الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دهاليز التسوية الفاشلة ، إلى متى؟

إعتراف الريماوي

2005 / 6 / 8
القضية الفلسطينية


لعل الحديث عن إعادة إحياء مسار التسوية ، تحت عنوان "خارطة الطريق" أو حتى بإسم " المشروع الشاروني" أو تحت أي مسميات تطرح هنا وهناك وبمبادرات مختلفة المصادر ، كلها تثير القلق والحيرة وتجعلني أتساءل : ماذا نريد نحن الفلسطينيين؟ لماذا هذا الضياع والتخبط ؟ ألا مكان للعبرة فينا؟! فمسار التسوية الذي إنطلق منذ مؤتمر مدريد وتوج بتوقيع إتفاقية أوسلو عام 1993 ، وما نتج عنه من تأجيل وتجاوز لحل القضايا الرئيسية في الصراع ،وإعتماد المداخل الأمنية بدلا من السياسية لتحقيق"السلام" ! وفي ظل الإنحياز الأمريكي الإمبريالي المعلن للإحتلال الصهيوني ، لم يتحقق السلام المنشود ! حتى جاءت الإنتفاضة الحالية ، وما زال الحديث يدور عن مسار التسوية ؟!

فإتفاق أوسلو بحد ذاته لم يكن إتفاقا يفضي الى السلام الحقيقي ، وحمل بذور أزمته منذ توقيعه ، مثلما حمل التهديد والخطر على مجمل الحياة الفلسطينية شعبا وقضية ومجتمعا . فلا يمكن لإتفاق مثل إتفاق أوسلو أن يرى نور النجاح ، فقضية الأسرى لم تحل من خلاله ومن خلال ملاحقه وسطوره ، وتم تجزأة الأسرى تحت مسميات مختلفة، وحق إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة تم مسخه ب "كنتونات" ومعازل يسيطر عليها الإحتلال ويتحكم بها في الضفة الغربية وقطاع غزة ، وحق عودة اللاجئين الفلسطينيين لم يجد سطرا فيه يوحي بتحقيق العودة مع تأكيد الحكومات الصهيونية المتعاقبة وإجماعها جميعا على رفض هذا الحق الفلسطيني ، هذا بالإضافة لقضايا الحدود والإستيطان والتحكم بمصادر الثروة على الأرض، فكلها قضايا تم تقزيمها أو بقيت ضمن السيطرة الصهيونية.فحقيقةً كان هذا الإتفاق محتوما بنتيجة الفشل لعدم تضمنه حلا جذريا لقضايا الصراع الرئيسية. وما يستدعي الإشارة له هنا ،هو حال الداخل الفلسطيني ، فبعد تشرذم الحالة الفلسطينية ككل بفعل أوسلو( ضفة ، غزة ،مناطق A , B ,C ، عرب 48 ، شتات ) فهو إتفاق لم يقم على أساس تناول القضية الفلسطينية كوحدة وأساس واحد بل قسمها وشرذمها بغية ابتلاعها وشطبها لاحقا . فالحال الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة وقع تحت إرهاصات أوسلو ، وأخذت السلطة الفلسطينية تستجيب لمتطلباته وتركض وراء سرابه ، فعدا عن نبذها للمقاومة ، فقد تم إعتقال المناضلين ، وفتح باب الإعتقال السياسي ، ولاح بالأفق شؤم تكميم الأفواه وكبح الحريات وحق التعبير عن الرأي بحجج "التحريض" ، وصار التنسيق الأمني مع الإحتلال وال CIA نهجا يترسخ. حتى بات الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة ، بالإضافة لسلخه عن قضايا الشعب ككل ، يواجه حالة من الإنقسام والخطر على متطلبات التعايش الداخلي ، مضافا الى تفاقم الأحوال الإقتصادية لمعظم الطبقات الإجتماعية المهمشة فيه.

انتهت المرحلة الإنتفالية كما سميت بإتفاق أوسلو في منتصف عام 1999 تقريبا ، ولم تقم الدولة الفلسطينية ولم تحل القضية الفلسطينية ، ووصلت الأزمة ذروتها ، ومع ذلك فقد اتخذت السلطة الفلسطينية قرارا (في جلسة للمجلس المركزي الفلسطيني لمنظمة التحرير الفلسطينية في تلك الفترة) باستمرار نهج التعاطي مع المفاوضات واللقاءات مع الإحتلال الصهيوني ولم تجعل ذلك لحظة لإعلان الفكاك من إتفاق لم يجلب سوى الإرهاصات على الشعب والقضية. واستمر الحال معلقا ، بل أن العدو الصهيوني مستمر في مشاريعه وبرامجه التي لم تتغير بعد إتفاق أوسلو او بسبب تغير حكوماته ، فلديه برنامج بمسخ القضية الفلسطينية وعم حلها على اساس حقيقي ! ، وهذا ما حصل في قمة "كامب ديفيد" عام 2000 ، حيث الحكومة الصهيونية بقيادة "إيهود باراك" كانت تستهدف تنازلات الفلسطينيين وليس الحل الحقيقي الذي يفي بحقوقنا الوطنية كاملة. وبذلك وصل قطار أوسلو " التسوية" إلى نهاية السكة ، وزاد الإحتقان السياسي بالمنطقة ككل ، ولم يتبق أي أوراق لمهندسي أوسلو للعب فيها بغية المماطلة والخداع ، وبدى واضحا أن الإحتلال لا يدرج بأجندته أي مضمون حقيقي لحل القضية الفلسطينية ، فزالت الغشاوة عن عيون أصحابه والمخدوعين، وتكشف وجه اتفاق أوسلو بقبحه ، ولم يكن بأفضل من الإنتفاضة الحالية التي انطلقت في ايلول عام 2000 كتعبير عن هذه الأزمة وتأكيدا على ضرورة النضال وليس الرضوخ لإملاءات ودهاليز العدو الصهيوني من أجل استعادة حقوقنا الوطنية.

فإذا كان مسار التسوية منذ إتفاق أوسلو عام 1993 على هذه الشاكلة ، فلماذا يبدو أن البعض ما زال يراهن على إعادة القطار للسكة المسدودة؟! ما الهدف من إحياء هذا المسار؟! لماذا نخدع أنفسنا ونحاول صنع سراب جديد لنا من جديد؟! هل خارطة الطريق حلا؟! كلا... بل هي وجه أقبح من أوسلو القبيح ، ومضمونها لا يتجاوز وقف الإنتفاضة والمقاومة وتصدير أزمة الإحتلال للشعب الفلسطيني من خلال المطالبة بوقف المناضلين والنضال ، تهدف هذه الخطة إذا لتخليص الإحتلال من عبء مواجهة المقاومة إقتصاديا وعسكريا ولتجميل وجهه سياسيا بأنه في شراكة سياسية مع الفلسطينيين ، وكذلك تهدف لإدخال الشعب الفلسطيني وفصائل المقاومة والسلطة في حالة من التوتر الداخلي للإختلاف في فهم المتطلبات ما بين السلطة والمقاومة ، فهل السلطة مستعدة لذلك من جديد؟!! ألم تكف فترة السبع سنوات لإستلهام الدرس؟!! أيمكن أن يكون ثمن الإنتفاضة هو إعادة إنتشار قوات الإحتلال "لخطوط" عشية الإنتفاضة؟! وعن أي خطوط يتحدثون؟! ألم تدسها دبابات الإحتلال بليلة وضحاها ؟! ألم يعلن عن هذه الخطوط الوهمية بحكم إعادة الإحتلال لإنتشاره على خلفية اتفاق أوسلو؟! أعتقد أن هذا الكلام أصبح من النوافل ، ولكن ما يجعلني أتساءل هو سماعي ورؤيتي ، للقيادة السياسية في السلطة الفلسطينية وسعيها لإعادة مسار بلا مضمون ؟ فبدلا من إعتبار إنسحاب الإحتلال من قطاع غزة نصرا للمقاومة ومدعاة لإستمرارها وتطويرها ، نرى السلطة الفلسطينية تسعى لأن يتم ترتيب هذا الإنسحاب معها ، ونحن ندرك مرامي شارون وأهدافه ، فهو يخرج من غزة لتقليل خسائره وليوسع ويثبت الإستيطان في الضفة ، فلماذا ندخل معه في ترتيبات وتفاهمات!! ما الجدوى من ذلك؟! أم من أجل أن تحمل السلطة عبء مواجهة المقاومة مستقبلا؟!

أعرف أن وضعنا الفلسطيني ليس سهلا ، وأن المحيط العربي تحكمه أنظمة تابعة ومهزومة ، والميزان العالمي في قواه ينجذب للهيمنة الأمريكية ، فهذه الظروف تشكل ثقلا موضوعيا على صدورنا ، وتشعرنا بالخذلان أكثر من توقع الدعم والإسناد . ولذلك يجب أن يبقى عاملنا الذاتي مستنفذا حتى نهاياته ، فنحن نملك الكثير إذا ما توحدنا على برنامج مقاوم ، لدينا أن نرد على الإنحياز الأمريكي برفضنا لرعايته "عملية السلام" وأن نقول بوضوح لا نقبل بأقل من قرارات الشرعية الدولية حلا وتحت رعاية الأمم المتحدة فقط ، ولحين أن نجد صاغيا لذلك فنحن نرفض الإحتلال ونبقى نقاومه كحق شرعي لكل الشعوب دون الوقوع في شباكه وأخاديعه .فلنغادر ذهنية أوسلو والإتفاقات الجزئية والأمنية ولنوفر طاقتنا وجهدا لما هو أجدى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتصامات الجامعات الأميركية وانعكاسها على الحملات الانتخابية


.. ترامب يكثف جهوده لتجاوز تحديات الانتخابات الرئاسية | #أميركا




.. دمار غزة بكاميرا موظفة في الا?ونروا


.. رئيس مجلس النواب الأمريكي يهدد بإسقاط التا?شيرة الا?مريكية ع




.. 9 شهداء بينهم 4 أطفال في قصف إسرائيلي على منزل في حي التنور