الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أندلسيّات (6): كيف أصبحتُ مسلماً أموياً؟

محيي هادي

2005 / 6 / 7
الادب والفن


في أرضِ الأسبان
في قريةٍ نائيةٍ في أعلى الجبال
تعزفُ رياحُها الصافيه
نغماتِ حُـبٍ هادئه
جميلة رائعه.
و شعاعُ شمسها الحاميه
يعكس في أشجارِها الظِّلال.
قريتُـنا جنةٌ،
من أجمل الجنان.
كنتُ في القريةِ أعمل راعياً،
أرعى بها الماشيه
أبحثُ لها عن عُشبِ،
أوردها الماء في الوادي
و أحميها من هجمةِ الذِّئبِ.
فأحصلُ القوتَ لأولادي.

في عمرِ الصغار
في كل يوم كنا نلتقي في ساحة القريةِ، نحقق الأحلام
نُقبِّل الصديقَ بالضحكِ و بالسلامِ
بحبِّـنا البريء و الوئام
فمرة نبدأُ في اللّعبِ
و مرة أخرى غايتنا الشجار و الخصام.

بعد الهجرةِ بعامين و تسعينْ،
في ليلةٍ قاتمةٍ سوداء
أيقظني من نومي الهادي
صراخُ أطفالي و جيراني،
بكاءٌ و أنينْ،
و غريبُ أصواتٍ و ضوضاء.
خرجتُ مذعورا إلى الدَّربِ
أبحثُ عن مصادرِ الرُّعبِ:
عمائمٌ مُـغْـبَـرَّه
تحملُ أعلاماً أمويةً حمراءْ
وجوه داكنة السُّـمْـرَه
تُمزِّق الليلةَ الحالكةَ الظلماءْ
قد عمَّ في قريتنا البلاءْ.

دخل الغرباءْ
و كدّسوا في الساحةِ الرجال
و قيَّـدوا الأيادي و الأرجل، بأغلظ الحبالِ
و دنَّسـوا البيوتَ
بحثا عن الجوهرِ و الأموالِ
فسرقوا الياقوتَ
و نهبوا العقيقَ و المرجان
و أشعلوا في بيتنا النيران.
قد اختفت عن أنظارِنا النساء
و افتقدت أعينُـنا الأبناء.

آه يا أمّاه
إنَّ الأسرَ يؤرقني و يقتلني
و قيدَ الرسغِ و المعصمِ يُؤذيني و يَجرحني
و مشيَ الدربِ يُؤلمني و يُتعبني

قد أجبرونا على المشيِ
من حقلٍ إلى حقلِ
و قد عبرنا حفاةً الأرجُلِ
من نهرٍ إلى نهْـرِ
و شققت رِجليَّ حافَّاتُ الصخْرِ
ثمَّ وصلنا خيمةَ الروميِ،
مُغيث الرومي
سبيٌ من سبايا الحربِ
قد سار على الإجرامِ و الرعبِ
قيل لنا:"هذا هو القائد"
دخلنا عنده جمعا بقيدٍ، أو واحدا، واحد.
قال لي الرومي: "غيِّر الإيمان،
و إلاّ السيف و القطع،
و آمن بفكرةِ الإسلام،
و إلاّ خِنجر القمع.
آمِن و لك السلم والأمان"

بالمطارِق
حطَّموا رأْساً فرأْساً
جنودُ طارق
أحرقوا كلَّ بيوتِ اللهِ
و رموا الأهلَ في جوفِ المحارِق

آمنتُ بالله، الواحد القهّار،
بإله بني أمية الجبّار
و إلاّ فالسيف يقطعني
و قدَّمتُ طاعتي الكبرى
للخليفة المختار
و إلاّ خِنجر الغدر سيطعنني.

قد قيل لي: هذا هو القرآن
قـبِّـلْــهُ،
قد قيل لي: هذا هو الفرقان
إقـــرأهُ،
فـقـبَّـلْتُـهْ،
بدونِ العلمِ بالأعرابِ والإعرابِ
فسَّــرْتُهْ

قد قيل لي، إنهم في الحروب
لم يقتلوا الأسير،
و إنهم لم يجهضوا أبداً على الجريح
فهل هذا هو الصحيح،
أم إنه فِعلا، من الكذبِ الصريح؟
و قيل لي بأنهم لن يُذلوا كريمَ قومٍ
دارت به الخطوب.

فمن هو الكريم؟
هل هو ذاك الملكُ العظيم؟
هل هو ذاك المالك الجواري و العبيد؟
هل هو ذلك اللئيم؟
و إنني، أنا الراعي، ألستُ بالكريم؟

آه يا أختاه!
في أيِّ حُـضنٍ قد أُجبرتِ؟
يا حُزني و مأساتي!
آه يا زوجتاه!
أين أصبحتِ؟
يا من شارَكَتْـني الحبَّ في أطيب أوقاتي.
آه يا أمّاه!
عبداً قد أصْـبَحتُ و أُجْبِـرتُ على ذاتي
جثامينا أرى دوما، و أحلامي في أمواتي

لا أعرف، اليوم، أين زوجتي الحلوة؟
لا أعرف، الآن، أين ابنتي الشقراء،
و ابني الأزرق العينين بوجهٍ أبيضِ السُّحنه؟!

لقد أصبحتُ عبداً خادِما
في بيتِ مجرِمْ
أيّ مجرم!!
هكذا بالسّيْفِ قد أصبحتُ مسلمْ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاعلكم | الغناء في الأفراح.. حلال على الحوثيين.. حرام على ا


.. الفنان عبدالله رشاد: الحياة أصبحت سهلة بالنسبة للفنانين الشب




.. الفنان عبدالله رشاد يتحدث لصباح العربية عن دور السعودية وهيئ


.. أسباب نجاح أغنية -كان ودي نلتقي-.. الفنان الدكتور عبدالله رش




.. جزء من أغنية -أستاذ عشق وفلسفة-.. للفنان الدكتور عبدالله رشا