الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاك بلحية يظهر لأول مرّة

محسن لفته الجنابي
كاتب عراقي مستقل

(Mohsen Aljanaby)

2013 / 11 / 24
كتابات ساخرة


(ماردناها بالكَوّه أجتنا ..مثل الغيمة لمّن لفتنا) أستبقنا الحدث ورددنا سوية تلك الأهزوجة وقد أهديناها لخطبة ستأتي بعد لحظات من أحد تجار الدين في (مجلس فاتحة) على روح أحد معارفنا حين طالعنا أحد الشيوخ وهو يوشك أن يتسلق المنبر في آخر القاعة التي دخلنا , كان يترائى لنا وبصراحة أنه هتلر أو نمرود بل أقرب الى كسرى , ولنا في ذلك تجارب متراكمة شتّى , فالأمر لا يطاق مع تلك الأصناف التي تتعالى فتحسب نفسها آلهة تتحكم بمصير الناس لتنحدر بهم من سيء الى أسوأ بجلبهم لكل مصائب التاريخ ليؤججوا بها الفتن لتتحول الى تطبيق يمارسه العامة في القتل والظلم والفوضى فيما هم متنعمين بأرستقراطية لا تحلم بها الحسناء (كارولين) أميرة موناكو التي تملك نصف فرنسا تلك التي أصيبت بقشعريرة حين علمت أن الناس يرتدون الجوارب أكثر من مرّة ..
فرجل الدين الذي كنّا نبجله ونوسّع له المكان لنأخذه بالأحضان طامعين ببركاته تحول اليوم الى رجل أعمال في السوق السوداء ورئيس عصابة في الشوارع الخلفية للمدن الكبرى , قاتل للأحلام ومصب عام لكل أنواع النقمة , تلك الأخيرة لم تكن قراءة في كتاب وعّاظ السلاطين بل لسان حال يشمل نماذج كثيرة (لانستثني منها الا القلة) يردده المثقف طول الوقت مع نفسه :
فبسببه أتى الفاسدون للسلطة
وبسببه يقتل الأبرياء دون رحمه
وبسببه تأخرنا قرونا لنبقى قابعين في وحل المحنة
تلك حقائق ظهرت في آخر بضع سنين ليست تهكما ولا أفتعال لضغينة فهي واضحة مثل الشمس الحرّة وكل مَن يناقض نفسه ليدحضها عليه أن يتوجه الى أقرب شاشة أو شباك ليرى المأساة من القتل و الخراب والروائح النتنة , سواء في بلدنا أو البلدان المجاورة ..
كان علينا أن نبقى ربع ساعة على الأقل فمن المخجل أن نقوم على الفور , لنجعل ذوي الميّت يتهموننا بأننا أتينا سخرة, ولذلك بحثنا في المكان عن أبعد نقطه , عسى أن نخفف الوطأة فتحمّلنا على مضض مشتتين التفكير بالحرق السريع للوقت بخرط السبحة , ولكن , وهنا أسترعي أنتباهكم وبشّدة كما نحن أنسقنا لما سمعنا برغبة , ركزوا معنا أرجوكم , نعترف أننا ظلمنا هذا الرجل , يبدو أنه رجل دين وليس بتاجر خرده , فقد أسترسل بحديث مجدي ونافع وكأنه ملاك بلحية , بدأ خطابه بعبارات لذيذة عذبة مرحبا بكل الحضور دون تفرقة , وأشار الى السلام كأسم من أسماء الله الحسنى , والمحبة التي جعلت الأمم الراقية تبدع وتتسامق فترقى , ثم أشار الى الظلم الأجتماعي والجهل والتقوقع و كيف أن الناس يصنعونه بأيديهم حين تتشوّه معايير مجتمعهم ويفقدون هويتهم(الوطنية فقط) و يستهينون بقوانيهم , وأن دعاة السلطة يمارسون بخبث أقذر لعبة , من خلال وضع الشعب في زاوية ميّته مابين مطرقة الأرهاب والتكفير وسندان الولاء للمفسدين بأسم المحاباة ونصرة الطائفة , وهكذا غرقنا , وأن الله أرسل لنا (كلنا) رسائل علّنا نهتدي لتبرز مسؤولية الجميع فالبلد أمانة بأعناق كل المجتمع , ضرب مثلا" فيما رآه حين زار ماليزيا , وكيف أن أمطارها لو سقطت على العراق ليوم واحد لغرق من زاخو للبصره , لكنهم تدبروا أمرهم بتقنيات حديثة وبأموال بسيطة لاتذهب سدى , تكلم بجدارة ودقة حين وصف نوع الأنابيب التي يستخدمون وقارنها بما عندنا, جعلتهم يعيشون حياة طبيعية ولو أستمر المطر عندهم لألف شهر , يؤدون رسالتهم بصمت ليجعلوا الكوكب أجمل , ضرب مثلا في السجون وكيف أن نزلائها الآن فيهم نسبة ثلاثة أرباع أدينوا بقضايا لاأخلاقية , وهو مؤشر خطير يستوجب البحث عن الأسباب في عمق المجتمع , تحدّث فأحسن فأجبرنا مخيرين أن ننصت ونحن نعيد لأذهاننا ذكريات التبجيل لرجل الدين الحقيقي المتحضّر فأخذ من فولتير و جان دارك و علي الوردي ليبرع في الفيض بثقافته لتنسجم مع الواقع بالأعتراف بالمشاكل وتشخيصها فهي أول الطريق لأيجاد الحلول والخروج من الوحل نحو القمة , تأكدنا أنه يشبهنا بل هو واحد منّا عرفناه حين تكلّم بحرص وحرقة .. لقد غيّر هذا الرجل (عصر اليوم) ما نحمل عن كل (المتديّنين زيفا) من فكرة فهناك الحقيقيين بينهم , مؤكد ستكون حياتنا أجمل لو كان كل (تجار الدين) (رجال دين وسلام ومحبة) يهدفون الى هداية الناس نحو ماينفعهم دون مصالح دنيئة ضيّقة .. نتمنى ونستودعكم أيها الأحبة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال


.. محمود رشاد: سكربت «ا?م الدنيا 2» كان مكتوب باللغة القبطية وا




.. جائزة العين الذهبية بمهرجان -كان- تذهب لأول مرة لفيلم مصري ?


.. بالطبل والزغاريد??.. الاستوديو اتملى بهجة وفرحة لأبطال فيلم




.. الفنان #علي_جاسم ضيف حلقة الليلة من #المجهول مع الاعلامي #رو