الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في مسالة الاخلاق

عبد الغني سهاد

2013 / 11 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


هل اخلاق الرعاع (القطيع )واخلاق الصفوة والسادة مجرد سلوكات اجتماعية متفاعلة فيما بينها بموجب الصراع الطبقي ام بموجب البقاء للاصلح ؟ ام انها حالات اجتماعية نفسية تدخل في مضمار التحليل النفسي والسوسيوتقافي للطبقات الاجتماعية ؟ هل مسالة الاخلاق هي مجرد افتراضات فكرية وفلسفية لم تصل بعد الى درجة النظرية الفلسفية المتماسكة والقائمة بذاتها ؟تحيلها قد يصيب ويخطئ ؟ هي مجرد اسئلة من الصعب سبر اغوارها والاجابة عليها بدقة متناهية , لكن الامر الاكيد في المسالة ان الاخلاق السائدة في كل مجتمع هي على الدوام اخلاق الطبقة السائدة فيه ؟ مع وجود بعض الانفلاتات السلوكية والاخلاقية على الهوامش من اخلاق العمال والفلاحين والمهمشين على العموم ,واخلاق هذه الاخيرة تراها الطبقات العليا بعيون منفرة ...تزدريها وتحيطها بسياج من الوعظ والارشاد الديني اليسوعي والاسلامي وبكل تراهاتها الجمالية في مجال الدين والفن والتقافة والادب ,,وتعدها في النهاية من الاخلاق الوضيعة (اخلاق العبيد ) وترى من واجبها تقويمها وتهذيبها على الدوام بوسائل تنتقيها بدقة ....
تتظافر كل العوامل الفاعلة في التاريخ البشري كالعادات والتقاليد والدين والتقافة والتربية على تكريس اخلاق السادة حيث تراها الابقار الجامعية الحداثية على راي نيتشة اي تلك الانتلجانسيا المنافقة مجرد تعدي على ارادة الحياة ولاجل ذلك ولذلك ترى من واجبها الاجهاز عليها بمطارقها الفلسفية لهدم تلك الاخلاق الوضيعة اخلاق القطيع التي عمادها الاستسلام والسكون واستلذاذ الخنوع والاستعباد ..
لاشك ان التفكير في الاخلاق يطرح العديد من التساؤلات المرتبطة بمفهوم الواجب والحرية ؟ ما الذي يؤسس الفعل الاخلاقي ؟ هل هي الذات ام اكراهات الواقع الاجتماعي ؟ كيف تسمح الاخلاق بتحرر المجتمع البشري من استغلال الانسلن لاخيه الانسان ؟ كيف تسمح بدلك وهي نفسها تحدد تصرفاته سواء عبر المصلحة الشخصية او عبر الانا الاعلى ؟
الى اي حد يمكن الالتزام بالواجب الاخلاقي لضمان تحرر الانسان وتحرر المجتمع الانساني ؟
ان كل مدرسة من مدارس الاخلاق تقدم جوابها الخاص بها من خلال الاجابة عن هذه الاسئلة الجوهرية ..
فالدين يقدم تبريرا الاهيا لاخلاقه وللشرائع التي يدعوا اليها ويعتبر كلام الله المنزل على انبيائه ورسله قطعيا لا يجوز خرقه لانه هو الجواز لعبور الجنة والسعادة والخلود . وكذلك الفلسفة الوضعية التي تشدد على الواجب الاخلاقي المقدس لاجل تحقيق المصلحة العامة ...لكن مع تقدم الحضارة وازدياد التقافة والمعرفة وتطور العلم اضطرت الفلسفة لايجاد اسس عقلانية وعلمانية لمسالة الاخلاق وانتزعت مرساتها من السماء واعادتها الى الارض ثم اصبح من الضروري الوقوف على اسباب وجودها وتطورها حسب حاجيات الانسان ...فالمدرسة المادية الجدلية ترى ان الاخلاق تخضع لقوانين الصراع الطبقي المحركة للتاريخ مادام المجتمع المتمدن انتقل الى العداء والنزاع المادي حول الفائض من الانتاج ..واعتبرت الاخلاق تريرا حتميا لسيطرة ومصالح الطبقات الحاكمة ..او الثورة على هذه السيطرة عندما يصبح المضطهدين اقوياء بما فيه الكفاية فتعبر عن مصالهم في المستقبل ..وبذلك تربطها بتطور الصراعات الطبقية داخل المجتمعات المتمدنة .ان الصراع الطبقي ودوره الحاسم في التطور التاريخي قد سجل قبل وقت طويل من ظهور ماركس وانجلز والمادية العلمية على الخصوص حين قام العديد من المؤرخين الاغريق القدماء (تيوسيديدس_ ارسطو _ افلاطون ) بملاحظة قوانين الصراع الطبقي . وما قام به الماديون الماركسيون سوى ان اعطوا اول تفسير علمي صحيح وكاف له وتوسعوا في شرح في كيفية نشاة الطبقات الاجتماعية خلال نمو القوى المنتجة وانقسام العمل ووجود الفائض الانتاجي الذي تتنازع عليه ... وكيف تركزت الصراعات الطبقية حول الاستيلاء على هذا الفائض المتزايد من الثروة . وبينوا ان الصراعات الثقافية والاخلاقية التي تحتد في فترت الصراعات الطبقية خلال التحولات التاريخية الكبرى ...
ان المجتمع الطبقي لا يمكنه ان يصمد لمدة اسبوع واحد بواسطة القهر والقوة وحدها وانه في حاجة الى اسمنت الاخلاق . ويشكل انتاج هذا الاسمنت مهنة المتطرفين البورجوازيين الصغار والاخلاقيين المتفلسفين ورجال الدين . وهم يعكسون جميع الوان الطيف المجتمعي ..لكنهم يظلون في التحليل الاخير ابواق قابضة ودعاة للعبودبة والاستسلام للسيطرة البورجوازية وقيمها واخلاقها السائدة ..
فالطبقة البورجوازية تفوق سائر الطبقات الاجتماعية بمراحل كبرى من القوة والسيطرة وهي في كمال وعناد وعيها الطبقي ( والطبقات الاخرى من عمال وفلاحين وحرفيين ليس لها وعي طبقي الى حدود الساعة ) وهي مهتمة بشكل حيوي بفرض فلسفتها الذرائعية الاخلاقية على الجموع من الجماهير الكادحة والمهمشة .ولهذه الاسباب بالذات نجد ان المقاييس المحسوسة للوعظ البورجوازي تختفي وراء ستار كثيف من التجريدات الاخلاقية تتجسد فس الثقافة والادب والفن والقيم ,,وان مسالة الاخلاق بين الطبقات الاجتماعية هي مسالة نسبية مجردة ومرتبطة اشد الارتباط بالفرض والقهر والاستغلال .
عندما يفترس الذئب حملا ..فاخلاقية هذا الفعل تختلف من وجهة النظر التي تحكم من خلالها عليه ... فالذئب يجب ان ياكل ليعيش ومن وجهة نظره فان عمله هذا قانوني واخلاقي ..اما الحمل الذي افترس فمن وجهة نظره عمل الذئب هو اقصى درجات السر والوحشية ..ان نسبية الاخلاق وتجردها التام في عالم الطبيعة لا يمكن باي شكل من الاشكال مماثلته في علم الاجتماع البشري وفي العملية التاريخية لبني البشر كما لايمكن مماثلة نظريات البقاء للاصلح بقوانين الصراع الطبقي التاريخية ...لان الصراع ضد الطبيعة لا يحدو حدو الصراعات الطبقية بين الانسان والانسان لاجل التحرر البشري من الظلم والقهر عبر التاريخ .فالقوى المحركة للتاريخ هي الصراع الطبقي وصيرورة التاريخ تتجه نحو بناء مجتمع تسوده المساواة والعدل وتنعدم في الطبقات وتنتفي في الصراعات الطبقية ويزول الاستغلال البشري .
لاشك ان الاطروحة البورجوازية للاخلاق تتعثر عاجزة على عتبة التاريخ.... ولا ترغب في الاعتراف بالقوة الدافعه لتطور الاشكال الاجتماعية .اي لا تعترف بقوانين الصراع الطبقي كمحرك محوري للتاريخ العام .وهي تعد الاخلاق والدين والتربية وغيرها سوى وظائف واساليب ايديولوجية فعالة في استمرار هيمنتها على المجتمع .بها تفرض قيمها واهدافها
تتبع الفكرة القائلة بان اعظم سعادة ممكنة للبشر ليست للاغلبية وانما هي للاقلية الصغيرة التي تتناقض مع الجميع باستمرار ....










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم تراجع شعبيته.. ماكرون يكثف حملاته الدعائية | #غرفة_الأخب


.. اتهامات متبادلة بين فتح وحماس بعد تأجيل محادثات بكين | #غرفة




.. أنقرة تحذر.. يجب وقف الحرب قبل أن تتوسع | #غرفة_الأخبار


.. هل تنجح جهود الوساطة الألمانية في خفض التصعيد بين حزب الله و




.. 3 شهداء إثر قصف إسرائيلي استهدف تجمعا لفلسطينيين شمالي مدينة