الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصحة.... كمجال لتفكير

وليد الميموني

2013 / 11 / 22
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


وليد الميموني
بعيدا ،هذه المرة، عن الارقام وتحليل البيانات والمضامين، و ابتعادا عن المقارنات المجالية (قروي/حضري) والتي لازمتنا كثيرا، وامام التطور المضطرد للطب والعلاج وللتكنلوجية البيو طبية، يضل وبشكل ملح التخيل والتفكير والتساؤل حول الصحة وفقدانها وماهيتها موضوع اشتغال المفكرين و دوي الاهتمام بإشكالات الصحة. وقد قدّمت في دستورها وأدابياتها «منظمة الصحة العالمية سنة 1948 تعريفاً للصحة يوفق بين حُسن الحال الجسدي والذهني والاجتماعي، المعنى الذي يتوافق مع ما جاءت به المقاربة الشاملة والتي تعتبر أن الصحة ليست فقط «صمت الأعضاء». إلا أن هذا لا يمنع من تحليل مضامين الخطاب الطبي والقول ان المعرفة الطبية أنتجت خطاباً عيادياً شدّد أكثر على موضوع المرض والألم، من اهتمامه بحال الصحة الحسنة نفسها. وفي كتاب «تاريخ الجنون» (1961) وولادة العيادة» (1963)، كان ميشال فوكو واحداً من الباحثين الذين ناهضوا خطاب المرض، الذي يستبعد الصحة الحسنة ضمنياً، وحاولوا إظهار حدوده . وفي السياق نفسه لا يمكن للبعد العضوي وحده أن يختصر ظاهرة الألم. حيث تبيّن من خلال الدراسات الاجتماعية والأنثروبولوجية أن الطب المعاصر صار طبا علاجياً بامتياز، فيما كان للمرض قديماً ولدى الشعوب التي تحتفي بالجسد دلالة اجتماعية تتمثل في تداول المرض داخل الجماعة حيث يتمحور سؤال الطب حول الصحة وتمامها وحُسن حالها، فيما يدور الطب اليوم حول المرض. وبتراجع هذا المعنى، وغياب أثر المجتمع ضمن أعراض المرض و المراضة، أصبحت النظرة العيادية هامدة، ويندرج المريض في خانة "حالة".
هذا ، وقد أكد الفيلسوف الألماني هانز غادامير شيخ الفلاسفة(1900 -2002 ) في كتابه «فلسفة الصحة» (باريس، 1998)، أن سلوك الإنسان لحفظ الصحة يفتقد لأساس علمي متماسك، وبعبارة أخرى، فإن الطابع الخفي للصحة يشير إلى غياب النظر الموضوعي للصحة في الخطاب العلمي. وفي نفس الكتاب «فلسفة الصحة»، يذكّر غادامير بما قاله أفلاطون، من أنه لا يمكن شفاء الجسم من دون شفاء النفس، أي من دون الإلمام بطبيعة الكلّ الإنساني. كما لاحظ أن الصحة هي شيء نعرفه، لكننا ، لاندرك كنهه.
و في هذا المعنى تظهر الصحة كتناغم فريد بين طبيعة الإنسان وحاله من جهة، وبين ما يتهدده فيزيائياً واجتماعياً من جهة أخرى . وبكون الطب الحديث يتميز بالتخصص، فإنه لا ينجح في تقديم العون المطلوب حين يتعلق الأمر بإضفاء معنى على حياة المرء الفردية في صورتها الشاملة، ولا حتى بوصفه ذاتاً اجتماعية. وبحسب المنهج التأويلي لغادامير، يجدر التفكير بالصحة كشيء يجب إخضاعه للتفسير والحوار والإصغاء، باعتبار أن الصحة تجربة توازن، في معنى إنساني واسع. وانطلاقاً من هذه النظرة فكّر غادامير بأن المرض يشبه تجربة فقدان التوازن، سواء داخل الجسم عضوياً، أو بين الإنسان ومحيطه. والصحة كانت في ما مضى وما تزال مجالا متسعا للتفكير باعتبار ان الفلسفة تمنح دون غيرها إمكانيات النقد و طرح الاسئلة، ومن هنا تكمن اهمية السؤال التالي: ماذا يمكن ان تقوم به الفلسفة وماذا ينتظر منها في مجال الصحة ؟ والى اي مدى يمكن ان تكون الفلسفة عملية في مجال الصحة؟ وكيف تقاس الصحة ؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معالي الشيخ خالد بن عبدالله يتفقد أعمال المرحلة الثانية من م


.. حملة ترامب تجمع تبرعات بأكثر من 76 مليون دولار في أبريل




.. القوات الروسية تعلن سيطرتها على قرية -أوتشيرتين- في منطقة دو


.. الاحتلال يهدم مسجد الدعوة ويجبر الغزيين على الصلاة في الخلاء




.. كتائب القسام تقصف تحشدات جيش الاحتلال داخل موقع كرم أبو سالم