الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كتابة نقدية : الفن - الالم / في شعر شباب العراق

مؤيد عليوي عبد الشهيد

2013 / 11 / 30
الادب والفن


ا لفن – الألم
في شعر شباب العراق *
مؤيد عليوي
الفنُ ، الشعرُ ،، الألمُ ،أزمةُ القيم ،، والشاعرُ أكثرُ أبناء جنسه بدائية، وفي ذات الآن أكثرهم رؤية ( ت – س أليوت )،، بل أكثرهم تحسساً لاهتزازات القيم الإنسانية في عصرهم ، ومنهم الشاعر الشاب المصور الشرعي بفنه للألم الاجتماعي بسبب انهيار منظومة القيم في عصر فوضى العولمة ، بل الشعراء الشباب أو شعراء الألفية الثالثة..كما يودُ صديقي الناقد جمال جاسم أمين،تسمية هذا الجيل من شعراء العراق .
وفي مقاربة أخرى يرى الناقد د.عدنان سعيد المحنا / جامعة القادسية : أن حراسة القيم واجب الفنان الشاعر والناقد في عصرنا الراهن طبعا مع توافر الصدق الفني ،وعلى حد هذا الرأي ،أكتبُ عن تجربة جيل الألفية الثالثة من اجل تسليط الضوء على هذه التجربة الشعرية وما تريد إيصاله لنا من خلال بعض نصوصها بوصفها أنموذجاً ، وأكتبُ نابشاً جراح القصائد المتباينة الشكل المتفقة الألم ...وأول هذه القيم الـتي جُرّفتِ من المجتمع الصدقُ بمعنى الصديق أو الأخ الذي كالظل حين يقول الشاعر بسام عبد الحكيم ي في قصيدة ( أزاميل ) :
أمسكتُ ظلي وانكفأتُ اضمهُ
كي لا يته... ولا يكون قتيلي
فإذا بظلي صار ضدي قاتلاً
وأنا بلا حلف سوى أزميلي
هنا يقف الإنسان وحده دون مَن يصدقه المشاعر دون حليف ،والمشكلة المتجذرة بعمق أن هذه الظاهرة الاجتماعية ذات إبعاد أنانية ونزعات انتهازية ،ويتفقُ في ذات الرصد الفني للواقع الاجتماعي الكثير من شعراء الألفية الثالثة ومنهم الشاعر الشاب هيثم عباس جبار،حيث كتبتُ عن هذا في وقت سابق...... (1) ، ثم يقول الشاعر بسام عبد الحكيم في ألم وفنية مواصلاً تحسسه واغترابه :
هي وحشةٌ ظيزا وعمر بائسٌ
قد صرتُ حلماً عافني تأويلي
سافرتُ من جرحي لجرح مدينتي
فوجدتُ في كلّ الجروح طلولي
عطّرتُ منديل الوداع بادمعي
ورحلتُ عنها تاركاً منديلي
قافلاً قصيدته بالرحيل والهجرة كما بما بدأ بها مطلع القصيدة :
وهب الصباح حقيبتي لرحيلي
والدمعُ والليلُ الكفيفُ دليلي
وفي غياب الصدق من جهة ثانية أو وجه العملة الثاني للكذب في المجتمع ببنيته الفوقية والتحتية ، زيف تقف عنده الشاعرة صابرين كاظم والشاعر حسام البطاط ،على مسافة واحدة من هذه القيمة الاجتماعية ضد الزيف والدفع إلى قول الحق في المواقف الإنسانية من خلال فضح الزائف الذي يسبب أغلب مشاكلنا الاقتصادية- الاجتماعية- الاقتصادية ، إذ الشاعرة صابرين تشي بذلك في نصها ( العالم يموت برقة ) :

أشياءٌ محتملة تلك التي يظنها
الشاعر ،
تلك أقنعة وديعة ،
قناعُ الشاعر يستند للهواء
فحسب ،
وجهُ الشاعر يكشر عن الملامح
لا غير ،
ويكمل البشر حروبهم
لم تولد الحروب لتموت
وفي هذه المعادلة الدلالية تختلف الأقنعة بين مدلول الشاعر ومَن يسعون للحروب في النص المتقدم ، ولأن الشاعرَ ليس له قناع ،إذ أيُّ قناع هذا الذي يستند للهواء !.. بمعنى لا قناع للشاعر لسبب بسيط ذكرناه في أول هذه السطور،، الشاعرُ أكثرُ أبناء جنسه بدائية، وفي ذات الآن أكثرهم رؤية ( ت – س أليوت )،،فلا غروَ في بدائية المشاعر التي لا زيف فيها وهنا موطن الألم ، ولكن مَن يسعى للحروب الداخلية والخارجية، عادة أهل الحروب هم ساسة السلطة وأصحاب القرار لذا يكون زيفهم وبالتالي أقنعتهم قوية لا تسقط لأن بأيدهم مقومات تسويق الكذب وشراء الذمم بالمال العام والزيف ،وتبرير كل ذلك من خلال مؤسسات عملاقة إذا ما قورنت بإمكانية الفرد أو حتى المجتمع كما يقول الشاعر حسام البطاط في قصيدته ( تجليات قمر جنوبي ) :
حزن الجنوب رداءُ العشق يا قمرُ
لا نكهة الماء تمحوه ولا القدرُ
كل الوجوه حكاياتٌ وأقنعةٌ
كم من قناع تهاوى دونه الصبرُ
لا وجه ترقد في عينيك صورته
كل الوجوه لدى عينيك تنتثرُ
أما الزيف والكذب الجمعي فأخطر من كذب ساسة السلطة من على الفضائيات ، نلحظ كشف هذا النوع من الزيف الجمعي في قصيدة (غلمانية ) للشاعر مالك عبدون، ذات الفحوى الجديد على جيله ، القديم في موضوعه المسكوت عنه شعراً وواقعاً منذ الشاعر العباسي أبي نواس ، وبينهما يوجد بعض الشعراء الذين كتبوا صوراً غلمانية ضمن مواضيع أخرى من مثل هذا المقطع للشاعر احمد مطر من قصيدته السياسية ( يوسف في بئر البترول ) :
( لا احدَ يدري في أمري
منشغلون إلى الأذقانِ
بتطبيق الإسلامِ :
كفٌّ تمسكُ كأس الخمرِ
وكفٌّ تمتد لظهر غلامِ
يطمع ُ في جناتٍ تجري ...
حين يطيعُ ولي الأمرِ ! . )( 2 )

هذه الظاهرة المسكوت عنها نقداً منذ طه حسين حين تناوله غلمانيات أبي نواس ، ظاهرة اجتماعية خارقة لنواميس الطبيعة تمثل زيف المجتمع الُمدعي الدين والعادات والتقاليد ، يكتب فيها الشاعر مالك عبدون قصيدة نثر بشخصية الراوي عن الانحراف القيمي ...، والمشكلة الاجتماعية هنا لا معالجة لها ، بل هي بلا طرح جدي للموضوع ، فكيف يكون توعية مَن ينجرف بها بعيدا عن إنسانيته ؟ !
أما شخصية الراوي لحوار ٍ في قصيدة النثر ففيها مجازفة فنّية كبيرة إذ قصيدة النثر ذات الدهشة والغرائبية واللغة المتوقدة بكل طاقة المفردة ، وجمالياتها المبهرة في خيال خصب وانفلات عن المألوف الشعري و... ، إلا أن الشاعر عبدون ينجحُ في مجازفته هذه ، بكل تقنية قصيدة النثر في نصه ( غلمانية ) الذي روى حواراً بين الشيخ ذي اللحية –الفاعل- والغلام – المفعول به- :
قالها الشيخُ
يلحسُ غلمانَ
باللحية
يطهر ظهرهُ
يطردُ أخر عصفورٍ
حط ّ
على باب طفولتهِ
فتصرخ تأتأةٌ محصورةٌ
" يا شيخ لا تبطش ،
فكليتي من زجاج "
ويستمر النص بلغته الفنية الخاصة حيث (الشعر لغة داخل لغة ) جان كوهين،، مثلما يستمر بالحوار الناقل للمسكوت عنه شعراً وواقعاً عربياً وشرقَ أوسطي إلا ما ندر .

.......................................................................................................
* تناولتُ هذه النصوص الشعرية بوصفها أنموذجا متصل بعنوان المقال من مجلة السؤال ، بغداد، عدد 25 / عام 2012 ،الناشرة للنصوص الفائزة بمسابقة المهرجان السنوي الثالث للشعراء الشباب في العراق ( دورة الشاعر سعدي يوسف )، ص 54 .
1– موقع النور ،مقالة لمؤيد عليوي : الشاعر هيثم عباس جبار شعريّةُ طريقٍ تبتكرُ المطر.
2 – المجموعة الشعرية الكاملة ، الشاعر أحمد مطر ، بيروت ، 2011 ، ص93 .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهرجان كان السينمائي - عن الفيلم -ألماس خام- للمخرجة الفرنسي


.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية




.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي


.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب




.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?