الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خيارات مصر الحائرة الخائرة

مجدى خليل

2013 / 11 / 25
مواضيع وابحاث سياسية



يبدو أنه مكتوب علينا أن نطرح كل عدة سنوات سؤال إلى أين تتجه مصر؟،وفى كل مرة تأتى المفاجأة فوق توقعاتنا على الأقل فى شكلها وحيويتها وسرعتها. قبل سقوط مبارك بعشر سنوات تقريبا كانت التحليلات مزدهرة حول خيارات مصر ما بعد مبارك. وفى منتدى الشرق الأوسط للحريات عقدنا فى نوفمبر 2007 مؤتمرا حاشدالأبرز رموز مصر الثقافية والحزبية لنجيب على سؤال واحد وهو " إلى أين تتجه مصر" وجاءت معظم التوقعات مؤيدة لأن العد التنازلى لنظام مبارك قد بدأ بالفعل،وكانت معظم الهواجس والمخاوف والتوقعات تتجه إلى أن الإسلام السياسى مستعد للقفز على السلطة عبر سيناريو الفوضى أو عبر أنتخابات تحمل مظهر الديموقراطية وجوهر الأستبداد،ولكن فوجئنا يوم 25 يناير وحتى 13 فبراير بمشهد ثورى بديع يتصدره شباب تواق للحرية،ورأينا الملايين تبحث عن العيش والحرية والعدالة الاجتماعية،ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه،ففى خلفية الصورة التى ابهرت العالم كله كان يختبئ الثعبان الاخوانى برأسه المخيف ولسانه يلعب فى كل الاتجاهات ورأسه يتحرك بسرعة مرعبة حتى انقض على الثورة ولدغها فماتت فى مهدها،واتجهت مصر بعد فترة انتقالية مضطربة وفاشلة من حكم المجلس العسكرى إلى بوادر فاشية دينية مخيفة.وبدأ الشارع يغلى من جديد ليس فقط لأنهم خطفوا ثورته واحلامه ولكن لأنهم رجعوا به إلى ما هو اسوأ من عهد مبارك. فى هذه الاجواء الملبدة بالغيوم والعواصف عقدنا مؤتمر فى ابريل 2013 ، فى منتدى الشرق الأوسط للحريات أيضا ، تحدث فيه نخبة لامعة من المفكرين المصريين عن " مستقبل الأقليات تحت حكم الاخوان"،وكانت الرؤية فى هذا المؤتمر منقسمة بين أقلية ترى أن حكم الاخوان لا يمكن أن يستمر وأن مصر ستثور عليهم حتما وقريبا، وبين أغلبية ترى أن الحكم الفاشى يتمكن من مفاصل مصر بسرعة وأن إسقاطه حلما بعيد المنال،ولكن جاءت ثورة 30 يونيه بأكثر بكثير مما كنا نحلم به، لقد هب الشعب المصرى فى منظر مهيب وقام بعملية جراحية نظيفة وسريعة وناجحة لبتر الورم السرطانى الاخوانى، ولكن ويا لخطورة كلمة ولكن، جاء العلاج الكيماوى بعد العملية مخيبا تماما لطوفان البشر الذين خرجوا فى 30 يونيه و3 يوليو. إن العلاج الكيماوى الذى يشكل ضرورة ملحة لوقف عودة المرض وتطهير العملية جاء كارثيا حتى عاد السؤال يطل علينا مرة أخرى" إلى أين تتجه مصر؟"، وفى هذه المرة نقول أن المرض قد يعود تحت بطء العلاج وخطأه فى نفس الوقت أو يموت المريض من شدة المعانأة من العلاج الخاطئ.
إن الخيارات المطروحة لمصر حاليا لا يوجد بينها للأسف خيار بناء الدولة الديموقراطية العصرية الحديثة ووضع مصر على طريق التقدم.
فهناك خيار إعادة أنتاج نظام مبارك ولكن بطريقة اشرس،أى العودة للدولة الأمنية المخابراتية الفاسدة المستبدة،مع عودة كل الوجوه القبيحة التى ملأت الدنيا فسادا وصخبا ونفاقا فى عهد مبارك.
وهناك خيار النظام الباكستانى حيث يتبادل العسكر والإسلاميون المواقع والمناصب والادوار ويقتسموا السلطة والفساد، ويتم أسلمة الجيش وعسكرة الإسلاميين. كل الذين يسعون للمصالحة مع الاخوان ويقدمون المبادرة تلو الأخرى هم فى الحقيقة يهدفون إلى هذا الخيار.
وهناك خيار اطالة الفوضى من آجل إسقاط الدولة كلها،وفى الواقع فأن الاخوان يعملون بكافة الطرق من آجل هذا الخيار وفى نفس الوقت يسلطون اتباعهم من الإسلاميين للتقدم بمبادرات الخيار الثانى، وكلما زاد العنف والفوضى والإرهاب يرتفع سقف احلامهم بمبادرة تعيد لم الشمل الاخوانى،ومن ثم فان العنف الممارس من الاخوان ضد مصر كلها هو لتحسين ظروف وشروط التفاوض فى حالة فشلهم فى إسقاط الدولة.
وهناك خيار مطروح أيضا وهو عودة حكم العسكر بما يشبه بدايات ثورة يوليو 1952،أى الفرجة على كل الفئات وهى تصفى بعضها وتحرق بعضها سياسيا لمصلحة إعادة هيكلة المناصب الرئيسية فى الدولة لصالح شخصيات عسكرية.
وهناك خيار بالحسم والمواجهة الصارمة حتى يتم تطهير الجسم بالكامل من أثار المرض ثم بعد ذلك البدء خطوة خطوة لإستعادة العافية والعودة للوضع الطبيعى الذى يمهد للإنطلاق للامام... وهذا الخيار للأسف لا يؤمن به وينفذه سوى قلة قليلة فى مواجهة أغلبية سياسية تساهم بسؤء تقديرها للأمور لعودة الاخوان للمشهد بصورة أو بأخرى أو لعودة القوى الرئيسية فى نظام مبارك ولكن بصلاحيات أوسع.
وهناك خيار أخير بأن تظل مصر تلف حول نفسها فى دائرة مستمرة تتقدم مصر فيها خطوة للامام ثم ترجع خطوة للخلف لتظل محلك سر ثم تلف فى مكانها حول نفسها لتظل حائرة خائرة مرتبكة،وأعتقد أن هذا ما سيحدث على الأقل فى السنوات الخمسة القادمة،الدوران حول الذات لتبقى المعادلة فى النهاية صفرية فى حين يتحرك الآخرون للأمام لتزداد الفجوة أكثر بين مصر وبين العالم المعاصر.
ولا عزاء للحالمين بالحرية والديموقراطية والعدالة والرخاء والتقدم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أُعانى من ألأهمال ألشديد
هانى شاكر ( 2013 / 11 / 25 - 18:01 )

أُعانى من ألأهمال ألشديد
_______________

عندى أحساس بألأهمال من ألجميع ...

أقتراحى بسيط .. يُحرك ألأمة بعيداً عن ألأقتتال و ألأحتراب .. وفرصة لكل ألأطراف أن تختبر أيديوليجياتها على مهل .. بينما ألأقتصاد و ألأمن يحرزون تقدماَ و أستقراراً

ألمنطقة ( أ ) للدولة ألأسلامية .. محكومة بألشريعة و أمير و جيش قوى
ألمنطقة ( ب ) للبراليين .. محكومة بألقانون ألسويسرى و تحت حماية ألناتو

ألأتفاق على مؤتمر توحيد للبلاد ... يُعقد مرة كل خمس سنوات تحت أشراف ألأمم ألمتحدة

ماتصلوا عالنبى ياناس وتوافقوا على ألحل ده

...


2 - الأستاذ هاني شاكر
ضرغام ( 2013 / 11 / 25 - 18:50 )
الأستاذ هاني شاكر

عليه الصلاة والسلام، وحياه النبي هو ده الحل


3 - الاستاذ هاني
samir soliman ( 2013 / 11 / 25 - 20:41 )
يا ريت بجد

اخر الافلام

.. موريتانيا: ماذا وراء زيارة وزيريْ الدفاع والداخلية إلى الحدو


.. إسرائيل وحسابات ما بعد موافقة حماس على مقترح الهدنة في غزة




.. دبابة السلحفاة الروسية العملاقة تواجه المسيرات الأوكرانية |


.. عالم مغربي يكشف عن اختراع جديد لتغيير مستقبل العرب والبشرية




.. الفرحة تعم قطاع غزة بعد موافقة حماس على وقف الحرب