الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصفعة قصة قصيرة

آمال الشاذلي

2013 / 11 / 30
الادب والفن


الصفعة


حبات المطر قبلات حارة تلسع وجنتي فأجاهر راغبة في المزيد .. ترتاع أشعة الشمس الخجول لرجفتي .. تهرع لنجدتي .. تلفني برداء أرجواني دافئ .. يسري بنفسي الامتنان والرضا .. تنهل قدماي الشوارع اللامعة المنتشية بماء المطر ..
واجهات المحلات تداعب عيني ، وقد عمرت بملابس الشتاء الثقيلة .. يمرح خيالي بين هذه وتلك .. يزين لي بعضها لابني الأكبر ، وبعضها لابني الأصغر .. ليتهما كانا معي ؛ فدائماً ما أخطئ في مقياسيهما ، لكن اليوم ليس إجازة ؛ فلقد ذهبا مع أبيهما إلى المدرسة حيث يدرسان بنفس المدرسة التي يعمل بها .

****

أفسحت السحب للمزيد من أشعة الشمس المغتبطة .. الكون بدا في حالة من الرضا والانسجام ؛ فانبعث عنه جمال خلاب ..
بغتة انشق الفضاء عن يد عصفت بهذه الروعة ودنست هذا الإجلال !
إذ بها تهوي على صفحة وجهي المبتل ؛ فأطاحت بما أسبغه عليّ القدر هذا الصباح .
كانت لشاب في منتصف العقد الثالث .. وسيم .. أنيق .. أعقب صفعته سيل من الشتائم .. توارى لساني في حلقي .. تجمدت نظراتي على وجهه .. تلاحمت حولنا عشرات الأجساد .. تجهر ملامحهم بدهشة لا تقل عن دهشتي .. أسئلتهم الملحة تحاصرني :
- ماذا فعلت ؟!
- لماذا صفعك ؟!
أحث أحبالي الصوتية .. استجديها .. لكنها خذلتني !
زأر كالأسد الجائع
- ألست كوثر ؟!
عبراتي المنسابة تلتف حول الحروف .. تذيبها .. أجاهد .. استحلفها
- أنا ... ل...... لي.... ليل....
التقط الاسم من بين شفتي قبل أن يتسلل إلى آذان المحتشدين !
- ليلي .. ليلي صديقتها .. ملامحك مطبوعة بذاكرتي .. أين الولد .. ؟ ياحرامية .. يا ... !
اشتعل فضول المحتشدين وقد زاد عددهم .. العيون ترقب ما ستفيض به شفتاي
- و ... ول ..... ولد ..... أي ... ول ... ولد !!!! ؟
- الذي سرقتماه يا ... من المستشفى عقب ولادته . .. أخذتما تتوددان إلى شقيقتي حتى أمنت جانبكما ؛ فإذا بكما تغافلاها وتسرقانه ..
اصطكت أكف المحتشدين ببعضها البعض .. سرعان ما صدقوه .... وسرعان ما تهدجت ألسنتهم بالدعاء عليّ وعلى أمثالي !
تراشقت فتاواهم .. يبيعهن للأثرياء الذين لم ينجبن .. ثرثر بعضهم متناولين تجارة الأعضاء البشرية !
نصحوه باصطحابي إلى أقرب قسم للشرطة ..
دفعني داخل سيارته الوثيرة .. كانت يده تبدو غير مدربة على قيادة السيارة .. كان كثيراً مايخطيء في نقل السرعة .. قدمه على البنزين ثقيلة ، مضطربة ..
اندفع من فيه قهقهات ماجنة ، استوقفها سؤاله المباغت :
- ما رأيك في تلك المسرحية ؟!
أبت عليّ دموعي أن تسيل ! فبدوت وكأنني سلمت بالأمر ..
عادت قهقهاته التي أوقفها سؤال بدر عني
- لماذا وقع اختيارك عليّ ، والشارع يعج بالعشرات !؟
- رقت لي .. توسمت فيك الخجل الذي يساعد على إتمام المهمة في سلام !
- هذا فقط .. لقد اعتقدت ...
- ماذا اعتقدت يا جميل ؟
- أنك تثأر ..!
- ممن يا قمر !؟
- من زوجي .. فهو له أعداء كثيرين لطبيعة عمله ..
ساخراً
- وما طبيعة عمله يا شهر زاد ! ؟
- رئيس مباحث ...
لم أكمل عبارتي حين نهش السكون أصوات فرامل السيارة ؛ مزمجرة مضطربة ..
هبط منها وجلاً .. وقد ابتلعه الفضاء على عجل .

آمال الشاذلي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب


.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا




.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ


.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث




.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم