الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصادق النيهوم , ليلة مضيئة في نوفمبر .

علي لّطيف

2013 / 11 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


منذ ذاك الليل و انا أفكر في أمر الصادق النيهوم , ذاك الليبي الذي افتخر انني ليبي لبعض الوقت كلما اتذكر انه كذلك , منذ اول ما علمت ان ذكري رحيله كانت يوم 15 نوفمبر ( و يقال 16 نوفمبر ) و انا انتظر هذا اليوم , المثير في السخرية في الأمر ان ذكري رحيله تصادف يوم الجمعة , اليوم الذي سُرق من ايادينا , اليوم الذي سرقه الفرد من الجماعة و سُرقت فيه الجماعة من الفرد , اليوم الذي سرقوا فيه الجامع , هذا اليوم الذي اصبحت فيه خطب الجمعة مجرد خطب إباحية من اطفال اظن انهم وصلوا سن البلوغ في وقت ليس ببعيد , الأمر محزن و مثير للضحك بطريقة متوازية , اظن ان الصادق كان يضحك من الواقع من خلال قوة و صلابة كلماته الواقعية . الصادق كان شخصاً يعلم كيف يعيش أعتقد ذلك بشدة , أعني يعلم كيف يكون سعيداً لكنه لا يستطيع ان يحقق سعادته , ممكن لإن الوعي غربة و ألم كما قال سيوران , ربما ان مجتمعنا الليبي مُرعب و الوعي في وسط هذا المجتمع يبدو مجرد التفكير فيه مرعباً , كأنك تري النور و لكنك لا تستطيع ان تُضئ الظلام خوفاً من ان ينهشك العميان النيام .
أعني تخيل نفسك في قرية ليبية صغيرة او حتى مدينة ليبية كبيرة امام مخبز الحاج زروق مثلاً او الحاج فتحي , تنتظر دورك في الطابور منذ حوالي ساعة, فقررت فجأة انه ليس عليك الانتظار , لإنه يوجد دقيق و لكن لا يوجد عُمال كفاية , تتشجع و تُقرر ان تقترح فكرة ما للطابور, بأن يذهب بعضكم الي الحاج زروق صاحب المخبز لكي يعرضوا عليه المساعدة , لكنك لا تفعل ذلك , فأبناء العاهرة لن يفهموا فكرتك علي رغم بساطتها , فلغتك ليست مثل لغتهم , سيظنون ان الحاج زروق المسكين متآمر معك او انك مجنون ما او انك تريد سرقة مكان في بداية الطابور او انك مش ليبي علي أي حال .
الصادق احبه الكثيرون و الكثيرات , و اظن ان العديد إستطاع فهم جزءٍ كبير من كلماته , الصادق رحل في جنيف , اظن انه حارب الموت او ربما لا , ليس مهماً حقيقةً , الاهم ان الصادق حارب الجهل و اراد ان يعي الجميع ان الجهل ابن عاهرة قبيح و ان نظرتنا لجماله تعني اننا عميان مرضي , و ان الجمال و التقدم يبدأ مع الوعي و مع الوعي لا غير.
اتمني ان يوم 15 نوفمبر 1994 او ( 16 نوفمبر ) كان يوماً جيداً , علي الاقل يوم ممطر طلت فيه الشمس في الظهيرة و هي تغازل قوس قزح و الغيوم البيضاء و السوداء و عيني الصادق و إبتسامته و شفشوفته , أتمني ان ذاك اليوم كان جميلاً ليخفف عن الصادق عذاب المرض و حتمية الموت , اتمني ان الصادق في ذاك اليوم كان سعيداً و لو لبضعة ثواني .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علماء يضعون كاميرات على أسماك قرش النمر في جزر البهاما.. شاه


.. حماس تعلن عودة وفدها إلى القاهرة لاستكمال مباحثات التهدئة بـ




.. مكتب نتنياهو يصيغ خطة بشأن مستقبل غزة بعد الحرب


.. رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي: الجيش يخوض حربا طويلة وهو عازم




.. مقتل 48 شخصاً على الأقل في انهيار أرضي بطريق سريع في الصين