الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نصر الله بعاشوراء- باع الحسين واشترى خامنئي

علاء الدين الخطيب

2013 / 11 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


كثيرون حكوا وتسامروا حول خطاب حسن نصرالله الاخير. وقلة منهم وضحت بهدوء ونقاش عقلاني الانتهازية الواضحة للاسلام وللوطن اللبناني وللقضية الفلسطينية وفق مبدأ "الغاية تبرر الوسيلة" الذي هو مبدأ ميكيافيلي وليس مبدأ اسلامي او أخلاقي. فهو كما قالها صراحة عدة مرات "نعم للنظام السوري اخطاء لكن!". وكما نقل عنه بجلسات خاصة فإنه يقرّ بأن النظام السوري نظام ديكتاتوري ظالم للشعب لكنه دائما يكمل أن ضرورة المعركة مع إسرائيل تؤجل هذه "الرفاهيات". وأجزم أنه يعترف بديكتاتورية الحكم الإيراني، فالرجل ليس غبيا أو ساذجا. وضمن هذه المعرفة من الواضح أن الرجل يرى أن "الغاية النبيلة بتحرير فلسطين" تبرر "السكوت على بعض ظلم الحكام للناس". وهنا يتناسى أنه يعود لأسس الانتهازية السياسية عبر التاريخ البشري ويناقض جوهر دين محمد ومنهج أخيه الإمام علي بن أبي طالب. طبعا هو متعلم شيعيا لحد كبير ويمكنه المحاججة لعشر سنين "بالآيات والاحاديث" ولكن هذا لا يهمنا هنا، لأن الحق أبلج والحق يقول أن إزالة الأذى من الطريق هو أساس الإيمان وليس "إطاعة الحاكم حتى لو جلد ظهرك" -الذي هو أحد أهم تقاربات المنهج الخميني مع المنهج الوهابي-.
يهمني أكثر بهذا المقال مناقشة السؤال الأساسي لأي إنسان يريد الانتصار على نهج نصر الله وبالتالي نصر الشعب السوري واللبناني أيضا. هذا السؤال هو: ما هي نقاط القوة التي اعتمد عليها نصر الله؟ معرفة نقاط قوته ووعيها بدون عنتريات وعصبيات بدوية هي من أسباب الانتصار الأساسية على ما يمثله منهجه. وباختصار تتلخص في نقطتين أساسيتين:
1- النقطة الأولى من حيث الشكل، نصر الله خطيب مفوّه حاضر البديهة يستند لفهم عميق بالوضع الإقليمي والدولي ويعرف كيف يستفيد من خبراته. بخطاباته يعتمد بغالب الوقت على نبرة غير حادة وغير شعبوية ليكسب آذان الناس وعقولهم. فلو أن أي إنسان بعيد لحد ما عن سورية أو غير واعٍ بأحداثها جلس يستمع لنصر الله فإنه سينتهي لنتيجة "هذا الرجل على حق". فنصر الله يتصف بذكاء حاد في إضفاء منطق ومصداقية تخدع أعدائه قبل مريديه. وهو بالمناسبة أسلوب فشل بشار الأسد في تعلمه من نصر الله. فلنلاحظ مثلا تحديه للفكرة العامة المنتشرة بمنطقتنا عربيا وإيرانيا وسنيا وشيعيا وهي أن إسرائيل تتحكم بأمريكا والغرب، لقد رفضها بوضوح وبيّن بهدوء وبأسلوب متوازن أن أمريكا والغرب يحكمون إسرائيل بسبب مصالحهم وذكاء إسرائيل كان ومازال بوضع مصالحها منسجمة مع مصالح أسيادها.
المؤسف انه لحد الآن -وبرغم قوة الحق الشعبي السوري بالحرية والثورة- لم نسمع معارضا سوريا واحدا يستطيع أن يقدم خطابا من الناحية التقنية و الشكلية يضاهي به أسلوب نصر الله. فمن احتكروا الإعلام من سوريين وعرب يظنون أن كلامهم يغيّر في الناس شيئا، ويتجاهلون أن الثورة بالأصل كانت حقا واضحا استقطب غالبية الشعب وليس "خطابهم أو بلاؤهم الإعلامي".
2- النقطة الثانية من حيث الواقع الموضوعي. هاجم نصر الله معارضيه بلبنان ومعسكرهم وبسخرية قاسية أصابتهم بالصميم لأنها ببساطة محقة، وهي تشمل بشكل غير مباشر كثير من قادات المعارضة السورية وزعماء الصدفة الذين سرقوا الثورة. قال لهم: "لو توصلت إيران وأمريكا لاتفاق فسنزداد قوة، وإن لم يتفقوا فلن يتغير شيء... ونثق بذلك لان حليفنا حاكم ايران بالإضافة لحاكم سورية لم يبعنا او يطعننا مرة واحدة بالظهر، اما أنتم فلطالما باعوكم واشتروا بكم". وهذه الفكرة صحيحة تماما. لكن الإعلام يتجاهلها معتمدا على أحد سلبيات الجموع البشرية وهي "ضعف الذاكرة الجماعية".
المؤلم بما يتعلق بسورية، أن من قفز على دماء الشهداء والثورة من قادات المجلس والائتلاف بالذات ومن شابههم لم يدركوا، او أدركوا وتجاهلوا، أن ركضهم لتسليم مصير الثورة من أول يوم لقرار حكومات قطر والسعودية وتركيا وبالتالي حكومات الغرب هو ما سيكون مقتل هذه الثورة وسبب أساسي لهزيمتها. والمؤلم أن النتائج باتت واضحة لكل من ينظر بموضوعية، فسعار الطائفية وهيجان الإسلاموية السياسية السارقة للإسلام من خلال زعماء داعش والنصرة وأحرار الشام وبتأييد من قادات الإخوان والائتلاف يقود الثورة للانهيار ويساهم مع النظام في تحويل أرض سورية لمقبرة مليونية لحساب صراع معسكري روسيا الصين وإيران ضد أمريكا الغرب الخليج العربي وتركيا.
ما أكثر الأسف بهذا المقال لكن نضيف أسفا أخيرا، ان لا أحد بالإعلام العربي المدعي تأييد الثورة السورية، تتطرق ليدرس نقاط القوة التي يستند لها نصر الله -حسب اطلاعي-. بل مارسوا بغالبيتهم وكالعادة خطابا شعبويا مملّا وبأحيان كثيرة طائفيا بشكل بشع ومقرف. وهو تماما نفس أسلوب البعث والناصرية والساداتية والملكية العربية في مخاطبة الشعب العربي منذ 80 سنة بما تعلق بفلسطين، شعارات وصيحات وبكاء وحماسيات دون أن يقولوا لشعوبهم مرة واحدة "إن ركائز قوة إسرائيل هي كذا وكذا".
من لا يستطيع أن يسمع عدوه بعقله، فلن ينتصر عليه أبدا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تتطور أعين العناكب؟ | المستقبل الآن


.. تحدي الثقة بين محمود ماهر وجلال عمارة ?? | Trust Me




.. اليوم العالمي لحرية الصحافة: الصحافيون في غزة على خط النار


.. التقرير السنوي لحرية الصحافة: منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريق




.. بانتظار رد حماس.. تصريحات إسرائيلية عن الهدنة في غزة