الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحن واليابان: آمالنا وآمالهم

شاكر الناصري

2013 / 11 / 22
حقوق الانسان


بعد سقوط النظام السابق في العراق وإنطلاق الحديث عن الدستور وشكل وطبيعة النظام السياسي في العراق، لم يتردد الكثير من السياسيين والمحللين والإعلاميين والكتاب، بل وحتى من العراقيين البسطاء الذين وجدوا في سقوط نظام القمع والإستبداد فرصة للعيش بحرية وكرامة، في إستدعاء النماذج العالمية من الدساتير واشكال نُظم الحكم، لم لا، فما يملكه العراق من ثروات وطاقات بشرية وتاريخ حضاري عريق يمكنه أن يحقق المعجزات ولسنا أقل منهم شأناً وإن ماعانيناه طوال فترات حكم البعث الفاشي كان مرعباً ومدمراً وعلينا ان نستقي منه الدروس والعبر حتى لا نكون في مواجهة تكرار تجاربه المريرة!!! هكذا كان يتم الحديث حين كانت الآمال كبيرة وواسعة بوسع خيال السجين الذي غادر زنزانته حديثا ولكنه لا يعرف الى أين سيذهب؟

حضرت المانيا واليابان وأوربا بأكملها، اي الدول التي خرجت منهكة من الحروب التي دمرت بنيتها وتخلصت من قبضة أنظمة حكم مرعبة وقاسية ولكنها بُنِيت من جديد فنَمت وكبُرت وحققت مكانة سياسية واقتصادية كبيرة ومذهلة في عالم اليوم وشرعت القوانين التي تضمن الحريات والحقوق والكرامة الإنسانية لسكانها فاصبحت من النماذج التي يحتذى بها ولم تكن امريكا ببعيدة عن كل ذلك من ناحية التشبه بنظامها السياسي القائم أو بدستورها. فيما كانت مجموعة الدول الأسكندنافية كثيرة الحضور كلما تم الحديث عن الضمانات الإجتماعية ومسؤولية الدولة عن حياة ومعيشة الأفراد.

لم تتحقق ايٌّ من تمنيات التشبه بالمانيا او اليابان ودول أوربا ولاحتى إستقدام فقرات مناسبة من دستور امريكا.. اختلطت كل الاشياء مع بعضها، السياسة، الدين، الطائفية، المذهب، الأسطورة، حق تقريرالمصير، المطامح القومية، أرث العشائرية... فانتج العراق نظامه السياسي البغيض، نظام المحاصصة الطائفية الذي دفع بكل الآمال العريضة بالحرية والرفاه والدولة المدنية وكرامة الإنسان....الخ الى هامش الوقائع اليومية، بل انه يشن ضدها حربا شرسة تحت رايات الطائفة والمذهب والدين والشريعة والعشيرة والاعراف وخصوصية المجتمع العراقي والشعور القومي..

اليوم، فان اغلب مدن العراق تغرق بفعل الأمطار وبفعل إنهيار البنية التحتية وعدم قدرة البيوت والأبنية المتداعية على تحمل ما سقط عليها من أمطار فتهاوى الكثير منها وأصبحت البيوت والشوارع والساحات العامة ودوائر الدولة والمستشفيات والمدارس عبارة عن مستنقعات للمياه الآسنة وتحولت الى مادة للتندر والسخرية من الحال الذين تعيشه هذه المدن حيث تنتشر الصور والفديوات على شبكات التواصل الإجتماعي.

مدن كاملة، مدارس وبيوت ومستشفيات ستكون غير صالحة للسكن والإستخدام والمعيشة الآدمية ولكن وكما حدث بعد سقوط نظام البعث فقد سارع الكثير من العراقيين لإستحضارالنموذج الياباني، الارصفة والشوارع وشبكات المجاري، بل وحتى النقوش الموجودة على أغطية فتحاتها. فالزلازل التي تعرضت لها اليابان خلال الفترة الماضية أصابت الكثير من مدنها بالخراب والدمار..لكنهم لم يشتكوا ولم يرفعوا راية المظلومية والاجحاف والاستهداف ...الخ، بل عملوا فور هدوء الزلازل أو توقفها فانتجوا وها نحن نستقدم صور منجزاتهم، نستقدمها لإحساسنا بالخيبة وتداعي آمالنا وهزيمتها.

لندع اليابان والمانيا لحالهما ولنلتفت لحالنا. إن كنا نريد الوصول الى ما وصلت اليه اليابان او المانيا او حتى للتقرب منهما او من دول أخرى أقل منهما مكانة ومنجزات، فإن علينا التفكير بذلك وبجدية: كيف نكون، كيف نبني وكيف ننقذ آمالنا ومستقبل اطفالنا وان يعيش المواطن العراقي بحرية وكرامة؟ ولكن قبل هذا وذاك كيف يمكننا التخلص من النظام الطائفي الذي يشرعن النهب والفساد والإستخفاف بحياة الناس وكرامتهم وحرياتهم والذي سيجعلنا نصل، حتما، الى حالة اليأس المطبق؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - مندوب جامعة الدول العربية بالأمم المتحدة: نسعى لتسل


.. مندوب جامعة الدول العربية بالأمم المتحدة: الوضع كارثي ومؤلم




.. مندوب جامعة الدول العربية: الجانب الأمريكي لا يريد أي دور لل


.. كل يوم - مندوب جامعة الدول العربية بالأمم المتحدة : جويتريش




.. كل يوم - مندوب جامعة الدول العربية بالأمم المتحدة:أمريكا بدأ