الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متاهة جنيف 2

مصطفى اسماعيل
(Mustafa Ismail)

2013 / 11 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


يتذكر المرء مقولة المفكر الفرنسي الشاب سان غوست " إن جميع الفنون أبدعت وأنتجت روائع, إلا السياسة, فقد خلّفت مسوخاً " مع التصريحات المتتالية للقائمين على رأس العالم فيما يتعلق بفرض موعد مؤتمر جنيف 2, وهم أنفسهم الذين تعاملوا مع التراجيديا السورية الممتدة بأعصاب القتلة الباردة, متخمين السوريين المهرولين بين موت وموت بحفنة بيانات صارت محفوظة عن ظهر قلب.

وفاقاً للموعد الإلزامي المحدد من لدن مطبخ القرار الدولي فإن السوريين مدعوين بالتي هي أحسن إلى معبر جنيف 2 " كأفضل فرصة " لـ " إنهاء الصراع الدائر " بتعبير جون كيري, ويفهم من التعبير الديبلوماسي جداً والبارد جداً أن كفتي الميزان السورية متساوية بين أهل النظام وأهل المعارضة بأطيافها, في تنكر واضح للحقائق العيانية على الأرض منذ الاندفاعة الشعبية السورية ضد نظام بشار الأسد, لكن الحلقة الدولية الأولى مع توابعها في الحلقة الإقليمية تريد الحسم بهذه الصورة.

المتابع للوحة السورية يلاحظ أن الهوة لا تزال سحيقة بين طرفي الأزمة, فالمعارضة متمسكة بشرط غياب الطاغية الأسد عن المرحلة الانتقالية يعضدها الموقف الأمريكي في ذلك, بينما النظام متمسك ببقاء الأسد على رأس سوريا المنكوبة مهما حصل, ولا متغير فيما يتعلق بضفة النظام سوى التسريبات عن مخرج روسي يؤمن استبدال الأسد بشخصية علوية, مع تسريب آخر عن اتفاق أمريكي – إيراني على إزاحة بشار ووضع نائبه فاروق الشرع على رأس المرحلة الانتقالية في سيناريو مشابه للترتيب اليمني, ولا نعلم ما إذا كان هنالك تحت الطاولة الدولية المشتركة بين الولايات المتحدة وروسيا اتفاق على حسم هذه النقطة, يضاف إلى ذلك أن المعارضة السورية غير جاهزة للمشاركة بوفد واحد, بل هي منقسمة إلى تيارات ولكل تيار رؤية سياسية مختلفة لسبل الحل وقراءة وضع البلاد منذ بدايات الثورة, هذا الانقسام بين أطر المعارضة سيريح النظام أكثر في جنيف 2 لخبرته السياسية المديدة, ولا نغفل هنا أن النظام وعلى مر عقود روض أغلب المعارضين السوريين وقام بتعليبهم وتشتيت حراكهم وتوهين قدرتهم على أيما حراك.

تبقى التصريحات الصادرة عن أقطاب المعارضة عن عدم المشاركة في مؤتمر جنيف 2 بلا قيمة, سيما وأنها لا تستطيع التخلف عنه, فالممولون هم الذين يسيرون أطر المعارضة, وموقف الائتلاف أو غيره في موضوع الحضور أو الغياب عن جنيف ليس متروكاً لها, وإنما رهن بالجهات الداعمة لكل إطار, تبعاً لذلك فإن الجيش الحر الرافض لفكرة حضور جنيف 2 سيحضره في المحصلة, إذ يشكل ذلك فرصة له ظل دخوله حالة موت سريري ميدانياً, ولارتباطه بالداعمين أيضاً, ويتوقع حضوره عبر ممثليه في وفد الائتلاف.

ولا قيمة للاءات الائتلاف الوطني السوري المتعلقة بمشاركة إيران في المؤتمر, فراعيا المؤتمر حريصان على مشاركة إيران, من أجل ترجمة مقررات المؤتمر لاحقاً, سيما في شقها المتعلق بالنظام ورأسه.

سينعقد مؤتمر جنيف في نفقية سياسية وعسكرية, لكن هل يراهن عليه في إحداث تحول سياسي مع ملحقه العسكري – الأمني, مؤكد أن ذلك يتوقف على النقطة المتصلة برحيل بشار, ففي تلكم النقطة تجتمع الأشياء وبها تتفرق, في حال تحقق ذلك, فإن معادلة الاستقرار السورية ستحتاج الكثير, ظل التنامي الهائل لنفوذ التيارات الإسلامية المسلحة على الأرض, والإدارة الذاتية لحزب الاتحاد الديمقراطي في شمال البلاد, ما سيؤخر ولادة دولة سورية ناجحة في المدى القريب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة.. الجيش الإسرائيلي يدعو السكان لإخلاء شرق رفح فورا


.. إسرائيل وحماس تتمسكان بموقفيهما ولا تقدم في محادثات التهدئة




.. مقتل 16 فلسطينيا من عائلتين بغارات إسرائيلية على رفح


.. غزة: تطور لافت في الموقف الأمريكي وتلويح إسرائيلي بدخول وشيك




.. الرئيس الصيني يقوم بزيارة دولة إلى فرنسا.. ما برنامج الزيارة