الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل السيسى ظاهرة شعبية لسلطة ملهمة؟!

محمد السعدنى

2013 / 11 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


للملايين من أبناء شعبنا العظيم الذين يعرفون أنهم لم يخلقوا ليحلوا مشكلات هذا العالم، وإنما ليعيشوا فى هدوء وسلام وكفاية، أقول لهم إختاروا السيسى أو من تشاءون زعيماً وملهماً كما علمتكم تجارب التاريخ،ولا تزعجكم تقولات البعض ولا تخرصات الآخرين.
نعم، أنت لم تخلق لكى تحل مشكلات العالم، إذ يكفيك توصيفها وتعريفها لتحدد لنفسك حيالها سلوكيات ذاتية وأفعال إجتماعية ومفاهيم عقلانية حتى يمكنك أن تعيش وأن تحقق لحياتك أهدافاً لاتعيقها غوامض الكون أو الأساطير المؤسسة لسطوة النخبة ووصايتها عليك، وسواء كان هذا ماقاله الفيلسوف الألمانى "جوتة"، أو عالم الإجتماع والإقتصاد "ماكس فيبر"، فإن النظريات خلقت لتفسير ظواهر الكون وسبر غايات السلوك البشرى وليس للتحكم فيهما أو توجيههما ممن يفرض الوصاية عليك بزعم أنه يعرف أكثر، فهذا هو المدخل الحقيقى للتحكم والسيطرة والاستبداد، وشئ من هذا تحاوله معك النخبة ليل نهار، وهم لايتعلمون من أخطائهم، إذ تثبت لهم كل مرة أنك الأقدر والأوعى والأكثر نضجاً لتقرير مصير حياتك وأمتك. أقول هذا وكلى ثقة أنك تعرف أن فارقاً كبيراً بين النظريات العلمية فى قواعدها وأحكامها وبين آثارها على حياة البشر وهو مايهمك مادمت غير متخصص، بمعنى أنك تهتم للشمس باعتبارها مصدر الطاقة والضوء والدفء، تهتم للشروق كما تهتم للغروب وربما تكتب القصائد فى ذلك المشهد أو ذاك، وقد لايعنيك ماهية الشمس وطبيعتها ومحيطها وقطرها ووزنها وتركيبتها وكم مرة تدور حول نفسها أو تدور حولها الأرض، وهنا الفارق بين المعرفة العلمية التى يضطلع بها المتخصصون من البشر على قلتهم وبين المفاهيم العامة عند بقية الناس على كثرتهم. وليس فى هذا دعوة للجهل بالأشياء أو للتسطيح والتغييب قدر مافيه من واقعية للحكم على ظواهر الكون بما فيها الظاهرة الإنسانية، التى أنت أعلم بها فى سياقاتها وتعاملاتها المختلفة، فللظاهرة الإنسانية أبعادها الثقافية والإجتماعية والتاريخية، ولايمكنك إخضاعها لنفس المناهج العلمية المطبقة على الظواهر الفيزيائية والكيميائية للكون. وقد يرى كثيرون ممن حولى باعتبارى مشتغلاً بالعلوم والتكنولوجيا، أننى أكتب للنخبة لا الجماهير، على العكس، ربما أتعرض لموضوعات هى معقدة بطبيعتها لكننى أعيد فهمها عندما أكتبها للقارئ من بسطاء الناس والعامة، الخلاصة أنا أثق فى وعيك كما أثق فى حدسك وقدرتك على الفهم، وأرفض أى وصاية فكرية مزعومة عليك.
ماذا أريد أن أقول؟ بصراحة لقد شرحت فيما سبقأساس واحدة من أعقد نظريات عالم الاجتماع ماكس فيبر (1864- 1920)،عن الفعل الإجتماعى و"الحداثة" أوالعقلانية التى هى رؤية العالم بشكل علمي، موضوعي، عقلاني لا بشكل غيبي "ميتافيزيقي"، فقد تبخرت الأساطير والخرافات وتم نزع السحر عن العالم وبدا لكل الناس على حقيقته، وإن كان بنسبة علم ومعرفة وقدرة استيعاب كل فرد. قال هذا "ماكس فيبر" فى كتابه "الأخلاق البروتستانتية وروح الرأسمالية"،لكنه أشار" أن عملية العقلنة المتزايدة لا تعني إطلاقاً معرفة متزايدة عن الظروف التي نعيشها،بل تعني أننا نعتقد في كل لحظة أننا نستطيع، وأن نثبت لأنفسنا مبدئياً عدم وجود أية قوة غامضة تتدخل في مسار حياتنا، باختصار: أن نتحرر من وصاية النخبة.
وفى نظريته عن السلطة التى قسمها إلى نماذج ثلاث: ملهمة، وتقليدية، وقانونية،أرى أنه فى مثل ظروفنا نحتاج للسلطة الملهمة، أى القادرة على حشد الجماهير واستيعاب طاقاتها فى مشروع قومى للتقدم، سماه هو "فعل إجتماعى عاقل ذو معنى"، وليس هناك مايمنع أن تكون السلطة الملهمة قانونية أيضاً إذا ماعملت على مأسسة حياتنا السياسية التى تبدو فى سيولة ورخاوة؟. إن الإلهام والحدس لايعنيان القعود والتواكل، وإنما "الإلهام لا يأتي إلا بعد عمل مستمر" كما يقول فيبر، وأنهيمكن لإلهام هاوي العلوم أن يكون ذا قوة مطابقة تماماً للمتخصص وأحياناً أكثر،ونحن مدينون أصلاً فى كثير من أفضل نظرياتنا ومعارفنا للباحثين الهواة"، فالإلهام أمر خرج عن دائرة التخصص، والزعامة أيضاً، لذا يقول"إن المؤهلات التي تجعل إنساناً ما عالماً بارزاً أوأستاذاً جامعياً ليست بالتأكيد هي نفسها التي تجعل منه زعيماً في الحياة العامة، فان إمتلك إنسان ما صفة الزعامة، فهذا يعود للصدفة البحتة" وعلينا أن نستفيد منها، شريطة أن تكون قانونية أيضاً.
هل هذا يفسر لنا صدفة إكتشاف الجماهير للفريق عبد الفتاح السيسى باعتباره ظاهرة إنسانية لزعيمرشحته الأقدار فى لحظة إختبار المصائر؟، فراحوايحاولون جعلها مدخلاً لسلطة ملهمة وقانونية. إنه حدس الناس وإلهامهم ومعرفتهم الموضوعية ومفهومهم العام الذى يرفض وصاية النخبة، وما إصرارهم على ترشيحه لرئاسة الجمهورية إلا فعل إجتماعى عاقل، يلبى أشواق الجماهير كما يحمل كوامن وعيها التاريخى عن دور الزعيم فى وحدة الأمة وبعث الهمة وصناعة النهضة. ربما.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل يغير نتانياهو موقفه من مقترح وقف إطلاق النار في غزة؟ • فر


.. قراءة عسكرية.. اشتباكات بين المقاومة وقوات الاحتلال




.. ما آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة؟


.. أمريكا.. طلاب جامعة كولومبيا يعيدون مخيمات الحراك المناصر لغ




.. شبكات| غضب يمني لخاطر بائع البلس المتجول