمقراطية قانون كي نحمله في حقيبتنا السياسية ‏من أجل تطبيقه بقرار حكومي بقصد تحسين وضع المواطنين ؟ يمكننا الجواب : أنه لا بد من مشروع ‏سياسي متكامل قادر على تجسيد تطلعات مرحلة و وآمال شعب . ولا بد من بديل يحمل في جوهره أسس ‏التغيير المجتمعي . ومن أجل تحقيق ذلك لابد من نقد منهجي وتحليل صحيح ودقيق للواقع السياسي ‏،الإجتماعي ،الإقتصادي الذي يريد الحزب تغييره .‏

في الحالة السورية الراهنة ، الديمقراطية التي نادت بها الثورة منذ البداية هي شكل من أشكال الحكم ‏وليست الحكم نفسه . فالحكومة تكون وطنية أو لا وطنية ، وطريقة قيادتها تكون ديمقراطية أو لا ‏ديمقراطية . وأي وزن يقيمه شعب لشكل الحكم عندما لا يطمح لاكثر من النوم بأمان وكسرة الخبز؟
في الحالة السورية المأساوية ، غابت ( تحت ضغط الجوع والخوف ) المثاليات وأصبحت كلمات مثل " المدنية والديمقراطية " مثيرة ‏للسخرية ، وحلت محلها في ذهن المواطن المسحوق الأولويات التي لايمكن تحقيقها إلاّ بجهود وطنية ‏جامعة للطاقات وتوجيهها في مصلحة الوطن وإسعاف الشعب .وهنا تكمن أهمية الدور الوطني للقيادات ‏في تجميع القوى حول مشروع يستطيع تشخيص الحالة المرضية للمجتمع السوري. وتبقى دراسة ‏المراحل التاريخية التي مرت بها سوريا منذ فترة مابعد الإستقلال إلى يومنا هذا و عملية البحث ‏والتنقيب عن الأسباب التي أدت إلى تفسخ المجتمع السوري في ظل حكم البعث عموما و النظام الأسدي ‏الطائقي خصوصا من أهم المشاريع والورشات الوطنية .‏
‏ ‏
هذه المهمة ليست فقط مهمة سياسية منوطة بحزب بل مهمة وطنية تتكاتف وتتلاحم من أجل تنفيذها كل ‏القوى الحية والأحزاب السياسة والتجمعات المدنية السورية .‏

إن الضعف الذي دب في أوصال الحياة السياسية السورية الراهنة يعود، بصورة أساسية ، إلى عقود من ‏التصحير السياسي الناتج عن القمع والإقصاء أو بسبب غياب رؤية واقعية واضحة لعملية التغيير ‏الديمقراطي الذي خنقته ، في هذه المرحلة،الانتهازية و الوصولية والذاتوية . ‏
البديل لتلك السياسة الهدامة لبنية الدولة والمجتمع يكمن قبل أي شىء في العمل الجماعي والحرفي ‏التخصصي . فالنرجسية و المبالغة بالثقة بالنفس والهيمنة والجمع بين المهمات وتركيز الأساسية منها بيد ‏شخص واحد يقود حتما لضعف في الأداء وفي المردود. ‏

‏ أخيرا يمكننا أن نضيف هنا أنه مهما حاول فصيل الإجتهاد وإطلاق مخيلة كوادره للبحث عن الجديد ‏أو الخاص لا يمكنه لوحده قيادة عملية التغيير . فمهمة التغيير الحقيقة والشاملة في مرحلة ما بعد الثورة ‏هي أكبر بكثير من أن يستطيع التحكم بها فريق إقصائي منغلق على نفسه كما هو حال الحكومات ‏العسكرية المصغرة التي تنبثق عن قيادة ثورية . وهنا علينا التأكيد على الصفة الوطنية الجامعة لمشروع ‏الدولة . فكلمة " وطنية " التي تزين بها أغلب تسميات التكتلات والتجمعات السياسية تفقد الكثير من ‏مدلولاتها ومعانيها عندما تنتقل هذه التكتلات والتجمعات من حالة النضال السياسي إلى حالة التربع على ‏عرش السلطة .‏

في الحالة الراهنة للواقع السياسي للثورة السورية ليس هناك حزب شعبي يرتكز على قاعدة عريضة من ‏الجماهير . وكل الأحزاب السياسية لقبل او لما بعد الثورة بقيت نخبوية ، هشة البنيان وأغلبها غاب عن ‏المشهد السياسي أو انحل لفقدان مبررات وجوده التي تتركز حول أجندة شخصية او لتمويه انتماءات ‏طائفية أو اثنية ضيقة ( الأمثلة كثيرة في هذا المجال ). والحالة هذه، كيف لحزب أن يلعب دورا وطنيا ‏إذا كانت بنيته وفلسفته وأفكاره غير وطنية أو تتناقض مع مفهوم الحكومة الوطنية ؟ وكيف لحزب غير ‏شعبي وبعيدا عن الجمهور يستطيع التشدق وقطع الوعود اليومية ببناء دولة ديمقراطية . فالوطنية ‏والديمقراطية ليست مفاهيم منفصلة عن بعضها ومن أجل تجسيد تلك المفاهيم والإنتقال بها من حيز ‏التنظير والدجل السياسي إلى حيز التطبيق يجب توفر حدا أدنى من الوعي السياسي. ‏

في أيامنا ، الديمقراطية أصبحت " تشاركية" في روحها ، والمواطن مهما صغرت مهمته يشارك بفكرة ‏أو بنقد قد يكون في بعض الأحيان أساسا لمشروع قرار أو قانون على مستوى الدولة .هل المعارضة ‏السورية أنتجت خلال السنوات الماضية وعيا سياسيا جماهيريا يسمح لها بالتصريح بأنها قادرة فعلا ‏على قيادة مرحلة التغيير الديمقراطي الوطني في سوريا ما بعد الأسد ؟ ‏

فعلى فرض أن إرادة التغيير عند المعارضة السياسية السورية كانت أقوى من الحديد ، فهل الإرادة تكفي ‏لوضع عربة التغيير على السكة في وطن حرق فية الأسد كل مفاتيح التغيير ، عندما دمر مفهوم الشعب ‏وحرم المواطن من أولويات الحياة وأبعده عن حلمه في التغيير وحتى من القدرة على التفكيربالبحث عن ‏الأفضل . عندما جعل من سوريا شعوبا وقبائل وفرقا وشيعا ومرتعا للغزاة والشعوبيين... عندما دمر ‏فكرة الوطن ومفهوم الوطن وحب الوطن في ذهن السوري ، الوطن الذي أصبح خال من كل شيء إلاّ ‏من الموت والرعب والجوع . فشعار " الأسد أونحرق البلد " الذي أطلقه مواليو الأسد غداة انطلاقة الثورة ‏‏ يجسد الحالة القاهرة التي يعيش تفاصيلها اليومية الشعب السوري الذي اعتقد (في بداية انتفاضته) أن ‏تحقيق الحلم في التغيير أصبح في متناول اليد. الزمن كان بجانب الأسد ... تعفنت سبل التغيير وتلاشى ‏في الأفق الحلم الجميل . ‏
‏ ‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المهم أن فرزا قد تحقق
فيصل البيطار ( 2013 / 11 / 17 - 16:22 )
ما يمكن قوله أن حاله من الفرز الوطني قد تحققت عبر مسيرة الثوره الشاقه والداميه، معسكر الدكتاتوريه الطائفيه المدعوم من الخارج بقوى من لونه وتخدم قوى القاعده وداعش وأكراد أوجلان أجنداته، وآخر ما زال يملك الإصرار على التخلص من كل هذا ولن تعود عقارب الساعه الى ما قبل آذار 11 .
من المبكر الحديث عن مرحلة ما بعد الدكتاتوريه فالأيام حبلى بما لا يمكن توقعه .
تحيه للكاتب .

اخر الافلام

.. لأول مرة منذ 7 عقود، فيتنام تدعو فرنسا للمشاركة في إحياء ذكر


.. غزيون عالقون في الضفة الغربية • فرانس 24 / FRANCE 24




.. اتحاد القبائل العربية في مصر: شعاره على علم الجمهورية في ساب


.. فرنسا تستعيد أخيرا الرقم القياسي العالمي لأطول خبز باغيت




.. الساحل السوداني.. والأطماع الإيرانية | #التاسعة