الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قانون يُدْعى -تنظيم الحق في التظاهر-!

جواد البشيتي

2013 / 11 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


جواد البشيتي
قانون (حكومي) جديد في مصر لـ "تنظيم الحق في التَّظاهُر"؛ و"التَّظاهُر"، في الدول والمجتمعات الديمقراطية، الغربية على وجه الخصوص، هو طريقة من طرائق عِدَّة لممارسة المواطنين حقَّهم في التعبير، أيْ حقَّهم في حرية التعبير عن آرائهم ومشاعرهم ومواقفهم.
وفي "التظاهر"، أو "المظاهرة"، يتجمَّع ويحتشد مواطنون ليعلنوا رضاهم عن أمر ما (يؤثِّر فيهم تأثيراً قوياً) أو سخطهم عليه.
ليس من دولة في القرن الحادي والعشرين، وعلى ما أعلم، تَحظُر، بالقانون، "التظاهر"، أو تَسْتَثْنيه من "لائحة الحقوق"؛ فكل الدول في العالَم تعترف، صراحةً، أو ضِمْناً، بـ "التظاهر" على أنَّه حقٌّ للمواطن، أو للمواطنين؛ وليس من دولة ديمقراطية في العالَم لا "تُنظِّم" الحقوق؛ فـ "الحقُّ"، أيْ كل حَقٍّ، ولجهة ممارسته، يجب أنْ "يُنظَّم"، وإلاَّ استوى وجوده وعدم وجوده.
ولا ريب في أنَّ "التنظيم" لـ "الحقوق"، بشكله ومحتواه، هو الميزان الذي به نَزِن ديمقراطية الدولة، والطريقة الفضلى لتمييز "الاستبداد" من "الحرية" في النُّظُم السياسية للدول؛ ففي "تنظيم" كل "حقٍّ" تَكْمُن دائماً إجابة السؤال الآتي: ما الغاية (وما المصلحة، وما الدافع) الكامنة في التنظيم القانوني لممارَسة هذا الحق؟
ولا ريب، أيضاً، في أنَّ بعض الدول "يُنَظِّم" الحق في التظاهر بما يمنع التظاهر، ويلغي (عملياً) الحقَّ فيه؛ فـ "الحق في التظاهر" إذا لم يُنظَّم، يُلْغى عملياً وواقعياً؛ كما يُلْغى عملياً وواقعياً إذا ما تمادت الحكومة في "تنظيمه" بما يجعل وجود المعارَضة يشبه كثيراً عدم وجودها.
وإنِّي لأَفْهَم قانون "تنظيم حق التظاهر" في مصر على أنَّه "طريقة قانونية للإلغاء العملي والواقعي لهذا الحق (ولجَعْل التظاهر أمْراً من دونه خرط القتاد)".
ما الفرق (النوعي) بين التظاهر في السويد (مثلاً) والتظاهر في مصر؟
في السويد، يكون التظاهر أحد أشكال ممارَسة المواطنين حقَّهُم في حرية التعبير؛ وهو يشبه، في النوع، مقالة رأي صحافية معارِضَة؛ أمَّا "التغيير"، في السويد، فَلَهُ طريقاً أخرى، هي "صندوق الاقتراع" الذي هو أحد فروع دَوْحة الديمقراطية؛ ولقد جاءت تجربة "صندوق الاقتراع"، هنا، بما جَعَلَت الناس يَثِقون، ويزدادون ثقةً، بالأهمية السياسية لهذا "الصندوق"، ويتَّخِذونه، من ثمَّ، طريقاً إلى "التغيير" الذي ينشدون.
أمَّا في مصر، وأخواتها، فالتظاهر هو، في المقام الأوَّل، "أُسلوب للتغيير"؛ فلا تغيير إلاَّ من طريق "التظاهر"، أيْ من طريق نزول الشعب إلى الشارع؛ ولقد عَلَّمت المصريين تجربة "صندوق الاقتراع" أنَّ نزول الشعب إلى الشارع ما زال هو الطريق إلى "التغيير (الديمقراطي)".
"الأزمة" في مصر، والتي هي، في المقام الأوَّل، "أزمة الثورة المصرية"، ليست كلها وليدة هذا الخفض الحكومي المستمر والمتزايد لمنسوب حرية التعبير في المجتمع، والتي منها حرية التظاهر؛ فإنَّ جزءاً كبيراً من هذه "الأزمة" يمكن ويجب تفسيره على أنَّه ثمرة، أو نُتاج، التناقض الذي ينطوي عليه "الحقُّ في حرية التعبير".
إنَّ الديمقراطية لا تَحْضُر إذا ما غابت "حرية التعبير"؛ ولسوف تغيب الديمقراطية إذا ما استُعْمِل "الحق في حرية التعبير" للتعبير عمَّا هو منافٍ للديمقراطية وقِيَمِها ومبادئها؛ فإنَّ من أوجه مأساتنا التاريخية أنَّنا شعوب إذا مارست حقها في حرية التعبير، فإنَّها لا تمارسه إلاَّ بما يؤسِّس لمجتمع لا يعيش إلاَّ في الحرب، وبالحرب، على القِيَم والمبادئ الديمقراطية. حرية التعبير هي حقٌّ ديمقراطي لمواطني دولةٍ يكثر بينهم، ويتكاثر، الديمقراطيون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مرشحو الدورة الثانية للانتخابات الفرنسية يحاولون جذب أصوات ا


.. هآرتس: الجيش الإسرائيلي يسيطر على أكثر من ربع قطاع غزة| #نيو




.. إسرائيل توافق على أكبر عملية مصادرة لأراضي الضفة الغربية منذ


.. الإصلاحي بزشكيان والمحافظ جليلي.. تعرف على مرشحي رئاسة إيران




.. الجيش الإسرائيلي يواصل حرق منازل بحي الشجاعية شرق مدينة غزة