الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صداع ليلي

طارق المنيظر

2013 / 11 / 18
الادب والفن


صداع ليلي
في هذه الساعة من الليل الحالك والظالم، حين يبدأ الليل يجن وتبدأ الحشرات تصرصر والأصوات المفجعة تتطاير، ويعم الصمت المطلق في معظم المنازل في هذه الهنيهة وأنا أداعب فراشي لعلي أغمض جفنا بعد أن نال ضجيج الغرفة 303 من أذني. انتشلت مسرعا من فراشي، لأطرق باب الغرفة المشؤمة (سكتونا اداك الرهوط راه بغينا انعسو وغدا فايقين بكري) عدت الى فراشي والنرفزة تنتابني بشكل لا أستطيع معه السيطرة على أعصابي. سمعت حينها صوتا غريبا ومفجعا، حاولت تجاهل كل شيء، لكني أدركت بعد هذه الرزمة من الأحداث المتتالية التي وقعت في مدة زمنية لا تتسع وحمولتها، أنه قد حان لي تصديق أحلام نومي عوض أحلام يقظتي وفطنتي ال... وألوف الأفكار والهلوسات تشق مخيلتي مبتعدة بي عن ... هكذا مزق الرعب نسيج بعض أفكاري ليوقظ في ذكريات وأفكار ترجع الى أفكار قديمة وبالية، لكنها ذات صبغة م... انها تخيلات ومتهيئات استطاعت توقيف عجلة تفكيري.
نهضت مجددا من فراشي، قمت برش الماء على وجهي لعله يخلصني من رتابة الزمن الليلي لكن صوتا يأتي بشكل متقطع مثل ذبذبات رمى بها القدر في عالم الضجيج والصداع. أردفت بلهجتي الشمالية (ماكانش عليك أخاي المجيد تصداعنا هكذا، هذي ماشي خدمة حشومة عليك والله أخاي ديالي). ما كان على صديقي المجيد الذي يجاورني الغرفة المشؤومة الا الاعتذار بلهجته الجبلية الأصيلة (اسمحنا بزاف اخاي طارق والله ماقصدنا نبرزطوك، الله يرجم يماك)، رغم نرفزتي ضحكت ملأ شدقي من تلقائية مجيد وشاربه الذي يحاكي شيئا ما شارب هيتلر.
هكذا رجعت بي مخيلتي الى عمق الطيبيعة الجبلية، ، بلد الكيف والحشيش، حيث من السهل الحصول على "الزطلة"، من الصعب ولوج تضاريس مثل هذه المناطق، لكن رغم وعورة تضاريسها وكذا طبيعة أناسها الجديين أكثر من اللازم، فهي تبقى ذات صبغة خاصة تجعلك تنجذب اليها وتألفها بجبالها الشاهقة وبلهجات أناسها الرائعة، وتقاليدهم الضاربة في القدم وساكنتها المضيافة، الكل يلقي عليك التحية والكل يفشي عليك السلام، صغيرا وكبيرا، كان يعرفك أو لايعرفك، كل هذا يجعلك متشبثا بمثل هذه المواقع تشبث الأعمى بعصاه.
بعد فشلي في اغماض جفني حيث جافاني النوم وبات من الصعب مداعبة فراشي مرة ثانية، ما كان علي سوى تشغيل حاسوبي الذي أوشك على الشيخوخة المبكرة، بعد أن سقط صريعا من مكان مرتفع، وأصيبت شاشته بضعف البصر، ومرض "بوهازهاز"، فولجت الملف الخاص بالموسيقى، لكن ليست أي موسيقى، بل ذهيت عن غير وعي مني الى قائمة الموسيقى الجبلية فضغت على مقطع لرائد الطقطوقة الجبلية الشيخ محمد العروسي (ركبت على عين زهرة وتشوش خاطري وشحـــــال بكيـــــــــت، مـــا بيــــــاش بلادي مــا بيــــــا هي العيلة اللي خليــــــــــت، أنا مزاوك يا جماعة وحب الزيــــن راني متولاع بيه، والله الله يا مي يا حنا وعلاش تايموتو لولاد، على حمرة الشنايف وعلى كحلة العيون يلا جــــــــات).
على هذا الايقاع من الموسقى خطت هذه الأحرف الغير المتناغمة، فاستسلمت للنوم في غلي الفجر وأنا منهك فألقيت وجهي على وسادتي وتكومت في ايزار مثل الميت في كفنه، يا لها من رقدة، هكذا عم الصمت الذي لا وجود له الا في هذه الغرفة اللا بعد رقود مجيد المزعج.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??