الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هدايا مستشار وزارة الكهرباء للزرقاوي

أحمد عبدالعال الصكبان

2005 / 6 / 8
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


في كل بلدان العالم الديموقراطي، عندما يفوز حزب ما بالانتخابات النيابية أو عندما يصل رئيس جديد لسدة الحكم عبر الاقتراع الحر، فإن تغييرا كبيراً لا يحدث على جهاز الخدمة العامة(موظفي الدولة)، إذ لا يتعدى ما يقوم به القادمون الجدد أن يأتي الوزير مثلاً بطاقم جديد من سكرتارية و مدير مكتب له و الحال ذاته مع رئيس الدولة، لكن لا أحد يغير آلاف و ملايين الموظفين الحكوميين مع كل انتخابات و حكومة جديدة ، فتعيين موظفي الدولة يتم على أسس غير سياسية بل على معايير تكافؤ الفرص و اشتراط مؤهلات بعينها تناسب الوظائف التي سيشغلونها، و ليس من بين هذه المعايير أن يكونوا تابعين لهذا الحزب أو تلك الحركة، و لكن المتابع لما يحدث الآن بالعراق يلاحظ أن التعيين و الفصل و النقل يتم في غالبه على أسس سياسية وشخصية، و للأمانة هذا ليس بدعة جديدة بل لها تاريخ طويل ببلادنا ربما منذ الاحتلال البريطاني،مؤخراً و حسب الأنباء القادمة من العاصمة العراقية بغداد فإن العديد من الموظفين بهيئات الدولة و دوائرها فقدوا وظائفهم بعد تشكيل الحكومة الجديدة ، و قُدِّمت أسباب متفاوتة لهذا لفصل، و وصل الأمر في وزاره الكهرباء قبل أيام إلى فصل 1000 موظف دفعة واحدة، حيث تم إقصاء الوكيل الأقدم بوزارة الكهرباء و20 مديراً عاماً و 1000 موظف، بناء على توجيهات من المستشار الأمني في الوزارة، ولا أعلم مادخل بواب الوزاره عفواً أقصد المستشار الأمني بالتعيين والفصل اللهم إلا اذا كان مستشاراً من نوع " بتاع كله" .
و يبرر المستشار قرار الفصل "بحماية المنظومة الكهربائية" ! فهل هؤلاء الألف هم من يقومون بتخريب أعمدة الإنارة و أبراج الضغط ؟ هل 100 مدير هم من يقومون بأنفسهم بسرقة البترول و تهريبه لإيران مثلاً، و من ثم تحدث شحة في المعروض من النفط بالعراق فتتوقف المولدات عن العمل و يحدث ما أسماه السيد المستشار أخطار على المنظومة الكهربائية؟؟
المدهش أن قرار الفصل وضع أسبابا منها (1) المسيئين من المنتسبين. (2) كثيري الغيابات(3) العاملين في الأجهزة الأمنية سابقاً. (4) كبار السن.(5) نواب الضباط من الجيش السابق. و بخلاف النقطة الثالثة ، فالمرء يتوقف عند مدلول و صياغة بقية الاسباب بدهشة، فلا يمكننا قبول أن يعاقب المخطيء أو المهمل أو كثير التغيب بالفصل التام، لأن هناك لوائح و ضوابط لتنظيم عقاب الموظف المتجاوز و منها الخصم من راتبه أو حرمانه من العلاوات و المنح و الحوافز أو إحالته لتحقيق إداري ليرى المختصون العقاب الأمثل الذي يمكن به تقويم سلوكه، ثم ما هو معنى طرد نواب الضباط بالجيش العراقي السابق؟ هل هؤلاء قتلة أو مجرمين ثبتت عليهم جرائم ؟ هل يعلم السيد المستشار الأمني عدد من كانو برتبه نائب الضابط في محافظه الناصرية فقط؟ فهل نشردهم جميعا؟؟ ما تفسير هذا الشرط الفضفاض ؟ ألا يعلم السيد المستشار أن تسريح الجيش ألقى بالآلاف من الجنود و صغار الضباط ممن لاحول لهم و لا قوة إلى أحضان المجرم الزرقاوي بسبب الغبن الذي حدث بحقهم من قبل القرار اللامسؤول للسيد بريمر و بسبب انقطاع مورد الرزق لهم و لعوائلهم؟ أيريد مصدر هذا القرار والذين وافقوا عليه أن يزيدوا من أعداد أنصار الزرقاوي ؟ أما السبب الخامس الذي طرحه السيد المستشار الأمني و هو أن الموظف كبير السن فهل هذا سبب للفصل؟ و ما المعيار لوصف كبير السن: ابن الخمسين ام ابن الستين ؟ وهل يجب أن نطرد أصحاب الباع الطويل بالعمل و لا نستفيد من خبرتهم ؟ هل يدعونا هذا المستشار لقتل كبار السن و العجزه كما كان يفعل هتلر ؟
إن أي شخص يقرأ هذا القرار يكتشف على الفور أنه كتب بركاكة في الصياغة و بلغة فضفاضة لتمرير قرار ما، ومن شخص لايليق أن يحمل لقب مستشار لتمرير تعيين موظفين جدد وفق معايير المحسوبية و الانتماء الحزبي و الطائفي، فأي ثبات إداري إذا كان كل 8 أو 9 أشهر سوف نطرد موظفينا و نعين جدد ، خاصة أن اختيارهم سيكون على أسس سياسية و ليس قدراتهم و مؤهلاتهم و بالطبع لن يفيدوا العمل في شيء ثم تأتي حكومة جديدة و تطردهم، أليس هذا إشارة للمواطن العادي ألا يقرب العمل العام أو السياسة؟ أو على الاقل أن يجاريها في مبادي اللعبة على الطريقة العراقية ، لأنه سيصبح مضطرا أن يغير حزبه حسب نتائج الانتخابات!! ، صحيح أن المواطن غير المنتمي سيجد صعوبة بالتعيين ، لكن على الأقل سيكون حظه أكثر من المنتمي لحزب ما و يرفض تبديله بعد كل استحقاق نيابي و انتخابات جديدة ،طبعا هذا السيناريو قد يدفع الكثيرين لعدم المشاركة السياسية أصلاً و يفقدون ثقتهم في الأحزاب القائمة بالفعل، و ربما فضلوا أن يظهروا انتماءاتهم الطائفية تقرباً لفلان حتى يحصلوا على وظيفة، و ربما اضطروا للانتماء لحزب فائز بالانتخابات أو حزب له وزير في الحكومة حتى يحصلوا على وظيفة بها أو حتى لا يطردوا من وظيفة يشغلونها بالفعل في هذه الوزارة، فهل هذه هي مباديء تكافؤ الفرص و النزاهة و الالتزام بشرع الله ؟؟ هل نعمل النفاق للناس حتى يحصولا على لقمة عيش كريمة من وظيفة شريفة؟ أي كرامة و أي شرف إذن ؟؟ .
أمر آخر أظنه غاب عمن كتب هذا القرار القرقوشي بفصل الألف موظف لأنهم " من المهملين و الختيارية " ألم يفكر السيد المستشار الأمني أن ألف أسرة ستتضرر من هذا القرار، و أن رب الأسرة و شاب أو اثنين ممن يعولهم سوف يكونوا ناقمين على هذه القرارات و أن هناك من ينتظر تلك اللحظة ليستغل غضبهم المشروع و حاجتهم للمال لسد الأفواه الجائعة وستر أعراض نسائهم، ليغروهم أو يدعونهم للانضمام لجماعات العنف التي تسرح بالبلاد و تلتقط هؤلاء مستغلة أوضاعهم المعيشية الصعبة ؟ ثم ألم يفكر السيد المستشار أن هناك انتخابات قادمة و أن الأصوات ستذهب لمن لم يقدم الولاء الحزبي و الطائفي على ما عداه من معايير الكفاءة و تكافؤ فرص العمل.
و إذا كان هناك من الموظفين من ليسوا على مستوى ما يشغلونه من عمل، أليس واردا تأهيلهم أو نقلهم لوحدات أخرى مناسبة لقدراتهم ؟ ألم يسمع المستشار هذا عن شيء اسمه التدريب المستمر في الإدارة الحديثة يخضع له حتى الموظف الكفء لاكتساب خبرات جديدة بالعمل و لتفتيح أفافه؟؟ يبدو أن هناك آخرين هم الذين بحاجة لتفتيح أذهانهم و أفاقهم..
لقد طالب البعض بتأهيل البعثيين الكبار مثلما افتتح السيد جلال الطالباني رئيس الجمهورية رئاسته بدعوته الحكيمة لمن أساؤا و غُرر بهم و طالب بتأهيلهم، فهل نفعل ذلك مع المخطئين و لا نطبق القاعدة نفسها مع موظفين يعولون أسر و اطفال،كل ذنبهم أنهم ليسوا منتميين لحزب السيد المستشار الأمني ؟؟ إذا كان هناك دورات تأهيل و تدريب فكري على نفض أفكار البعث، فكيف لا يكون هناك دورات تأهيل فكري لمفهوم حياد موظف الدولة باعتباره يقدم خدمة عامة، ما الفرق إذن بين هذا القرار الذي أوصى به السيد المستشار و بين مقولة صدام – كل عراقي بعثي و إن لم ينتمِ ؟؟ لقد اضطر الآلاف آنذاك للانضمام للبعث للحصول على وظيفة أو الالتحاق بالجامعة فهل نكرر الخطأ ذاته الآن و نطرد المستقلين و المعارضين ؟ أي ديموقراطية تلك التي تتسبب في إفقار ألف أسرة دفعة واحدة و بدون وجه حق و ببيان فضفاض و أسباب مضحكة مثل كبر سن الموظف ؟؟ و من الموظفين من يعول فتيات و نساء؟ هل أذكِّر السيد المستشار أن نساء باعت أجسادها في زمن الحصار ليطعمن أطفالهن، فهل يقبل السيد المستشار المتدين أن يتسبب في أن تتضطر العراقية لبيع جسدها و إعادة سياسات المقبور صدام ؟
يا مستشار الأمن ومن وافقك النهج: لا تصدروا خلافاتكم السياسية لحقل الإدارة العامة فالانتخابات على الأبواب... و المواطن ينتظر منكم العمل لصالحه و ليس لصالح أحزابكم، و و فقدان ثقة المواطن في أن هناك قابلية للاستقرار و الثبات بالبلاد سواء في الإدارة أو الأمن او الاقتصاد، ليس من مصلحة أحد، فعندما يفقد المواطن ثقته بقابلية الاستقرار لن يعدم الإرهابيون طريقة لاستمالته و استغلال قلقه لينضم لهم ليشارك في مزيد من الفوضى و العنف فانتبهوا لما تقدمونه من هدايا لراغبي الفوضى و مسئولي العنف بالبلاد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صفقة الاتحاد الأوروبي مع لبنان..ما خلفياتها؟| المسائية


.. بايدن يشدد على إرساء -النظام- في مواجهة الاحتجاجات الجامعية




.. أمريكا.. طلاب يجتمعون أمام منزل رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شف


.. الجيش الإسرائيلي: 12 عسكريا أصيبوا في قطاع غزة خلال الساعات




.. الخارجية الأمريكية: هناك مقترح على الطاولة وعلى حماس قبوله ل