الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دراكولا الإعلام العربي

هدى سليم المحيثاوي

2013 / 11 / 25
الصحافة والاعلام


كونتيسة الدم، لقبُ اليزابيث باثوري بعد أن قامت بقتل وتقطيع ستمائة جسد فتاة بريئة. سيدة مجرية ذات أصولٍ نبيلة، وجدت في نفسها شهوة للفتيات، فأخذت تلهو مع الخادمات الصغيرات وبعد أن تمارس معهن الجنس تقوم بتعذيبهن وتمزيق لحمهن وفي النهاية ذبحهن .وكان يساعدها في التعذيب والتقاط الفتيات من الريف خادمها الأعرج وسيدة سوداوية اسمها آنا دارفوليا. وكانت الكونتيسه تستمتع بتجويع الفتيات أسبوعاً كاملاً ثم غرز الدبابيس في الشفتين وتحت الأظافر وحرق مناطقهن الخاصة، وبعدها قتلهن والاستحمام في حمامٍ من دمائهن. ظناً أنه سيحفظ لها نظارة جلدها وسيعيد لها شبابها المتآكل ... لم يكن القتل هو جريمتها الوحيدة، وإنما التلذذ بضحيتها بعد قتلها وخلق طقوسٍ وأساليب جديدة لتزيد المتعة في جرائمها .
لم يتوان التلفزيون السوري عن تجرع كؤوس دماء اليافعين رغبةً بإعادة شبابه المتآكل، حتى اعتاده غذاءً أو وصفةً سحرية يُعيد به صباه بعد إنحناء ظهره .
مازلنا إلى الآن أمام حيرةٍ من عرضه مجموعة من اليافعين وقد تنوعت التهم الملصقة بهم، ابتداءً من حمزة الخطيب والقصاص منه بعد ارتكابه لجرائم لطالما ارتكبها من هم أكثر قدرةً منه وعلى مرآى من المحكمة العادلة، دون أن يُنظر بأمر هؤلاء. ومؤخراً وليس آخراً فاجأنا التلفزيون نفسه بتهمٍ ليست على مقاس المتهمين ,من أميرة لجبهة لا تتخذ من النساء أكثر من مجرد سبايا. ثم يأتي سوء الحظ وبراءة الوجه حليفا طفلةٍ بامتياز لينصبها التلفزيون أميرةً لنوع آخر من الجهاد. ورغم كل مايثير الاستغراب والتعجب إلا أن التلفزيون السوري سار بنا بعيداً حتى وجدنا أنفسنا أمام أصغر إرهابيٍ في العالم ...استطاع فعل مايعجز عنه عشرة رجالٍ مجتمعين.
مجموعة من عصارة الثوابت الإنسانية حاول الإعلام عبثاً تسخيرها لضخ الحياة في عروقه من جديد من خلال هذه فيديوهات كان الأطفال صانعو فيلمها. ولم تكن النتيجة سوى المزيد من الضحايا والكثير من إشارات الاستفهام ,وصورةٍ جديدة لدراكولا يمكن وصفها ... بـ (دراكولا المؤسسات).
لم تخلُ مؤسسةٌ في سوريا من نظامٍ يعتاش على دماء من يخضعون له، ليحيا الدراكولا الأكبر فيه، حتى بتنا في منظومةٍ دراكولية هرمية توصلنا في نهاية المطاف إلى الدراكولا الأكبر، حتى المؤسسة الأكبر من مؤسسات الدولة والعمود الفقري لبقية المؤسسات لم يخلُ نظامها من نظامٍ دراكولي، يتخذ من الأطفال وقوداً ليخلًد الأب بعد موته، ويولد أب آخر في فترة شهرٍ واحد وبنفس الصفات المجيدة .
إذا عدنا إلى موضوعنا وهو الإعلام فعلينا أن نسأل، من ينتقي الأطفال لهذا الإعلام ؟! وهل فعلاً تنسج هكذا حالة لإقناع من هم مصدقين أصلاً طهارة الإعلام السوري ؟!
عمل التلفزيون السوري خلال مسيرته على تفنيد كل طاقاته لإقناع الجمهور بما يراه حتى ولو كانت نصائح طبية، لا تعطي نتيجة أكثر مما تعطيه (خمسة نصائح لتجعلي حياتك أجمل ). فهل أخطأ الآن في مثل هذه المرحلة باختيار الروايات التي تقدم وجهة نظره وتبرز حقيقة الطرف المقابل ؟! .
إذا أردنا تشريح استديو التلفزيون السوري فسوف نرى أن بطله هو الطفل نفسه وليس القصة بحد ذاتها. فهو لايحتار باختيار التهمة ولكنه يصر أن تكون ضحيته بريئةً ونقية لتعلق في الذهن وتُنسى قضيتها، أو تبقى في أطار الإجرام بحقوق الأطفال الذي قد يحشد آلاف الآراء والمواقف من أفرادٍ ومنظماتٍ تندد وتدين حقوق هؤلاء الضحايا وتطالب بالقصاص من مرتكبيها. إلى جانب الضحايا ظهر في الإعلام الرسمي أطفالٌ مجرمين وليس هم الضحايا. هل يريد أن يقول لنا أن العنف ينتقل لنا بالوراثة ؟! ويحذر بأن البيئة السورية باتت تربةً صالحة لولادة العنف وليس فقط لممارسته ؟
إن كان كذلك، فالتلفزيون السوري لايصنع حملةً دفاعية هدفها تبرئة نفسه ليس إلا، بل إنه يؤسس ماضٍ لمستقبلٍ يُخشى أن تكبر فيه النفس الدراكولية لتصبح بحاجة لجرعةٍ أكبر من الدماء. عندها لن يتعب في انتقاء ضحاياه، فهو قد صور لنا الجيل القادم جيلاً مجرماً تغذى على العدوان ولا يرسم مستقبله إلا بالعدوان. هذا الإعلام هو فرد في أسرة كبيرة. والعدوان من وجهة نظرٍ سيكولوجيةٍ ينتقل بالعدوى أو حتى بالوراثة، فليس من المستغرب أن يسير أحد هؤلاء الأخوة على نفس الخطا، وكل ذلك إن لم يكن لإطالة عمره فمن الممكن أن يقيه بعض التجاعيد لفترةٍ معينة .
انتهى التاريخ من الكونتيسة، ولم تحمها دماء 600 ضحية من الفناء. أرادت أن تكون أجمل وأصغر رغم أنها لم تستطع أن ترى أحداً، ولا أحد رآها سوى خادمتها وخادمها الأعرج .
لا تفكروا في دراكولا، بل فكروا بالسيدة السوداوية خادمها الأعرج ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - دراكولا وريثه العربي داعش والنصره وقاذورات اخرى
علي العبيدي ( 2013 / 11 / 25 - 06:53 )
ليعرض التلفزيون السوري ماشاء فهو يقول جزءا من الحقيقه وليس كلها!!!!نظام الاسد الذي لافرق بينه وبين من يظن انهم اعداءه فيما هم ربيبه القدماء وحلفاءه اللذين كان يرسلهم لنا ليقتلوا العراقيين بدم بارد او ينتحروا ليقتلوا المزيد!!!! لافرق اطلاقا بين اوساخ الدنيا وجراثيمها من داعش والشبيحه وجيش النصره والجيش الاسلامي فهم جميعا مجرمين وارهابيين هواتهم قتل الناس البسطاء ان كانوا سوريين او عراقيين!!!!لاشماته سيدي بما يقتل من انصاف البشر هؤلاء فهم يقتلون بعضهم ليلتقوا في الجحيم!!!ولست الوحيد الذي يحس بالنشوه والسرور والفرح حينما تاتي الاخبار بارتكابهم القتل ضد بعضهم بابشع صوره وانما كل العراقيين والسوريين اللذين عانوا من ارهاب بشار الاسد وزمرته او (المجاهدين)وعصاباتهم كداعش ومن شابههم


2 - السيد علي العبيدي
huda ( 2013 / 11 / 26 - 19:37 )
صديقي ,لافرق أبداً بين مجرم وآخر والجميع في نفس الدرجة ,ولكن هناك فرق بين الأساس والنتيجة ,طبعاً ندين داعش وملحقاتها وجبهة النصرة وأفعالها ولم آتي على ذكرهم لأن موضوعي عن اليافعين وهذا مااشتهر به الإعلام الرسمي ..واعتقد أن الكم الهائل من الإجرام على الأراضي السورية هو سبب هذا التطرف الذي ظهر إن كان بين السوريين أو بتقبلهم واستعدادهم للتعامل مع مقاتلين أجانب ..
ولكن مهما عانينا لايمكن أن نشعر بالنشوة والسرور بمشاهد القتل فهي مؤشر لقتل الإنسانية في داخلنا ..

اخر الافلام

.. حزب الله يوسع استهدافاته.. وإسرائيل تؤكد حتمية الحرب مع لبنا


.. أوامر إسرائيلية جديدة بعمليات إخلاء إضافية لمناطق في شرق رفح




.. الفاشر.. هل سيكون بداية نهاية حرب الجنرالين؟ | #التاسعة


.. للمرة الأولى منذ عقدين.. عاصفة شمسية تضرب الأرض |#غرفة_الأخ




.. كأس الاتحاد الإفريقي.. نهضة بركان يستضيف الزمالك في ذهاب الن