الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عواصف دستور الخماسين

سامي حرك

2013 / 11 / 28
دراسات وابحاث قانونية


عواصف دستور الخماسين

نعرف أن رياح الخماسين, هي رياح فصلية جافة حارة, تأتي من الصحراء محملة بآلاف الأطنان من الرمال بسرعة 140 كم2, لمدة خمسين يومًا, ومن هنا كان إسمها, وكذلك ظهر إسم اللجنة المشكلة لتأسيس دستور 2013!
أما العواصف الرملية الجافة للدستور الخماسيني, والمتوقع الإنتهاء من التصويت عليه, غدًا أو بعد غد, فتتمثل في خمس هبَّات رئيسية:
الأولى: أنه صدر لتعديل دستور أسقطته ثورة, وكان الواجب الإقرار بسقوط دستور الإخوان, والإستعداد صراحة لعمل دستور جديد, ومن هنا كانت القيود على عمل اللجنة, وكذلك من هنا تتاح المطاعن على الجديد الذي أسقط القديم دون تفويض له بذلك!
الثانية: أنه خرج عن إطار الدساتير المتقدمة, الملتزمة بإيجاز القيم والمبادئ الرئيسية للدولة والمجتمع, فيما لا يزيد عن صفحتين أو ثلاثة, دون الخوض في التفاصيل, وتورط الكيان الجديد المعدل للكيان الإخواني الساقط, في سفسطة ورطرطة زادت أو قربت مواده من 240 مادة, في عشرات الصفحات, متشبهًا في ذلك بدساتير الدول المتخلفة.
الثالثة: أنه بدأ القصيدة كُفرًا بواح, بأن إعتدى بوضوح فج في أول كلمات المادة الأولى منه على الهوية المصرية, بأن إزدرى الإسم التاريخي "مصر", وألحقه وأضاف إليه ما لايجوز فيه الإضافة أو الإلحاق, بقول "جمهورية مصر العربية", ثم بتخصيص فقرة مستقلة من تلك المادة المشوَهة, للقول بأن مصر هي مجرد جزء من الأمة العربية, وجزء من الأمة الإسلامية, جزء ينتمي لأفريقيا وجزء يتمدد في آسيا, في وصف عبثي سبقه تحوط طفولي خشية التقسيم أو التجزئة, وليت الدساتير هي ما تحمي من التقسيم أو التجزئة, إذ أنها بالتأكيد ليست كذلك.
ولا أعرف ما هو التصرف –مثلاً- إن وجد الشعب المصري فرصة سانحة للإنضمام إلى الإتحاد الأوربي الذي تتهافت على الإنضواء تحت جناحه عِظام الأمم؟ هل سيضاف لتلك المادة أيضًا أن "مصر" المسكينة هي جزء لا يتجزأ كذلك من الأمة الأوربية؟
الرابعة: مازالت ملامح الدولة الدينية ممثلة في المادة الثانية وما بها من أن المصدر الرئيسي هو مبادئ الشريعة الإسلامية, وملحقاتها في المواد التالية والديباجة, تمثل خطرًا وقنبلة موقوتة يصمم ممثلو الأزهر والسلفيين ومنافقيهم على وضعها, لتنفجر في أي وقت, وفي أقرب فرصة حين تتصادم – بالضرورة- قيم الحداثة والدولة العلمانية مع ذلك الركام الأثري برائحة كنائس العصور الوسطى وفتاوي بول الإبل ورضاع الكبير وحمل المرأة المستقر لأربع سنوات!
الخامسة: تم تقسيم, والأدق نهش المنابات والحصص أو الإستحقاقات الفئوية, بمنطق الغابة, حيث تتقدم وتأكل الأسود وتتأخر اللبؤات وتتوارى الأشبال وتجبُن باقي القطط, فلا ينوب الضعيف سوى فُتات المنابات, حيث جلس الأزهريون والسلفيون والعسكريون والمستشارون تسبقهم كروشهم وذقونهم وكاباتهم ونياشينهم في أول الصفوف فوق وعلى صدر المائدة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبح المجاعة يخيم على 282 مليون شخص وغزة في الصدارة.. تقرير ل


.. مندوب الصين بالأمم المتحدة: نحث إسرائيل على فتح جميع المعابر




.. مقررة الأمم المتحدة تحذر من تهديد السياسات الإسرائيلية لوجود


.. تعرف إلى أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023




.. طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة