الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السّلطات المحليّة.. والثّقافة

سيمون عيلوطي

2013 / 11 / 20
الادب والفن



لم تأخذ الثّقافة في نشرات برامج مختلف القوائم التي تقدّمت لانتخابات السّلطات العربيّة المحليّة مؤخّرًا، الحيّز الذي تستحقّه، باعتبار أن الثّقافة من أهم ركائز المجتمع التي تُميّز هويّته وتُبلور ملامحه وشخصيّته وتُنمّي عنده الانتماء إلى كلّ ما له صلة بثقافته ولغته وتراثه وفنّه. اللافت للانتباه أيضًا هو أن العديد من هذه القوائم لم تأتِ في برامجها على ذكر الثّقافة مطلقًا.
غياب الثقافة عن برامج أصحاب القوائم المتنافسة على أصوات الجّماهير العربيّة لم يأتِ صُدفة، بل هو استمرار لتجاهل بلديّاتنا ومجالسنا المحليّة العربيّة لهذا الموضوع منذ سنوات طويلة، مرّت دون أن تطرح أيّة سُلطة منها، برامج لدعم وتنمية وتطوير حركتنا الثقافيّة على أنواعها المختلفة وإذا أضفنا أيضًا بأنهم لم يتطرّقوا لا من قريبٍ ولا من بعدٍ إلى أهمية علاقة ثقافتنا بالثّقافات الأخرى خاصة الثقافة العبريّة التي بات من الضروريّ الانفتاح عليها، ممّا يساهم في تعزيز العيش المشترك بين شعبي هذه البلاد، ندرك مدى تهميشهم لدور الثقافة على جميع الأصعدة وبالتّالي يبرز أمامنا بوضوح عدم اهتمامهم بالمثقّفين، الكتّاب، الأدباء، الشّعراء والفنّانين عامة.
تجاهل سُلطاتنا العربيّة المحليّة لهؤلاء الأدباء والفنانين المتمثّل في نهجهم بعدم الوقوف إلى جانبهم لتقديم الدّعم لهم، بغية تمكينهم من تطوير أداوتهم ومتابعة مشوارهم مع الفنّ والإبداع لهو ناقوس خطر، يُنذر باستمرار تردّي وتراجع الوضع الثّقافيّ في مجتمعنا ويُعطّل بشكل مباشر أو غير مباشر دور المثقّف الرّياديّ في نقل أبناء مجتمعه إلى حالة أفضل.
من هذا المنطلق لا بدّ من وضع موضوع الثّقافة في سلّم أولويّات السّلطات التي فازت مؤخّرًا بالحُكم المحليّ والعمل بكل الوسائل الممكنة من أجل أن تُضاعف وزارة الدّاخليّة أو دائرة الثّقافة والرّياضة والفنون في وزارة المعارف، الميزانيّات المخصصة لهذا الغرض الذي من شأنه أن يرفع مكانة ثقافتنا العربيّة في هذه البلاد من جهة ويمكّن المثقّف من أن يأخذ دوره الرّياديّ في المجتمع من جهة أخرى.
بهذا الصّدد فإن سلطاتنا المحليّة باستطاعتها أيضا أن تتوجّه إلى طرق أبواب مؤسسات أقيمت لتدعم المشاريع الثّقافيّة مثل منظّمة الأمم المتّحدة للتّربية والعلم والثقافة، اليونسكو، التي تأسّست في العام 1945 بهدف فتح قنوات مع دول شعوب العالم للتّواصل الحضاريّ والثقافيّ ولا شكّ أن طرق هذا الباب من جهة حُكمنا المحليّ سيعود بالكثير من الفائدة لما فيه خير ومصلحة حركتنا الثّقافيّة ودفعها نحو الأمثل.
بودّي في هذه العجالة أن أسجّل إلى أصحاب الشأن بعض الملاحظات والنّقاط التي أراها تخدم ما نحن بصدد الحديث عنه وهي كالتّالي:
1- إعداد برنامج للشؤون الثقافيّة والفنيّة بشكل مهنيّ ومدروس، بمشاركة متخصّصين في هذا المجال وتشكيل آليّات تعمل على تنفيذ البرنامج.
2- المشاركة مع دول العالم في احتفالات "يوم الشعر العالميّ، يوم اللّغة العربيّة ويوم الموسيقى".
3- تخصيص ميزانيّات لتشجيع المطالعة في مدارسنا والعمل على إقامة محاضرات أدبيّة وفعاليّات تثقيفيّة لطلاّبنا من مختلف الأعمار.
4- تنشيط الحياة الثّقافيّة في النّوادي والمؤسسات العامّة وفتحها أمام مختلف الفعاليّات الثّقافيّة والفنيّة بشكل تُصبح فيه عادة أسبوعيّة ضروريّة وليست حدثًا عابرًا.
5- المشاركة الفعّالة في شهر الثّقافة الفلسطينيّة.
إذا نظرنا إلى ما تقدّم بعين الإعتبار، ندرك أهميّة الثّقافة ودورها الحضاريّ والإنسانيّ في حياة الشعوب. كما ندرك أيضًا أنه بات من الضرورة الملحّة أن يضعها الحكم المحلّي في مدننا وقرانا العربيّة بشكل متوازِ تمامًا مع اهتمامه بالمشاريع الهندسيّة التّطويريّة مثلا، خاصة أنّها تُعتبر من قبل الكثير من الكتّاب والدّارسين، مُهَنْدِسة النّفس البشريّة ولا يمكن بدونها أن تخرج المخطّطات والمشاريع في كافة المجالات، بالصورة المثاليّة المرجوّة.
المجتمع الذي لا يطوّر ثقافته ولا يحضن مثقّفيه، هو مجتمع من السّهل تضليله.
المجتمع الذي لا يصبح الكتاب فيه جزءا من حياة الفرد وحياة البيت، هو مجتمع يعيش في العتمة. المعرفة اليوم قوّة ورُقي حضاري في نوعيّة العلاقات التي تجمع أبناء المجتمع الواحد بكل ألوانه وأطيافه فتجسّد حلمه الانساني بمشروع مستقبل ثقافي، علمي وحضاري يساهم فيه في الابداع والتّطور وليس في التّلقي والتّقليد فقط!!
نأمل من سلطاتنا العربيّة المحليّة التي فازت مؤخّرًا بثقة الجمهور أن تولي الجانب الثّقافيّ العناية التي تستحقّها ثقافتنا ومثقّفونا على حدٍ سواء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟