الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النشيد الوطني مرآة لتاريخ من معاناة أمة

خالدة خليل

2013 / 11 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


ليس الوطن قطعة ارض جغرافية تستخدم للسكن والاقامة فقط كما يعرفها الجغرافيون بمفهومه المادي ، بل ان الوطن هو القيمة العليا التي يجب على الفرد ان يلتزم بمضامين معناها مادام مقيما فيها. اذن لافرق بين قطعة وقطعة اذا سكنها الانسان الا بقيمتها المعنوية وهي اعلى من قيمتها المادية فالوطن هو الوطن ولاشئ بديل عنه .
ولذلك يقول محمود درويش ان الوطن ليس طينا وماء فقط ، بل هو فكرة ومفهوم .
ويعد النشيد الوطني والعلم رمزين رئيسين للوطن، يشحذان الروح المعنوية للافراد ويجمعانهم تحت راية واحدة ولغاية واحدة، النشيد الوطني يقوي الشعور بالانتماء للوطن والوقوف في حضرته عندما يتلى هو وقوف للوطن وهو بذلك أي الوقوف يتحول من فعل إرادي إلى قيمة تدخل في اخلاقيات أي مجتمع يحترم فيه الافراد وطنهم وبالتالي رموزهم الوطنية.
ان ما حدث في برلمان كردستان في جلسته الاولى التي انعقدت في السادس من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، و رفض خلالها نائبان من الكتلة الاسلامية الوقوف للنشيد الوطني، بذريعة وجود كفر في متنه في عبارة (ديننا وايماننا هو الوطن ) فيه ما يستوجب الوقفة وإبداء الملاحظة حرصا على الوطن/ المفهوم وعلى الصالح العام. اقول ان الدين اسمى المفاهيم والإقامة فيه بمعنى الايمان السليم به يكون هذا رديفا لفكرة أننا نعيش الوطن على اساس انه فكرة ومفهوما، وهذا بتقديري لايتعارض مع مفهوم الدين كما يفسره البعض دون الغوص في معنيي حب الوطن والايمان.
هنا في اقليم كردستان علينا ان نفهم اهمية النشيد الوطني من حيث أنه تغن بحلم يمتد لقرون عدة ويستند إلى خلفية سياسية طويلة يصبح النشيد في ضوئها نشيدا قوميا لشعب مناضل، لكنه في نضاله لم ينقطع عن إسلاميته وبالتالي تماهى الوطن في الدين والدين في الوطن وصارا معا وجهان للعملة الواحدة المتمثلة بالوطن الكردي.
ويمكن الجزم هنا ان النشيد الوطني الكردي ليس في كلماته تهليل لزعيم أو ملك كما في أناشيد وطنية في بلدان اخرى، فهو نشيد يعبر عن معاناة شعب باكمله على مر السنين،
تحتضن في طياتها الالام والجراح ومرارات التهميش وقساوة الابادة، حتى تحسسها الناس وتعاطفوا مع كل كلمة فيه تنظر للوطن من زوايا إنسانية رحبة.
ان من غير المناسب لوطن ناشئ ان تنقسم تياراته السياسية وهو في طور نشأته على قبول او رفض معان تاريخية وحضارية ووجدانية يستعيرها من ماضيها النشيد الوطني.
النشيد الوطني الكردي رمز متفق عليه في اجزاء كردستان الاربعة وهو بالتالي يمثل تاريخا نضاليا سقط لاجله الاف الشهداء، وبالنتيجة المنطقية فإن مطالبة أي تيار بتغييره
يكون نشازا من حيث أن المطالبة بهذا الشكل تصبح نوعا من التغريد خارج السرب، وتكون فيها الأثرة ويختفي الايثار، وبدون إيثار من الجميع لا ينبني وطن. ولكن من الممكن لمن لديه ملاحظات حول النشيد ومشروعا بديلا له فلا مانع من عرضه على البرلمان لبحثه والتصويت عليه أو ضده، فالبرلمان هو المكان الحقيقي لنقاش كل شئ والتوصل الى حلول وسط. ولكن حتى في وجود ملاحظات ومشاريع بديلة فإن احترام النشيد الوطني الحالي والوقوف له واجب وطني وقومي يكتسب القدسية برضا الشعب به.
إن لوطننا الناشيء حاجة إلى الاضافة والبناء ونحن لدينا مهمات صعبة لبناء وطن لا يجوز أن نعيق مسيرته وهو في خطواته الأولى بطرح أمور قد تبث الفرقة لا سمح الله بيننا لتشغلنا قصدا أو بدون قصد بامور جانبية يمكن حلها في وقت اخر بعد ان نكون قد شكلنا الوطن المنشود.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاحتلال يلقي مناشير في معسكر جباليا تطالب السكان بالإخلاء ا


.. مظاهرة في العاصمة الإسبانية مدريد تطالب الدول الأوروبية بالا




.. لحظة استهداف إسرائيلي بمنطقة جباليا في غزة أثناء تغطية صحفيي


.. مظاهرة لعشرات الإسرائيليين بالجليل تطالب بتنحي الحكومة لتخلي




.. أمريكا تعرض على إسرائيل معلومات استخباراتية لتحديد موقع قادة