الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المالكي في أمريكا !

سهر العامري

2013 / 11 / 25
كتابات ساخرة


قبل أيام قلائل كنت أصغي السمع لأحمد الجلبي ، وهو يدلي بأخبار منقولة له من طرف أمريكي مطلع عن زيارة المالكي الأخيرة لأمريكا ، وذلك من خلال لقاء معه على قناة البغدادية ، وفي برنامج " حوار عراقي " .
ضمت الزيارة تلك عددا من المرافقين له ناف على الثلاثين رجلا ، جلهم أعضاء في الحكومة والبرلمان ، وكان هدف الزيارة تلك هو طلب المزيد من المساعدات العسكرية من الجانب الأمريكي ، أو تلك التي تخص المجالات الأمنية ، وذلك من أجل مواجهة العمليات المسلحة التي تدور رحاها في شوارع العراق ، ويبدو ، وعلى ذمة الجلبي ، أن المالكي لم يحصل على شيء مما أراد ، وبدلا من ذلك فقد تعرض الى حملة نقد جارح من أصحاب الدوائر الأمريكية الذين التقاهم ، خاصة نائب الرئيس الامريكي ، جون بايدن الذي أتهم المالكي بالفشل على جميع الصعد ، أو الرئيس الأمريكي ، باراك أوباما ، الذي لم يسمح إلا لشخص واحد من الثلاثين بمرافقة المالكي عند مقابلته له ، والتي دامت على مدى سبع عشرة دقيقة لا غير ، تعرض فيها المالكي الى تأنيب من قبل الرئيس الأمريكي حين حثه على تعديل سلوكه مع شركائه في الحكم ، وقد حرص الرئيس الأمريكي ، وعلى ذمة الجلبي كذلك ، على عدم النهوض له حين أراد المالكي توديعه .
هذا الجفاء الواضح الذي تعرض له المالكي من قبل الإدارة الامريكية هو الذي دفعه الى قطع زيارته على ما بيدو ، وتوجهه الى الفندق الذي يقيم فيه هو والوفد المرافق له ، ومن هناك أرادوا حمل حقائبهم متوجهين الى المطار حيث تجثو طائرتهم الخاصة على أرضه ، لكن إدارة الفندق ، وعلى ذمة الجلبي مرة ثالثة، اعترضتهم قائلة : هاتوا أجور مبيتكم في الفندق !
لقد اضطر المالكي ومرافقوه أخيرا على الى دفع تلك الأجور رغم أنهم حضروا بدعوة رسمية من قبل الحكومة الأمريكية . وأضيف أنا الى ذلك أن المالكي حين توجه الى روسيا في زيارة رسمية سابقة له أسكن في فندق متواضع ، يسكن فيه الكثير من العراقيين الذهابين كسياح الى العاصمة موسكو ، وعلى العكس من ذلك فقد أسكن الزعيم الكردي العراقي ، مسعود برزاني ، في دار ضيافة من قصور الكرملين الشهيرة ، مثلما أخبرني صديق عن ذلك .
حكاية المالكي ووفده هذه ذكرتني بحكاية أخرى رواها الرحالة الإنجليزية ولفريد ثيسجر في كتابه : عرب الأهوار ، نقلها هو عن صحين شيخ عشيرة الفريجات ، وقمت أنا بترجمتها عن اللغة الإنجليزية في كتابي : عرب الأهوار ، الضيف والشاهد .
فعن صحين رئيس عشيرة الفريجات ذاك ينقل ولفريد ثيسجر فيكتب : ( حدثنا صحين إنّه قبل سنوات قليلة زار ثلاثة من معدان الجبور ، وهم أهل قرية على مقربة من عشيرتهم ، مدينة البصرة ، وكانوا شبابا ، ولم يكن أحد منهم قد غادر الأهوار من قبل ، ساروا في الشارع الرئيس من المدينة مذهولين ، مرعبين ، فهم لا يعرفون أحدا فيها ، وقد كانوا جياعا يفتشون عن مضيف ، فجأة صاح رجل مرح ، ذو بطن كبيرة وسمينة ، كان يقف خارج بيت في زقاق: مرحبا ، ألف مرحب ، تعالوا ، من هنا الطريق ، ثمّ قادهم الى غرفة كبيرة حيث كان عدد من الناس جالسين على الكراسي ، يأكلون على طاولات صغيرة.
-;-
:- احسبوا أنفسكم في بيوتكم ! ماذا تريدون أن أقدم لكم ؟ مرق، خضار، سمك، لحم ، حلويات ؟ أتريدون شربتا ؟ قولوا فقط ، وسأجلب لكم ايّ شيء تأمرون به ! مرحباً، مرحبا ! 
-;-لقد أعتقد الشبان الثلاثة أنّ هذه طريقة في تصرف غريب ، فمن كان قد سمع مضيفا يسأل ضيوفه عمّا يريدون من أكل ؟ إنّه ودود ، وهذا يدلّ بوضوح كيف يتصرف الناس المتمدنون.
:
-;-- نحن نريد كلّ ما ذكرت.

-;-- حسناً ، حسنا ، مرق ، وسمك ، وخضار، ودجاج ، أهذا فقط ؟ وطبعاً حلويات وشربت كشراب ، دقيقة بالتمام إن سمحتم.
-;-
واحد من المعدان التفت للآخرين قائلا : والله إنّ رجال المدن طيبون ، أين تجدون مثل هذه الضيافة في الأهوار ؟ ماذا يقصد آباؤنا حين كانوا يحذروننا من أن رجال المدن أرذال؟
-;-
عاد مضيفهم حاملا عددا من صحون الطعام التي غطت الطاولة بعد ذلك ، ثمّ جلب الماء لغسل أيديهم ،
-;- لكنهم لم يسمحوا له بسكب الماء على أيديهم ، بعدها قال: هيا ، تفضلوا، كلوا ، احسبوا أنفسكم في بيوتكم ، أبداً ، لم يكونوا قد تناولوا مثل هذه الوجبة من الطعام. لقد أكلوا ثم أكلوا.
-;-
:- دعوني أجلب لكم مزيدا من المرق ، مزيدا من الدجاج !
-;-
:- شكراً لك ، شكرا لك ، أيّ رجل هذا ؟ إنّه يقدم الكثير من الأكل!

-;-وأخيراً أقنعوه بأنهم شبعوا ، وبعد أن غسلوا أيديهم جلب لهم القهوة والشاي ، بعدها نهضوا منصرفين ، قائلين للرجل : اللّه يجازيك.
-;-
:- قفوا ، انتظروا دقيقة ، الله يجازيكم أنتم ، أين فلوسي ؟ ديناران ذلك هو حقي.
-;-
:- ماذا تقصد ؟ هل لديك فلوس عندنا ؟ هذا هو مضيفك ، وأنت دعوتنا
للدخول إليه ، حين كنا مارين به.
-;-
:- كلاب ، أعطوني مالي ، معدان ، كلاب ، لصوص ، انتظروا حتى أخبر الشرطة.

-;-لقد أجبروا على دفع دينار ونصف في نهاية الأمر ، ولم يتبقَ لديهم من المال ما يركبون به السيارة ، ولذا عادوا سيرا على الأقدام حتى مدينة القرنة.)
انتهت حكاية صحين عند هذا الحد ، ولي أن اقول : إنه لو لم يكن مع المالكي والوفد المرافق طائرة خاصة ، ثمنها وهو أموال فقراء العراق ، لكانوا قد ساروا على الأقدام من واشنطن الى قضاء طويريج ، حالهم في ذلك حال معدان الجبور الذين ساروا على أقدامهم من البصرة الى قضاء القرنة !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحكي سوري- رحلة شاب من سجون سوريا إلى صالات السينما الفرنسي


.. تضارب بين الرواية الإيرانية والسردية الأمريكية بشأن الهجوم ع




.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج