الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يسقط حكم العسكر.. شعار لئيم ضد وطن مأزوم

سيد القمني

2013 / 11 / 22
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


اصطلاح "العسكر" اصطلاح إسلامي قديم للدلالة على المقاتلين الفاتحين، وظل دالًا على جند الخلافة الغازية، وعندما تدهورت قوة الخلافة اصطنع الولاة والخلافة جيشًا من المرتزقة المصنعين للقتل والسلب والنهب، فكان النخاسون يختطفون الصبية الذين عرفهم التاريخ باسم المماليك الانكشارية، لتتم تربيتهم على الفروسية دون نبالتها، فلا هُم منا ولا علاقة لهم بمصرنا، ولاؤهم لمصالحهم، هم من أصول آسيوية هجينة من القوقاز والمجر وألبانيا ووسط آسيا وشرقي أوروبا، عاشوا في جيتوهات منفصلة عن المجتمع المصري لاختلافهم في العنصر واللون واللغة والثقافة، ومنذ أسس محمد علي جيش مصر الحديثة، وقضى على شراذم المماليك لم يدخل هذا الجيش سوى المصري بتجنيد إجباري لأداء الخدمة الوطنية، ليدافع عن وطنه دون مماليك انكشارية بلا وطن ولا هوية ولا التزام وطني أو أخلاقي، ومن هذا الجيش كان قائده العام ابن الفلاحين أحمد عرابي، وبعدها توارى اصطلاح العسكر وحل محله اصطلاح الجيش المصري، ولم ينشغل المصري بتسمية الجيش كمؤسسة ما بين وزارة الدفاع ووزارة الحربية، لأنه كان لا يتعامل معه كوزارة سيادية ولا بحسبانه مؤسسة ضمن مؤسسات الدولة، كان يراه ساحة شعبية يُمثل فيها الجميع جبرًا، يراه قطعة من الناس تتواجد فيه كل طبقات المجتمع وليس وزارة، لأن الجيش المصري أصبح تكوينه العضوي من كافة عناصر وطوائف وأديان المصريين، رأوه هو مصر وهو الشعب؛لأنه قطعة من روح مصر ولحمها.

كان "العسكر" اصطلاح الغازي الغريب بثقافته الوافدة، وكعهد الإسلاميين في استدعاء مصطلحاتهم من أكفان الماضي النافق والمقبور، ليستزرعوها في مصر بخلفية ومرجعية صحراوية غازية تجاوزها التطور الإنساني، وتناسي عارها اللاإنساني، قام الإسلاميون بتمييز أنفسهم عن بقية الشعب لتأكيد انفصالهم عن المجتمع المصري، فابتدعوا الجلباب القصير واللحية والحجاب والنقاب، الإسلام هو الحل، ولا لحكم العسكر.

المدهش أن الإسلاميين ومتصوفة الليبرالية واشتراكيي لاهوت التحرير الأمريلاتيني لا ينزعجون أبدًا من احتلال عمرو بن النابغة لمصر، ولا يستنكرون احتلالهم الاستيطاني، بل ولا يستنكرون أن كل سادة مصر عربًا وعثمانيين كانوا عسكرًا ، كما حكام أمريكا اللاتينية ونموذج كاسترو وجيفارا، كل الصحابة كانوا قواد جيوش وحكام للبلدان وكذلك كانت المنظومة الاشتراكية.

هجمة مرتدة يقودها ليبراليون واشتراكيون وإسلاميون لم يراجعوا أنفسهم مراجعة ناقدة متطورة، ينددون بحكم العسكر الذي لم يحدث حتى الآن سوى في تاريخهم، فالآن لا الجيش يحكم، ولا السيسي يأمر ويداهم ويمارس العسكرة، وإلا لرأينا لفعله الحازم وجودًا ملموسًا في واقع سائل غير منضبط بالمرة. إذن هي هجمة استباقية حذر ترشيح السيسي لنفسة للرئاسة، مما لا يعطي لغيره فرصة متكافئة معه، ليس لممارسات عسكرية قمعية مارسها الرجل، ولكن لأنه بقرار تاريخي غامر فيه بمستقبله وبحياته هو ومن معه، قد تمكن من قلب مصر حبًا واحترامًا، أفئن ترشح ونجح.. أصبح الحكم عسكريًا؟ وأفئن ترك المستشار عدلي منصور منصة القضاء وترشح للرئاسة وفاز يكون الحكم ساعتها حكم قضاة؟ أو إن ترشح محمد سلماوي وفاز يكون حكم مثقفين؟ وإن فعلها الدكتور محمد غنيم وفاز بها يكون حكم أطباء، أم أنه لغو بائس بؤس فرضياتهم.

إن ما تحتاجه مصر اليوم بداية وقبل كل قول، هو أن تختار مَن يُحسن الإدارة رجلًا أو امرأة، مسلم أو مسيحي، يمكنه الضبط والربط، يمكنه إرساء دولة القانون وتفعيل القانون لصنع سلام مجتمعي، يحرص على دعم التجربة الديمقراطية وإنضاجها، مع تاريخ وطني لا تشوبه الشوائب، الكفاءة الإدارية والوطنية الصادقة والتاريخ النظيف هي معيار أي لون من ألوان القيادة رئاسة أو وزارة أو تمثيلًا نيابيًا، فإن تقدم لها من يحمل المواصفات المعيارية قبلناه وعزرناه وعذزناه ووقفنا معه سندًا ومعينًا وظهيرَا.

وكما توجد اختبارات ذكاء، توجد لدى المصري اختبارات في الوطنية، لديه فلاتر وذائقة تاريخية يمرر عليها قراءته للشخص المطلوب للقيادة، وقد استحسنت هذه الذائقة شخص الفريق السيسي، فخرج أربعون مليون مصري ظهيرًا للجيش، ونجح السيسي والشعب وتأكدت سلامة الذائقة الوطنية بعد خلل ناتج عن عواطف دينية، أربعون مليونًا خرجوا يعلنون أنهم قد عانوا من فشل حكم الإخوان، وعانوا من غلظتهم وجهلهم وقسوتهم في الشارع، تأكد لهم أنهم قد اختاروا كائنات شاذة رمامة لا ترحم، إن فشل الإخوان قد لمسه العوام الذين لا يعرفون ماهو الدستور وما هي الحكومة، بعد 85 سنة من الوهم عرف المصري أن معيار الذائقة بوهم التقوى كان مدمرًا لهذه الذائقة، وأدرك المصري أن وهم التدين كمؤهل للقيادة أصاب ذائقته التاريخية بالخلل، فأسكن شيطانًا مريدًا روحه وعقله وبلاده، واستفاق بعد عام واحد من التجربة ليستعيد ذائقته التاريخية بمعيارها وهو قدر الوطنية والكفاءة والنزاهة.

تجسدت الوطنية في شخص الفريق السيسي عندما اختار شعبه ووطنه ولم يخذل الشعب عندما احتاجه، لم يخذل الشعب عند الاحتياج كما فعل أيقونة الثورة الصدئ، ورغم احتمالات الفشل وما يليه من تنكيل وإهدار للسمعة وربما الإعدام فعلها الرجال ولم يولوا يوم الزحف مدبرين، ومع الجيش والشرطة (وقدر من السماح الشعبي المؤقت ومرحليًا لزبانية الداخلية والمجلس العسكري حتى يتم تجاوز المرحلة)، وعقد الجيش بموقفه المصالحة الوطنية للخروج من المأزق الوطني، تمكن المصريون شعبًا وجيشًا وشرطة من استعادة وطنهم من مخالب أشباح الماضي المرعب، تمهيدًا للبناء الآتي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أحسنت د. سيد
حسنين قيراط ( 2013 / 11 / 22 - 18:32 )
، تحليل أكثر من رائع لما حدث ويحدث للمحروسة حفظها الله من كل كاره وفاسد وظالم وعافاها الله من الجهل والمرض والفقر


2 - مصر اولا
ال طلال م ص ( 2013 / 11 / 22 - 20:16 )
اخوتي الاعزاء في مصر الحبيبه
تحيه عراقيه عطره
اليوم مصر في خطر محدق وطوابير المسلحين العطشى للدماء تنتظر ساعه الصفر لتفتك بشعب مصر
اليوم الحاجه كل الحاجه الى التكاتف ولرص الصفوف لافشال قوى الشر وهم اخوان الشياطين خفافيش الظلام واعوانهم الامبريايه العالميه
احتضنوا الجندي الاول انه حامل رايه شعب مصر وساعدوه في رفعها
ان اصابه مكروه تضيع مصر كما ضاع العراق في 1963 شباط الاسود حيث تحالفت مرجعيه الشيعه مع البعث والاكراد في ذبح الشعب العراقي
انتبهوا لكي لا يصيبكم ما اصاب الشعب العراقي
اننا في العراق نتمنى للشعب المصرب الف خير
اعداءكم كثيرون وراس الجبل الثلجي هم اخوان الشياطين في الداخل وما في خارج اعظم وشكرا اخوكم ال طلال العراقي


3 - ال طلال م ص
طلال السوري ( 2013 / 11 / 22 - 20:45 )
ضاع العراق في 1973 حيث تحالف الشيوعيون مع البعث والاكراد ضد الشعب العراقي


4 - العسكر الانقلابي أيل للسقوط
عبد الله اغونان ( 2013 / 11 / 22 - 23:59 )

لن يسقطه الاخوان وكل مؤيدو الشرعية والمظاهرات والطلاب فقط بل سيسقطه النزاع على المناصب
والجهل بتسيير الأمور ستسقطه الأوضاع الاقتصادية البطالة والفساد وقنينة الغاز والرغيف
والسكن والصحة
السؤال فقط متى؟؟؟
خلي المساعدات الأمريكية والخليجية تنفعكم فلن يستفيد منها الا الفاسدون المفسدون


5 - يسقط
ناس حدهوم أحمد ( 2013 / 11 / 23 - 08:46 )
نعم ياسيدي القمني وياأستاذ الأجيال المقبلة
تحليلك صائب وصارم أيضا لأن كلمة الحق تحتاج إلى الصرامة
لقد أصبت حينما وصفت الفاشلين والمستبدين بسكان الماضي المرعب
إنهم مرعبون حقا فهم يمثلون الإستبداد القديم والخطير ويمثلون الظلام
في أحلك صوره عازفين عن رؤية النور والحقيقة والحداثة التي لا
يمكن الإستغناء عنها وإلا رجعنا للجحور والكهوف والعصور الغابرة
إنهم الماضي وهل الماضي يعود ؟
أما الجيش المصري فهو جيش الشعب وقد خولت له ملايين المصريين
الأمر بالأخذ بزمام الأمور لمعالجة هذا الظرف الدقيق من تاريخ العرب
الجهلاء
ونحن لسنا من عشاق الديكتاتورية كما الرجل العظيم الذي يسمى
السيسي هو رجل مصر ورجل المرحلة
فمصر لم تقبل بمرسي وزمرته الإخوانية لأن مصر أعظم من أن يقودها أصحاب الكهف
و





6 - افراد ام مؤسسات؟
خويندكار ( 2013 / 11 / 24 - 16:46 )
الشعوب المتحضرة أبتدعت ألديمقراطية من الرومان حتى الأمريكان لكي يقلموا أظافر أفراد (رموز ) ممن قادوا شعوبهم نحو مهاوي الهلاك.من نيرون ومن قبله مرورا بصدام وصولا للمالكي ونحن من الخور الذي يغلفنا مازلنا نبحث عن بطل زعيم نختزل الوطن في جنابه الكريم ونلقي بكل جبننا ولامعنانا وتفاهتنا على عاتقه المتين لنستمر في سباتنا المقدس فما فاز الا النوم


7 - حكم العسكر !
أمل ( 2013 / 12 / 10 - 00:53 )
المؤسسة العسكرية انشأت للضرب بيد من حديد دون ادنى رحمة فهي في الاصل معدة للتصدي للاعداء الخارجيين ولخوض الحروب وليس لحكم الشعب ، فالحكم يحتاج الى الحكماء والى اللين وليست الشدة المفرطة دائماً في فرض سيادة الدولة ! و عندما يكون الحكم من ضباط الجيش والعساكر ولا توجد حروب ليخوضوها وتصبح هي اعلى سلطة بيدها كافة السلطات والقوة العسكرية تتكون البؤرة المناسبة للفساد بكافة اشكاله !

اخر الافلام

.. هل وقعت جرائم تطهير عرقي في السودان؟ | المسائية


.. اكلات صحية ولذيذة باللحمة مع الشيف عمر ????




.. عواصف وفيضانات في العالم العربي.. ظواهر عرضية؟


.. السنغال: 11 مصابا في حادث خروج طائرة من طراز بوينغ عن المدرج




.. الجامعات الإسبانية تعرب عن استعدادها لتعليق تعاونها مع إسرائ