الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أرض الظلمات ...

ابراهيم البهرزي

2013 / 11 / 26
الادب والفن



صرت ُ على هُدُبيك ِ خريفا ً
صرت ُ ضبابا ً بجناحين ِ من الدمع ِ
أقلُّ وجودا ً من عطر ٍ
وأشد ُّ وضوحا ً من موت ٍ :
صورة ذاك َ العهد ِ المتأنّق ِ بعناق ِ يَدَينا
انكَسَرَت ْ
حَمّالو زمن الترحال ِ
يَشيلون َ الصور َ كَكومة ِ أسمال ٍ
تسقط ُ من عربات النقل ِ
مشاهدَ مُمعنة ً بالرقّة ِ
يتفرج ُ خَلق ٌ دون َ مبالاة ٍ
ويدوس ُ
مشاهد ُ َ تلك َ الأيّام ِ تُثير ُ ظنون َ السابلة ِ
يَمرّون َ بها وَجلا ً ....
صرت ُ على هُدبيك ِ ضباب َ المتطوّح ِ في البنج ِ
وَكما مرّت بي
سَتمر ُّ عليك ِ مشارط ُ حكماء ِ التطبير ِ :
أنا يا العُلويَّة ُ عبد ٌ من عامّة ِ هذي النبط ُ
زرعت ُ لهم نخلا ً حتى أسوَدَّت ْ شطآن الوادي
مات َ جميع النبط ِ وقوفا ً تحت َ النخل ِ
فَأَمّا يَسّاقَط ُ هذا الرطب ُ جَنيّا ً
في حُجرك ِ
تَتَسامين َ الى السَرمد ِ؟
وأظل ُّ العبد َ النبطي َّ
على هُدبيك ِ خريفا ً
وضبابا ً بجناحين ِ من الدمع ِ
أقل ّ وجودا ً من عطر ٍ
وأشد ّ وضوحا ً من موت ؟!



للسيّدة ِ العُلويّة ِ في شُرفتها العُلويّة ِ
لَوّحت ُ لأجل ِ الذكرى
بِيَدين ِ من السعف ِ
فَتَراشَقني السادة ُ نَظَرا ً شَزرا ً ,
ما كنت ُ أظن ُّ بأن َّ العِشرة َ
ألّا كَملاعب ِ أطفال ِ الجيران ِ

وأنَّ الدُنيا , كلَّ الدنيا خُطّار ٌ :
محض ُ سلام الله ِ عليكُم وتَحطُّ اليدَ فوق َ الكتفين ِ ...
ولكن َّ السيّدة َ العُلويّة َ في شُرفتها العُلويّة ِ
غَضّت ْ عني الطرف َ
لأنَّ الأمر َ كبيراً صار َ
الطفل ُ الصاهل ُ فينا صار َ كبيرا ً
والخُطّار ُ تَسامى من فوق المعمورة ِ للسموات ِ
فسلام ُ الله ِ عليكم يا أبناء َ السموات ِ
أنا النبَطي ُّ الأرضي ُّ من العامّة ِ
لا زلت ُ أرى الوادي ملعب َ أطفال ٍ
ولا زال َ السيّد ُ عندي مَحض َ جَريدة ِ نَخل ٍ أركبها وأُغير ُ
فَما سيّدنا نحن ُ الاطفال ُ النَبَط ُ سوى دابّتنا السعف َ
وما أغضضنا طَرفا ً لبنات ِ الجيران ِ
فأذ ْ نحن ُ جميعا ً أهل ُ البيت ِ
زرعنا النخل َ معا ً وَجنينا الرَطَب َ وَخَمّرنا بَعضا ً منه ُ بلا ضَير ٍ
وَشربنا منه بسيطَ الأيام ِ خمورا ً بيضاء َ تدب ُّ بِطيب ِ شَمائلنا
ونُلوّح ُ للسيّدة ِ العُلويّة ِ في شُرفتها العُلويّة ِ
بِيَدين ِ من السعف ِ
وكانت من قبل ُ تردُّ علينا من أجل ِ الذكرى
بِعذوق ٍ من رَطَب ٍ تَتدلّى
لا أحلى ....



صرت ُ على هُدبيك ِ خَريفا ً
وَكأن َّ الدنيا تنحدر ُ الى الأصفر ِ
ريح ُ الريبة ِ تَحثو الأصفر َ للمنحدرات ِ
تلالا ً تتكدّس ُ تحجب ُ فانوس َ الجيران ِ وشُرفتها
الليل ُ يسيل ُ نديفا ً من قار ٍ فوق َ صبي ٍّ نَبَطي ٍّ يَتحيّر ُ
ويحير ُ حصان ُ السعف ِ به ِ
ويطير ُ به ِ أبعد َ
أبعَد َ
أبعَد َ عن أرض الظلمات ....


25-11-2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال