الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تونس: الوضع الاقتصادي وانعكاساته

حزب الكادحين في تونس

2013 / 11 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


يسير الوضع الاقتصادي في تونس من سيّء إلى أسوء فقد انضافت إلى الاختيار الاقتصادي المبني على الاستغلال والجشع التوترات الاجتماعية والتقلبات المناخية مما دفع بالمدافعين عن منوال التنمية السائد الى التشاور والتحاور فيما بينهم دفاعا عن علاقات الإنتاج الاستغلالية خشية ان تخرج الأمور من بين أيديهم وينهار الجدار الذي يتكئون عليه.
إنّ الاقتصاد التونسي الموسوم بتخلّف علاقات الإنتاج و المرتهن إلى التدخل الامبريالي والمرتكز على أنشطة إنتاجية مرتبطة باحتياجات الأسواق الخارجية في مجال الإنتاج الزراعي (القوارص، التمور، زيت الزيتون...) والخدمات كالقطاع السياحي، والصناعات الاستخراجية مثل الفسفاط أو تلك المخصصة أساسا للتصدير مثل الصناعات الصغرى في قطاع النسيج وغيره التي تندرج تحت قانون افريل 1972 سيء الصيت هو اقتصاد لا يخدم الكادحين.
وهذا النوع من علاقات الإنتاج شبه المستعمرة شبه الإقطاعية لا يمكّن من مراكمة رأسمال قادر على الاستثمار داخل البلاد وفق احتياجات الشعب نظرا الى علاقة الهيمنة و يترتب عن فقدان السيادة في المجال الاقتصادي فقدان السيادة السياسية حيث يظل العبد تحت تصرّف سيّده وينتج عن ذلك استعباد كلي للمجتمع فتكون الغالبية الكبرى منه ضحية الاستعمار ووكلائه فتنعم القلة الكمبرادورية الإقطاعية بكل الوسائل التي تمكنها من الإبقاء على امتيازاتها على حساب آلام الغالبية من الكادحين التي لا يمكنها الخروج من هذا الجحيم الاّ بفك الارتباط سياسيا واقتصاديا بالدوائر الامبريالية والتحرر من وكلاء الاستعمار المحليين وذلك بضمان الحرية للوطن وسيادة الشعب على نفسه وسيطرة المنتجين على الثروة التى ينتجونها .
ان مرتبة العميل تفرض عليه ان يظل في الحضيض وان يتحمّل المشاق بدل سيّده والاقتصاد التونسي بحكم ارتباطه بمراكز القرار الامبريالية فانه يظل ضحية تلك الاختيارات وقدره ان يكون عرضة لكل الاملاءات الصادرة عن الدوائر المالية والاقتصادية العالمية المهيمنة مما يفرض عليه التخفيض في قيمة العملة "الوطنية" وتحريرها فيستجيب لما يطلب منه مثل الاقتراض من البنوك النهابة والتداين وفق شروط مجحفة ويتبارى المسؤولون في الشأن الاقتصادي من أجل إقناع جماهير الشعب بأنّ الضرورة تقتضي ذلك وأن ليس من خلاص غير الامتثال والانصياع ولكنّه ما كل مرّة تسلم الجرّة فقد تسارعت وتيرة الانهيار إلى الحدّ الذي أصبح يخشى فيه من قبل المدافعين عن نفس الاختيار الاقتصادي من حدوث رياح عاتية حتى ان تلك البنوك ويا للمفارقة أصبحت ترفض عملية الإقراض باعتبارها غير محسوبة العواقب.
و في الآونة الأخيرة انتشر زعم يقول انه بنجاح الحوار الوطني واختيار شخصيات اقتصادية مرموقة ستتم حلحلة الوضع الاقتصادى وستعود الثقة الى البنوك النهابة والاستثمار الخارجي والداخلي وستمتلئ خزانة الدولة بالأموال وسيجنى الكادحون الخير العميم لايهام الشعب بإمكانية الخروج من الأزمة الخانقة بين عشية وضُحاها .
تبعا لتردي الوضع الاقتصادي الذي لن يكون في وضعية البلاد التونسية الحالية الا على هذه الشاكلة فان مضاعفاته المأساوية على عموم الجماهير الشعبية تزداد يوما بعد يوم وقد أثبتت التجربة أنّ الاختيار الاقتصادي القائم هو بيت الداء حيث ازدادت الوضعيات الاجتماعية تدهورا وأصبحت غالبية الشعب عاجزة عن تأمين ضرورات الحياة وأغلقت امامها كل السبل حتى سبل التداين والارتهان فلجأت إلى التذمّر والاحتجاج وتنكرت لها احيانا الهيئات النقابية المخولة للدفاع عن مطالبها المادية بل أصبحت النقابات في اغلبها وفي واقع التشرذم والتعددية غير فاعلة ان لم يصبح شغلها هو إنقاذ النظام مما يتهدده من انهيار وتبحث عن حلول لرأب ما يظهر عليه من تصدع داعية الجماهير الشعبية الى التحمّل والتضحية تحت اكذوبة الوطنية وبذلك يجلس اتحاد الاعراف واتحاد الشغالين مع الأحزاب الرجعية والانتهازية لإيجاد مخرج من المأزق الذي وصل إليه الوضع في مختلف مستوياته ولذلك يقع التلويح ضمن ميزانية 2014 القادمة برفع جزء كبير من الدعم وبارتفاع أسعار مواد أساسية وتجميد الأجور وتشجيع الاستثمار بما يعنيه من استجابة لشروط أرباب العمل في التشغيل والاستغلال وترك أياديهم مطلقة في التصرف في الكادحين بما يحلو لهم . فهل ان الأمور تسير وفق ما تخطّط له الأقلية الحاكمة ؟
يتحول هذا الوضع إلى مناخ ملائم لكل انواع الاحتجاج وينعكس التناقض ضمن الرجعية العالمية والإقليمية والمحلية على ادارة الصراع بين هذه الاجنحة ، التي توظف الوضع الاجتماعي القائم للتجنيد والتجييش ضد بعضها البعض فيقدم كل طرف نفسه على انه المنقذ ويصل التناقض بينها الى حدّ الاقتتال والزج بالكادحين في اتّون حرب رجعية تختلف عناوينها العلنية وتتفق في كونها لا تخرج عن اطار البحث عن مخرج للرجعية مما آلت اليه مشاريعها وسياساتها فترهب الشعوب وتهدّد المجتمعات وتروّعها بالمحاكمات والتجويع والاغتيالات والقتل والإرهاب المنظّم وما إلى ذلك من تنكيل حتّى تستكين وتقبل باختياراتها واملاءاتها، وهي تجد لدى بعض التشكيلات السياسية الاستجابة إلى مخططاتها فينخرط في التسويق لها رغبة أو رهبة.
إذا كان الوضع الذي تمر به بلادنا اليوم والذي هو نتيجة حتمية لعوامل عدة أدت إلى ما نحن عليه الآن ومازال يتفاقم من يوم إلى آخر واذا كانت التباينات السياسية المعبرة عن التصورات الاقتصادية نفسها تلتقي رغم اختلافاتها حول جوهر واحد هو المزيد من ايهام الجماهير التواقة الى الحرية بضرورة تحسين شروط عبوديتها بدل الثورة على واقع اضطهادها وكذلك جرّها إلى الاعتقاد بأن لا بديل لخلاصها إلا بالذوبان في هوية أعدائها والانسلاخ عن ذاتها وهي بذلك تطلب مستحيلا فالوقائع عنيدة ومنطق الأشياء يقتضي حتما أن لا تصبّ الجداول في غير الأنهار وأن لا تنتهي انتفاضات المضطهدين والكادحين الى غير الانتصار وذلك وفق ما ترسمه هذه الجماهير من قرار وما تجسدّه من عزم على تحقيق ذلك بكل إرادة واصرار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الضفة الغربية: قتلى فلسطينيين في عميلة للجيش الإسرائيلي بقرب


.. غزة: استئناف المحادثات في مصر للتوصل إلى الهدنة بين إسرائيل




.. -فوضى صحية-.. ناشط كويتي يوثق سوء الأحوال داخل مستشفى شهداء


.. صعوبات تواجه قطاع البناء والتشييد في تل أبيب بعد وقف تركيا ا




.. قوات الاحتلال تنسحب من بلدة بطولكرم بعد اغتيال مقاومين