الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ميزانية الجيش من التمرير مرّ الكرام إلى المطالبة بضرورة الزيادة فيها

إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)

2013 / 11 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


مرّت ميزانية الجيش دون جدال لكن انطلاقا من اعتبارات مختلفة عن السابق. وقد طالب بعض نواب الأمة بضرورة رفعها والزيادة فيها نظرا لأكثر من سبب واعتبار. وتزامنت مناقشة هذه الميزانية مع تصاعد التوتر السياسي والدبلوماسي بين المغرب والجزائر.
ويُفسّر الكثير من النواب هذا النهج في التعاطي مع ميزانية الدفاع لكونها أضحت تحظى بمعاملة خاصة من منطلق الحس الوطني والإكراهات المفروضة بفعل طبيعة سياسة الجوار التي يعتمدها الجار الشرقي.
كما رأى بعض نواب الأمة أن اعتبار ترشيد النفقات يجب أن لا يكون على حساب الموارد البشرية في الدفاع الوطني.
لكن ما أغضب بعض النواب، أن رئيس لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين بالخارج في مجلس النواب، رفض توزيع وثائق على النواب كانت إدارة الدفاع قد أعدتها لتمكين النواب من مناقشة ميزانيتها عن بيّنة، إنه أمر لم يستسغه عدد من النواب.
إن الميزانية المخصصة للجيش حافظت على استقرارها، ولم يطرأ عليها أي تغيير، في حين خفضت ميزانيات بعض الوزارات بالنظر للظروف الاقتصادية للبلاد.
حدّد القانون المالي لسنة 2014 ميزانية الجيش فيما قدره 31 مليار و400 مليون درهم، علما أن كتلة الأجور سجلت ارتفاعا بنسبة 2،7 في المائة وتمثل 70 في المائة من مجموع ميزانية الدفاع الوطني. ومن المنتظر أن يتم خلق 1800 منصب مالي جديد.
لقد تمّ تخفيض ميزانية النفقات إلى 4 مليار و200 مليون درهم ، علما أنها تهم مشاريع حيوية، من قبيل اقتناء الأسلحة والذخيرة وبناء مراكز جديدة للدرك الملكي لتغطية كافة التراب الوطني. ورغم أن مهام الجيش المغربي تنوعت، إذ من بين مهامه حماية النظم المعلوماتية لعدد من المؤسسات الحيوية، والمواقع الإلكترونية للوزارات من الاختراق، والحيلولة دون الوصول إلى "معطيات لا ينبغي الوصول إليها"، وذلك في ظل تزايد الهجمات الإلكترونية. علما أن هذه المهمة تسند إلى المديرية العامة لأمن نظم المعلومات، التابعة لإدارة الدفاع الوطني.
وجاء هذا التخفيض في نطاق الأخذ بعين الاعتبار الاتجاه العام للميزانية العامة للدولة القائمة سنة 2014 على التقشف وترشيد النفقات.
إن ميزانية الدفاع الوطني ظلت مستقرة مقارنة بميزانية سنة 2013 رغم تسجيل ارتفاع في ميزانية القطاع بنسبة 5 في المائة وكذلك في كتلة الأجور. وقد تمّ تخصيص ما نسبته 8،3 في المائة من ميزانية الدفاع لمخصصات أداء الدين العسكري سنة 2014.
خلافا للسباق، تعامل نواب الأمة مع ميزانية الدفاع الوطني هذه السنة، بصدر أكثر رحابة وبتفهم كبير، ليس لأن العادة جرت على اعتبار هذه الميزانية من الخطوط الحمراء وبالتالي المرور عليها مرّ الكرام والمصادقة عليها فورا ودون تحفظ، وإنما لأنه تأكد اليوم – أكثر من أي وقت مضى- أن قدر بلادنا أن يناصبها القائمون على الأمور في أرض الجار الشرقي العداء البيّن والواضح، وبالتالي على المغرب أن يكون مستعدا لكل الاحتمالات، آنيا ومستقبلا.
لقد تأكد اليوم أن اعتبار المغرب "العدو المستدام" تعتبر الوصفة المعتمدة من طرف جنرالات الجزائر للاستمرار في سدة الحكم. وتكفي الإشارة إلى أن جملة من التقارير الغربية أكدت أن الجزائر قرّرت تخصيص 750 مليون دولار لمعاكسة المغرب بخصوص ملف وحدته الترابية. كما يهدر حكام الجزائر أموالا طائلة مغترفة من ثروات الشعب الجزائري لتأجيج معاداة المغرب. هذا في وقت ظلت فيه الرباط لا تعادي الجزائر بالرغم من كل ما يصدر عن حكامها من عداء. لقد ظلت بلادنا تتجاهل هذا العداء البيّن رغبة منها في عدم إقبار مشروع الوحدة المغاربية، لكن جنرالات الجزائر تمادوا في تأجيج العداء. فقد جندوا كل إمكانياتهم لتأجيج العداء باعتباره السبيل الضامن لهم للبقاء يتحكمون بزمام الأمور بالجزائر، وانقضوا على قضية الصحراء لتأجيج هذا العداء.
فهناك ترابط وثيق بين بنية النظام السياسي بالجزائر وطبيعة العلاقات الجزائر بجارها الغربي، وهذا منذ استقلالها سنة 1962. وكانت الانطلاقة منذ أن صرّح كل من الهواري بومدين (وزير الدفاع وقتئذ) وعبد الحفيظ بوصوف ( قائد الاستخبارات والأمن)، أن "المغرب هو العدو"، ومنذئذ بدأ تلقين ضباط الجيش والأمن "إن عدو الجزائر موجود في الغرب". هذه هي اللبنة- الأساس للرؤية الاستراتيجية لجنرالات الجزائر في بنية الحكم بالجزائر حُيال المغرب، دولة وشعبا. علما أن وصفة "العدو موجود في الغرب" مكّنت ولازالت تُمكّن جنرالات الجزائر من الاستحواذ على ما سمّاه البعض بــ "الريع الدفاعي". كما أن هذه الاستراتيجية تساهم في تعزيز حظوظ استمرارية النظام السياسي الجزائري بصيغته "البومدينية" رغم المتغيرات السياسية والمؤسساتية والجيوسياسية من جهة، ومن جهة أخرى تأجيل قضية الديمقراطية والحريات بالجزائر.
ولما تأكد أن المغرب قوة إقليمية وازنة في إفريقيا، عملت الجزائر على تأجيج معاداة الوحدة الترابية للمغرب لأنها هي المجال الذي يخدم مخططاتها العدوانية الرامية إلى استننزاف المغرب اقتصادياً ومالياً بفرض حرب استنزافية تلتهم جزءا هاماً من ميزانيته العامة بهدف رهن و حجز جهود التنمية المستدامة.
وحاولت الجزائر عزل المغرب عن محيطه الإقليمي، باعتماد تشكيل تحالفات وتكتلات عسكرية وسياسية لا يتوفر المغرب على العضوية فيها.
ظلت الجزائر تحرص دائما أن تفوق ميزانية دفاعها ميزانية دفاع المغرب وذلك منذ سنوات. ففي سنة 2012 عندما رفع فيه المغرب ميزانية الدفاع بـ 6 في المائة برسم سنة 2013، لتصل إلى 31.3 مليار درهم ، أقدمت الجزائر على رفع ميزانية دفاعها بنسبة تفوق 14 في المائة، ووصلت هذه الميزانية إلى 10.2 ملايير دولار(ما يناهز 90 مليار درهم)، أي حوالي 5 في المائة من الناتج الداخلي الخام الجزائري.
وفي سنة 2009 خصص المغرب أكثر من 10 ملايير درهم لمشتريات السلاح في وقت تجاوزت فيه ميزانية الجزائر المرصودة لهذا الغرض أكثر من 54 مليار درهم. إن ميزانيتي الجيش والأمن الجزائريين مثلتا معا 15 بالمائة من الميزانية العامة للدولة، المقدرة سنة 2009 بـ 80 مليار دولار.
وفي كل مرة وجدت بلادنا نفسها مضطرة لتخصيص ميزانية إضافية لضمان درجة مقبولة من التوازن مع الجارة الجزائر الغنية بالنفط والغاز.
فعين المغرب على الجزائر وعين هذه الأخيرة على المغرب بخصوص ما يرتبط بالقوات المسلحة والسلاح والعتاد ومجهودات التمكن من التكنولوجيات الحربية الجديدة . فالجزائر تعلم بدقائق الأمور المرتبطة بأسلحة المغرب وجنوده، وكذلك الأمر بالنسبة للمغرب بخصوص الجيش الجزائري.
لقد جاء في كتاب الملك الراحل الحسن الثاني "ذاكرة ملك، قوله :" ليس بإمكاني تغيير موقع كل من المغرب والجزائر ويجب أن يتذكر المغاربة والجزائريون دائما أنهم لن يقدروا على تغيير موقع بلديهم". فعلا، إن الجغرافيا قد تكون عامل تواصل وتعايش، كما قد تكون عامل توتر ونزاع. ظل هذا المعطى الجيوسياسي يضغط بكل ثقله منذ الاستقلال على المغرب الذي مازال يسعى إلى ترتيب تفاعله مع جواره، ويبدو جليا لحد الآن، أن هذا الجوار هو مصدر توترات، تتبعها ردود فعل، تارة ظاهرة للعيان وتارة غير مرئية تفعل فعلها في الخفاء أو من وراء حجاب. لكن الأمور انكشفت بشكل واضح اليوم.
فقد ظل حكام الجزائر يكنون العداء للمغرب ، للمسار الذي اختارت بلادها المشي فيه، والتاريخ شاهد على ذلك بامتياز وبالدليل والبرهان. فمن حرب الرمال إلى تبني المعارضين للنظام المغربي و دعمهم وإيوائهم و تدريبهم وتسليحهم وإرسالهم عبر الحدود لإحداث القلاقل، إلى احتضان انفصاليي البوليساريو ودفعهم إلى المعركة وخلق القلاقل في الأقاليم الجنوبية، إلى الانتقام البغيض من الجالية المغربية المقيمة بالجزائر وطردها من التراب الجزائري ومصادرة أملاكها، إلى نازلة الهجوم على فندق "انسني بمراكش الذي انتهى بإغلاق الحدود البرية بين البلدين، وصولا إلى الوقوف المبيت ضد المغرب في أزمة جزيرة ليلى واستمرار معاكسة الوحدة الترابية ، والتورط الواضح في إحداث القلاقل في أقصى جنوب المغرب وشن حرب الدعاية الهدامة ضد المملكة المغربية ... هذه محطات العداء المستدام ضد المغرب والذي تقعدت أسسه أكثر من أي وقت مضى مند أن أصبح بوتفليقة رئيسا للجزائر. وشكلت قضية الصحراء المغربية بالنسبة إليه حجرا لضرب عصفورين، تفعيل العداء المستدام والتنفيس على احتداد الأزمة الداخلية.
فليس هناك ورقة يلعبها حكام الجزائر لبلوغ مراميهم، أجدى وأنفع وأضمن من ورقة قضية الصحراء. ألم يسبق للرئيس التونسي المخلوع،زين العابدين بنعلي، حسب وثيقة سربها موقع "ويكيليكس"، أنه حاول عقد اجتماع مغاربي حول ملف الصحراء، فوافق كل من المغرب وليبيا على المشاركة، إلا أن الجزائر امتنعت، بحجة أنه لم يكن هناك شيء للمناقشة.
لقد ظل النظام الجزائري في حاجة إلى عدو خارجي دائم لإشغال الجزائريين عن الاهتمام بتغيير واقع الحال وإنهاء سيطرة الجنرالات على الجزائر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير دولي من كارثة إنسانية في مدينة الفاشر في السودان


.. أوكرانيا تنفذ أكبر هجوم بالمسيرات على مناطق روسية مختلفة




.. -نحن ممتنون لكم-.. سيناتور أسترالي يعلن دعم احتجاج الطلاب نص


.. ما قواعد المعركة التي رسخها الناطق باسم القسام في خطابه الأخ




.. صور أقمار صناعية تظهر تمهيد طرق إمداد لوجستي إسرائيلية لمعبر