الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زواج أم تزاوج

رشدي الصافي

2013 / 11 / 24
العلاقات الجنسية والاسرية


لطالما كنت معارضا لبعض العادات المتجدرة في ثقافتنا ليس من باب طمس الترات و إنما لما تحمله تلك العادات من بعد سيكو باتولوجي خطير على حياة الأفراد. منذ أيام سمعت بخطبة أحد الأصدقاء-الغير مقربين-في عقده الخامس والعشرين من ابنة عمه وهي فتاة قاصر تحت طلب والده قسرا بناء على التقاليد التي تنص على عدم اختيار الزوجة وهو الأمر الذي لم يقبل به الابن لكن مكانة الأب الرمزية لديه جعلت يتنازل عن حريته في الاختيارو" يدير لخاطر لباه " كما نقول بالعامية . كنت على يقين تام بأن الأمر لم ينتهي عند هذا الحد كما أني تنبهت لحدوث مشكلة لا تحمد عقباها يوم الزفاف . مشكلة من قبيل المشاكل التي يعجز عن فهمها الأطباء , لذلك تشبث بمعارضتي لهذا الزواج الذي اعتبرته قبل الأسباب أعلاه جريمة في حق الخطيبين اللذان لم يجمعهما حب او اي صلة حميمية وفي حق الفتاة التي لم تبلغ السن القانوني للزواج .
في ليلة الدخلة عجزت الأفواه اللاغطة أن تستمر في ترديد الزغاريد و الأهازيج , فالعرس قد انقلب إلى مأساة مخجلة. الابن الذي هو رمز الفحولة لم يفلح في جني ثمار شجرة لم تزهر بعد .ملئ الانتظار المكان حتى سقط العريس مغمى عليه. فبدأ القيل والقال وكثر السجال بين الجماعة و ظهر منهم الطبيب و المسعف والفقيه الذي يصارع جنود الخيال.. .حتى جاءني من أهل العروسة رجل عريضة الجبهة ويحمل في يده شهادة طبية لم يتسنى له بحكم جهله معرفة ما تحتويه من حقيقة . كانت الشهادة عبارة عن جملة بالفرنسية لم يفهم معناها أحد الجمل هي:dont les caractéres anatomiques de" l hymen ne sont pas conservé "مع تشطيب على ne pas اي أن جرة قلم الطبيب على أداة النفي تلك قد برئت الابنة من الألسنة السليطة ف(البكرة) لا تزال سليمة . وصار بذلك العريس في مرمى (العار) .
بعد ذلك استدعيت العرس إلى مكان هادئ من باب التعاطف والفضول ... تلعثم قليلا تم رسم على شفتيه بسمة ثائرة حائرة مستفهمة و أفصح عن تفاصيل تلك الليلة قائلا بنبرة من الحزن تتملكها رغبة ضاربة في عمق الاستفسار :
=لا أعرف ماذا جرى لي تلك الليلة أحسست بجمود جسمي وعاطفي , لقد تجمدت من كل النواحي حتى من الجانب الجنسي لم أعد اشعر بأي رغبة في المضاجعة أو حتى الجلوس بالقرب من زوجتي ...لقد تملكني شعور بالغثيان والاشمئزاز من الغرفة, حتى أغمي علي . وأنا الآن لا أرغب في شيء . ثم طأطئ رأسه إلى الأسفل وردد عبارة "لا يهمهم شيء غير الاحتفال أنا أيضا لا يهمني شيء " =
كانت عبارته الأخيرة صريحة وتحمل في طياتها الكثير من المعاني, فهو لم يرغب ول للحظة في هذا الزواج أو بالأحرى هذا (التزاوج) الذي لم يحضا منه إلا بذل الأب والعائلة والجيران وفقدان الثقة في نفسه ... وبالنسبة لما حدث ليلة الدخلة فقد يستغرب البعض من الذين لا يحملون ثقافة سيكولوجية إن قلت أنه أمر طبيعي أو أنه استجابة عادية يمكن أن تحدث للكثير منا هذا إن أخدنا في الحسبان الجانب النفسي الذي هو المكون الأساسي في الإنسان , فالرغبة الجنسية تحكمها عوامل بيو-نفسية متداخلة لا يمكن فصلها كما نعلم أن هرمون تيستوستيرون عنذ الرجال و هرمون البروجستيرون و الأستروجين عند الإيناث يتحكم في الو ضيفة التناسلية عنذ الجنسين لكن الإفراز الهرموني تحكمه مبادئ نفسية تتجلى في تجليات الرغبة في الواقع والتعاطف والحب وغيرها من المظاهر الإيروسية . إذن فالانسان هو كثلة من الاحساس قبل أن يكون آلة للجنس مادام هذا الأخير لا تنحصر وضيفته في حفض النسل والانجاب فقط .
إن ما وقع لعريسنا في ليلة فرحه يوضح أكثر تلك الو ضيفة السيكولوجية الضرورية خلال الممارسة الجنسية , وما حدث له هو بكل بساطة إسقاط أولي لا شعوري على موضوع الرغبة والمتجلي في الزوجة التي لم يقبل بها , وما حدث قبل الزفاف من تحضير وإظهار لبهجة أمام الحاضرين هو فقط حقيقة شعورية تخفي رفضا قاطعا لزواج بدافع الخضوع لرغبة الأب الذي اكتسى بعدا رمزي سلطوي متضخم . لكن هذا الرفض (المقموع) والذي لم يعبر عنه في الحالة الواعية . سيأخذ مجراه الاشعوري ويعبر عن نفسه بالعجز الجنسيفي في اللحظة الغير مناسبة والذي واكبه إسقاط موضوعي من مشاعر الاشمئزاز والكره على الزوجة كاستجابة غير واعية كسرت رمزية الأب و كأنها انتقام منه .
في الحقيقة فهذا التحليل هو محاولة جد مقتضبة لتفاصيل أعمق من ذلك لكن ما يهم هو أن ألا نضل في منعطف الطريق عاجزين أمام التفسير والفهم لمتل هذه الوقائع التي تكرر باستمرار بدون أي رؤية من زاوية موضوعية وذلك لعدم وجود أي ثقافة من هذا القبيل وكذا سيطرة التفسيرات الميتافيزيقية والخرافية على عامة الناس ...
ملاحظة
إن ما أوردت سالفا من تفاصيل وأحداث كان بموافقة صاحب القصة . بهذا فقد حسم نقاش أخلاقيات ممارسة الفعل سيكولوجي مع بعض المتفلسفين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. برنامج اليوم | حقوق المرأة المطلقة عربيا


.. مصر | معاناة مستمرة للمرأة المعيلة بعد الطلاق




.. إحدى الحاضرات منى الحركة


.. مسرحية حياة تروي قصص لبنانيات من مدينة بعلبك




.. سلوى جرادات وهي فلسطينية من رام الله