الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوم الميثاق فى الدين البهائى 26 نوفمبر 1912م

باسمة موسى

2013 / 11 / 22
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


يوم 26 نوفمبر القادم يحتفل البهائييون بالعالم بيوم الميثاق و تسمية مدينة نيويورك مدينة للميثاق. وقد زار حضرة عباس افندى الملقب بعبد البهاء امريكا الشمالية ومنها مدينة نيويورك التى اعلنها ” مدينة للميثاق” عام 1912 . ويمثل حضرة عبد البهاء مركز العهد والميثاق للدين البهائى بنص الواح وصايا حضرة بهاء الله مؤسس الدين البهائى لمن له حق شرح وتبيين اثار حضرة بهاء الله والتى فضت محتواها لدى البهائيين بعد 9 ايام من صعود حضرة بهاء الله 1892م. ويعتبرهذا النظام فريد فى تاريخ الاديان حيث يضمن ميثاق حضرة بهاء الله للمؤمنين الوحدة والوفاق في فهم الأصول التي يقوم عليها دينه، كما يضمن أيضاً ترجمة هذه الوحدة ترجمة فعليّة في النموِّ الروحي والاجتماعي للجامعة البهائية. ويتميّز هذا الميثاق بأنّه رَتَّبَ مسبقاً أمر تَبيين النصوص الإلهيّة تَبييناً موثوقاً به، وعيّن نظاماً إدارياً مسؤولاً، على رأسه هيئة منتخبة خُوِّلت حقّ إِصدار تشريعات ” من الكتب المنزلة البهائية ” تُكمِّل ما لم يشرِّعه حضرة بهاء الله فى كتاب الاقدس ” اقدس الكتب البهائية وعددها اكثر من مائة مجلد”. وقد اشار حضرة عبد البهاء الى ان العالم لن يهدأ ولن يأتى السلام العالمى الا بعد نبذ جميع التعصبات والقبول بمبدأ ” الوحدة فى التنوع والتعدد”. حيث تمثل المحبة اساس دين حضرة بهاء الله لكل البشر.
فبالاضافة الى ان مدينة نيويورك جمعت افراد من جميع انحاء العالم يمثلون التعدد والتنوع الغنى للمهاجرين الى هذه الارض الجديدة من كافة الاجناس والاعراق والالوان فقد توقع لها حضرة عبد البهاء ان تكون نموذج للتعايش والوحدة والاتحاد. ولو لاحظنا حركة التاريخ نجد ان كل المشكلات الفئوية التى كانت بها فى مطلع القرن العشرين والحركات الاجتماعية التى ظهرت فى هذا الوقت المبكر من القرن مطالبة بالمساواة والعدل مثل الحركة العمالية والحركة النسائية وحركة السلام ثم بعدها ايجاد سبل للتعايش المشترك وخاصة انهاء التميز العنصرى حسب الوان البشرة فكانت نموذجا جيدا لذلك ؟

أَعلنَ حضرة بهاء الله مؤكّداً بأنَّ “نور الاتّفاق يُضيء كلّ الآفاق”(1) وأضاف أيضاً “قد جئنا لاتّحاد مَنْ على الأرض واتفاقهم”(2) فالوحدة الإنسانيّة هي المبدأ الأساسي والهدف الرئيس للعقيدة البهائيّة، وكان تأكيد حضرة بهاء الله لهذا المبدأ يتضمن الإيمان بالوحدة الروحية والعضوية لأمم العالم وشعوبه، وهي الوحدة التي تشير إلى أَنَّ“الإنسانيّة قد وصلت مرحلة البلوغ.”(3) لقد سارت البشرية على طريق التطور الاجتماعي بخلق وحدات متتابعة كالعائلة، فالمدينة-الدولة، وأخيراً وصلت إلى مرحلة قيام الأمة-الدولة. وهكذا يكون الهدف الصّريح لدعوة حضرة بهاء الله هداية العالم في المرحلة النهائية من مراحل التّطور الاجتماعي وهي مرحلة الوحدة العالمية، هذه الوحدة التي سوف تأتي بالصّلح الأعظم الذي وعدت به أديان العالم. وكما أَنَّ ما نزل على حضرة بهاء الله من كلمات الله هو الحافز على هذه الوحدة ومصدر حياتها، كذلك يكون “الميثاق” الذي أبرمه حضرة بهاء الله الأساس الذي بموجبه يمكن تنفيذ تلك الوحدة وتحقيقها. يضمن ميثاق حضرة بهاء الله للمؤمنين الوحدة والوفاق في فهم الأصول التي يقوم عليها دينه، كما يضمن أيضاً ترجمة هذه الوحدة ترجمة فعليّة في النموِّ الروحي والاجتماعي للجامعة البهائية. ويتميّز هذا الميثاق بأنّه رَتَّبَ مسبقاً أمر تَبيين النصوص الإلهيّة تَبييناً موثوقاً به، وعيّن نظاماً إدارياً مسؤولاً، على رأسه هيئة منتخبة خُوِّلت حقّ إِصدار تشريعات تُكمِّل ما لم يشرِّعه حضرة بهاء الله.إنَّ هذا الميثاق لهو أروع مظهر من مظاهر رسالة حضرة بهاء الله. تمّت صياغة هذا الميثاق على نحو يضمن للإنسانيّة كلّها الوحدة والوفاق عن طريق إقامة نظام اجتماعي مُوحَّد النشاط والعمل المبني على المبادئ والتعاليم الروحيّة. وأشادَ حضرة عبد البهاء، ابن حضرة بهاء الله، بميثاق والده فأكَّد بأنّه: “لم يُبرم في أي من المظاهر الإلهيّة السابقة وحتى يومنا هذا ميثاقٌ بمثل هذه المتانة وهذا الإحكام.”(4)

وهكذاَ فإنَّ الدين البهائي هو أَول دين في التاريخ يمرّ بالحقبة الدقيقة من أوائل عمره – أي القرن الأول من تاريخه – دون أنْ تتزعزع وحدة أتباعه بل ثبتت ثباتاً راسخاً. وفسّر حضرة عبد البهاء هذه الظاهرة بقوله: “لولا تلك القوة الحامية للميثاق والتي تحرس القلعة المنيعة لأمر الله، لبرز بين البهائيين آلاف المذاهب والشّيع، تماماً كما حدث في العصور السابقة.”(5) إنَّ ميثاق حضرة بهاء الله في هذا الظهور بمثابة مغناطيس يجتذب إليه أفئدة أتباعه كلّهم. ولقد عالج حضرة بهاء الله في ميثاقه قضايا الخلافة والقيادة الروحية في الدين البهائي، غير أنَّ لهذا الميثاق أهمية تتخطّى هذه القضايا إلى مواضيعَ أكثرَ شمولاً وأوسعَ أبعاداً. كتب حضرة بهاء الله في ذلك: “كان مقصود هذا المظلوم من تَحمّل الشدائد والبلايا وإِنزال الآيات وإظهار البيّنات إخمادَ نار الضغينة والبغضاء، عسى أن تتنوَّر آفاق أفئدة أهل العالم بنور الاتفاق وتفوز بالرّاحة الحقيقيّة.”(6)

وفي شرحه المسهب للميثاق، يوصي حضرة بهاء الله البشر كافة أَنْ يسلكوا مسلكاً يعزّز قيمتهم كبشر فيقول: “يا أهل العالم أوصيكم بما يؤدي إلى ارتفاع مقاماتكم. تمسّكوا بتقوى الله، وتشبّثوا بذيل المعروف”، ونهاهم عن “اللعن والطّعن وما يتكدّر به الإنسان،” وأمرهم بالتمسك “بالحقّ والصدق،” وأهاب بهم أَنْ يدركوا بأنَّ “دين الله وُجِد من أجل المحبة والاتحاد” وليس ليزرع في النفوس “العداوة والاختلاف.” وحَثّهم أيضاً على احترام أولي الأمر من الملوك والحكّام بقوله: “إِنَّ مظاهر الحكم ومطالع الأمر المزينين بطراز العدل والإنصاف يلزم على الكلّ إعانة مثل تلك النفوس”، وأخيراً ناشد الكل بأنْ يقوموا على “خدمة الأمم وإصلاح العالم.”(7) وأكَّد حضرة بهاء الله بأنَّ الخالق العظيم قد نهى “عن النزاع والجدال نهياً عظيماً في الكتاب،” وشدّد على أهمية الوئام والانسجام فيما يربط البشر من علاقات، ليناشد من جديد أتباعه المؤمنين قائلاً: “… لا تجعلوا أسباب النَّظْمِ سبب الاضطراب والارتباك، وعلّة الاتحاد لا تجعلوها علّة الاختلاف.”(8)

ولتحقيق أَهداف عهده وميثاقه والأحكام التي نصّ عليها عيّن حضرة بهاء الله ابنه حضرة عبد البهاء لِيخلُفَه. فبيّن بصريح العبارة هذا التعيين في كتاب أحكامه وهو الكتاب الأقدس: “إِذا غيضَ بحر الوصال وقُضِي كتاب المبدءِ في المآل توجّهوا إلى من أراده الله الذي انشعب من هذا الأصل القديم.”(9) وعاد فشرح حضرة بهاء الله هذه الآية في وصيته المعروفة بعنوان “كتاب عهدي” فكتب يقول: “كان المقصود من هذه الآية المباركة الغصن الأعظم [وهو اللقب الذي عرف به حضرة عبد البهاء].”(10)

خوَّلَ هذا التعيين الرسمي الصلاحيّة الكاملة لحضرة عبد البهاء ليصبح المبيِّنَ الأوحد لكلمات حضرة بهاء الله والمنفّذ الرسميّ لأهداف رسالته عن طريق تأسيس النظم البديع، أي نظام الإدارة البهائية. أضف إلى ذلك أنَّ حضرة عبد البهاء كان المثل الأعلى لمبادئ الحياة البهائية وفضائلها قولاً وعملاً. ونتيجة لاندماج هذه الوظائف والصلاحيات في شخصيّة واحدة تمّ إيجاد مركز روحيّ فريد من نوعه في التاريخ الدّيني للبشر، وأصبح حضرة عبد البهاء محور الميثاق شخصيةً لا مثيل لها في التاريخ.
إِنَّ الدقة والوضوح في ما كتبه حضرة بهاء الله بخصوص تعيين ابنه مركزاً للميثاق بالإضافة إلى شرحه المسهب المفصّل لمقام حضرة عبد البهاء، يرمي إلى منع أي خلاف بين المؤمنين حول مسألة من يخلف حضرة بهاء الله، ومن يقود جامعة المؤمنين ويرشدهم سواء السبيل بعد صعوده. ويمرّ الدين البهائي في الوقت الحاضر بالمرحلة الأولى من ازدهار النفوذ الإلهي المتمثل في تلك السلطة التنفيذية التي غرسها حضرة بهاء الله لإدارة الشؤون الإنسانيّة. وذلك بتأسيسه للميثاق وتعيينه حضرة عبد البهاء مركزاً لذلك الميثاق. وما النفوذ الإلهي إلاّ تعبير عن محبة الله لخلقه، فهو قادر على فتح القلوب وتغيير النفوس، وعن طريقه أيضاً نكتشف قواعدَ للسلوك تقود المجتمع نحو التقدم والازدهار. فالسلطة النافذة المليئة بالمحبة والرأفة الكامنة في قلب الأمر الكريم هي التي تصوغ علاقات المؤمنين على مستوى الجامعة البهائية. وهي أيضاً توجههم نحو إِظهار محبةٍ ذاتِ طابع خاص وإلى المحافظة على الوحدة والتراحم في كل معاملات الواحد تجاه الآخر، وعلى مستوى المؤسسات زوّد الميثاق المؤمنين بالقنوات الإِدارية التي تفيض بالمحبة، كما أَنَّه قام بتحديد علاقاتهم بتلك المؤسسات. وهذه الطاقة على التبديل والتحويل التي يمتلكها الميثاق تعكس العدل والإنصاف. فالإنصاف بمعنى العدل مزيّة رئيسة يتحلّى بها نظام حضرة بهاء الله العالمي، وقد فضّلها على كل ما سواها من المزايا والفضائل إذ وصفها بقوله: “أحبُّ الأشياء عندي الإنصاف.”(11)

في هذا الوقت الذي بدأت الإنسانيّة معه بالدخول إلى مرحلة النضج من عمرها، نجد سكان العالم وقد تيقّظوا للحقيقة التي توحّدهم وأدركوا أنَّ الأرض وطن واحد والبشر سكّانه. فالنفوذ الروحي الكامن في ميثاق حضرة بهاء الله زادٌ ضمن ذلك الإطار الكفيل بإزالة كل أنواع الفُرقة والاختلاف الديني والعرقي والطبقي. والميثاق نمطٌ جديدٌ من الأواصر التي تربط البشر بالخالق العظيم. لقد مَنّ الله علينا بهبة غالية، فخصّنا، ولأول مرة في تاريخ الجنس البشري، بإمكانيات روحانية جديدة نستطيع بها بناء المجتمع العالمي الموحّد.
ونعود الى اثر زيارة حضرة عبد البهاء الى امريكا الشمالية فى مطلع القرن الماضى من خلال ماكتبه مشاهير العالم الذين التقوا حضرته واستمعموا له ومنهم آراء بعض مشاهير العالم الذين تعرفوا على الدين البهائي من اثر زيارة حضرة عبد البهاء لارض الميثاق منهم العالم السويسري الشهير (اوغست هنري فوريل) كان طبيب اخصائي الامراض النفسانية وجراح الاعصاب التي طبعت صورته على العملة السويسرية من فئة الالف فرنك، كتب في وصيته: تدعو التعاليم البهائية اهل العالم في كل انحاء الكرة الارضية الى الوحدة والاتفاق والمحبة والائتلاف، اتمنى لهذا الدين الاستمرار وان يتوج بالنجاح ويكون سبب رخاء العالم الانساني. وايضا الكاتب الروسي الشهير والفيلسوف الروائي (ليو تولستوي) كتب ما يلي:
انا مقتنع بان هذا الدين هو مستقبل البشرية وسوف يجعل العالم متحدا، الدين البهائي لديه فلسفه عميقه جدا بحيث الجيل الحالي غير قادر على فهمه، التعاليم البهائية هي روح هذا العصر، وظهرت نظرا لاحتياجات البشر.

اما الكاتبة والمحاضرة الامريكية الشهيرة(هيلين كيلر) كتبت ما يلي: ان الدين البهائي يستحق ان يجذب اهتمامنا به لاقصى حد، اي موضوع اهم من اتحاد وامن الشعوب، ان رسالة الصلح العمومي البهائي تحتوي على قوة حية بحيث تخلق في قلب كل انسان حس المحبة المقدسة والخدمة لاخيه الانسان وسبب لسرور القلب واطمئنانه.واضاف الكاتب الفرنسي الكبير ( رومان رولان ) ، الحائز على جائزة نوبل عام 1917 كتب يقول:قرأت حياة حضرة الباب وحضرة بهاءالله وتضحياتهم من اجل المجتمع البشري، وغرقت في بحر التعجب والحيرة وادركت عظمة وجودهما. ايضا المخترع الأمريكي (اديسون ) توماس اديسون التقى بحضرة عبد البهاء في عام 1912 ، وكتب يقول ان لقاء هذا الشخص الجليل جعلني ادرك ان كل الاختراعات التي عملتها كان بسبب وجود عبدالبهاء في العالم وبسبب التقدم والترقي السريع للدين البهائي. واخيرا الكاتب اللبنانى المعروف من شعراء المهجر (جبران خليل جبران) والذى رسم بورتريه لحضرة عبد البهاء اثناء زيارته للولايات المتحدة الامريكية ثم كتب في كتابه النبي: "لاول مرة اشاهد هيكل انسان على قدر من النبل يجعله اهلا ليحل فيه الروح القدس".


المراجع :
(1) بهاء الله، منتخباتي از آثار حضرة بهاء الله، لانكنهاين – ألمانيا، لجنة آثار أمري، 1984، ص184.
(2) بهاء الله، لوح مبارك خطاب إلى شيخ محمد تقي مجتهد اصفهاني معروف بنجفي، لانكنهاين – ألمانيا، لجنة نشر آثار امري بلسان عربي وفارسي، 1982، وهو الخطاب المعروف “بلوح ابن الذئب، الذي أنزله حضرة بهاء الله باللغتين الفارسية والعربية، ص24.
(3) Shoghi Effendi, The Promised Day is Come, Baha’i Publishing Trust, Wilmette, 1980. p.117
(4) شوقي أفندي، دور بهائي، لانكنهاين: لجنة نشر آثار امرى، 1988، ص62.
(5) Baha’i World Faith, Selected Writings of Baha’u llah and ‘Abdu’l-Baha, Baha’i Publishing Trust, Wilmette, 1956. pp. 357-358
(6) بهاء الله، مجموعة من ألواح حضرة بهاء الله: نزلت بعد الكتاب الاقدس، من منشورات دار النشر البهائية في بلجيكا، 1980، ص197.
(7) المصدر السابق، ص198-201.
(8) المصدر السابق، ص199-200.
(9) بهاء الله، الكتاب الأقدس، نشر المركز البهائي العالمي، 1999، فقرة 121.
(10) بهاء الله، مجموعة من ألواح حضرة بهاء الله، ص200.
(11) بهاء الله، الكلمات المكنونة، من منشورات دار النشر البهائية في البرازيل، 1995، ص4.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يهدد.. سنجتاح رفح بغض النظر عن اتفاق التهدئة | #رادا


.. دلالات استهداف القسام لجرافة عسكرية إسرائيلية في بيت حانون ف




.. من هو -ساكلانان- الذي نفذ عملية طعن بالقدس؟


.. أخبار الساعة | غياب الضمانات يعرقل -هدنة غزة-.. والجوع يخيم




.. مستوطنون إسرائيليون يعترضون شاحنات المساعدات القادمة من الأر