الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنا البحر في أحشائه الدر كامن = فهل سألوا الغواص عن صدفاتي

وليد الميموني

2013 / 12 / 1
الادب والفن


إن اللغة العربية بلا منازع واحدة من أشرف لغات الأرض، ومن أهم اللغات العالمية قديماً وحديثاً. وتعد اللغة العربية بما تحويه من بنية صوتية ، وما تشتمل عليه من مهارات متعددة قل أن توجد في غيرها من لغات العالم ،تحتاج إلى معلم متميز في الموهبة والإعداد والعقل والتجربة لإعداد جيل قيادي .و تعليم اللغة العربية رسالة قبل أن يكون حرفة للارتزاق فمن أحب رسالته أعطاها حقها من العناية وإن من أصعب الأشياء على النفس أن تقوم بعمل لا تحبه هدا كلام الاساتدة الحكماء . اذ يدخل التلميذ العربي المدرسة وقد أتقن الدارجة في سنواته الاولى، ويفاجأ بأن لغة المعرفة ليست اللغة التي تزود بها وأتقنها، وإنما هي لغة أخرى تختلف في ألفاظها ومفرداتها كما أنها تختلف في قواعدها.
وتعد الدارجة من أبرز التحديات التي تواجه اللغة العربية في بلادنا، وتعرّف الدارجة بأنها: اللغة التي يتخاطب بها الناس في كل ما يعرض لهم من شؤون حياتهم، الدارجة خليط من الألفاظ، بعضها فصيح الأصل عربي النسب ولكن تغيرت مخارج حروفه أو لعبت به ألسن العوام فحرفته، وبعضها غريب دخيل، ولج إلى العربية من رواسب لغات امتزج أهلها بالعرب فترة من فترات التاريخ، وهي لغة فوضوية لأنها لا قاعدة لها وليس من منطقها ولا طبيعتها أن تكون لها قاعدة..فهي تشوه ولا تخلق ونشأت من خلال فساد طرأ على الفصحى، وهي ليست صفة من صفات العربية كاللهجة؛ ولكنها لغة ثانية تعيش متطفلة على حساب الفصحى وتزاحمها، واحتلت مكانها على ألسن الكثيرين ويريدها الاستاد العارف عيوش أن تحتل مكانها على الأقلام.
ان الدعوة التي اطلقها عيوش إلى الدارجة في فصولنا الدراسية ومحاولة إحلالها محل الفصحى هي أكبر محنة يريد ان يعرض لها اللغة الفصحى في تاريخها، فقد تبناها بعض المستشرقين ومن تأثر بهم من العرب قبله بحجة أنها لغة الشعب كله وتعبر عن مشاعرهم وأفكارهم، وهو شعار مدرسة ضالة في أميركا: «إن اللغة الحقيقية هي اللغة التي يستخدمها الناس فعلا، لا التي يعتقد بعضهم أن على الناس أن يستخدموها...»
ويعد مطلب استادنا المدكور سلفا المثمثل في استعمال الدارجة في مجال التعليم، وأخطر من ذلك التحدث بالعامية في تعليم النحو وسائر علوم العربية. من أخطر صعوبات فهم التراث العربي والإسلامي؛ فاللغة العربية الفصحى تجعلنا نفهم القرآن والسنة وكتب التراث العربي من شعر ونثر، أما الدارجة فلا تستطيع أن تحل مكان الفصحى بحال، فحركة المجتمع المغربي هي في غير صالح الدارجة، ولا حيلة لنا في ذلك على الرغم من أنها هي اليوم أقرب إلى حياة الناس العاملين وألصق بوجودهم الاجتماعي من الفصحى .
فان في الازدواجية بين الفصحى والدارجة عبء مادي وزمني ونفسي؛ ذلك أننا ننفق في تعلم الفصحى وتعليمها مادة ووقتًا أكثر من المطلوب، وتسبب أيضًا في ازدراء الطالب للفصحى فما يبنيه مدرس اللغة العربية معرض للهدم ادا تم استشراء الدارجة في مرافق الحياة العامة وتجعل بعض المتعلمين يتلمس الفصحى بصعوبة بالغة.
فاعتزاز الشعب المغربي تاريخيا بالفصحى والاعتصام بها في التدوين والإذاعة والنشر، واتخاذها أداة للتفاهم؛ لأنها اللغة الجامعة بين جميع العرب والمسلمين يعد اكبر سلاح ضد هدا الهراء.وكدا التوعية الإعلامية حول مخاطر الدارجة على وحدة العالم العربي الدي نحن السباقين الى المطالبة ، وإشاعة اللغة الفصحى في الفنون المسرحية والتمثيلية في الإذاعة والتلفاز والخطابة المدرسية وتوجيه الأغاني توجيهًا أدبيا رفيعًا وإخضاعها لخدمة قومية مثمرة تجعلها تعتمد على المختار من فصيح الكلام الذي تتذوقه النفوس ويسمو بالأخلاق هو كدلك اسلوب تجديد العهد بيننا وبين اللغة العربية الفصحى .
تصطنع اللغة الفصحى في مجالات العلم والآداب وهي التي حفظت التراث الفكري للعرب والمسلمين، ويفترض أن تكون هي لغة الإعلام مرئياً أو مسموعاً في زماننا هذا . والنظرة المتشائمة تقول إن الإعلام بصوره المختلفة ربما أفضى بنا إلى تمزق لغوي يجعل من كل لهجة لغة قائمة بذاتها، ولقد برزت دعوة الاستاد الجليل عيوش لإحلال العامية محل الفصحى في مجال التعليم كما سردنا ، وأقدم دعوة من هذا النوع كان من ورائها أعداء اللغة العربية والإسلام من الغربيين ومن عملائهم من العرب والمسلمين.وإن اصطناع الدارجة في التعليم والفنون من شأنه ان يحول عاجلاً أو آجلاً بين الأجيال القادمة والانتفاع بالتراث العربي المدون بالفصحى، كما أن الدارجة غير ثابتة، وهي تختلف باختلاف المناطق والاقاليم ، وفي المدينة الواحدة . ويلاحظ مؤخرا عبر المسلسلات المدبلجة الموجهة لتحقير الشعب المغربي طغيان الدارجة فيها وفي تقديم البرامج الإذاعية والتلفزيونية فتخسر الفصحى بذلك إحدى قلاعها الحصينة وهو الإعلام بدعوى إقبال الجمهور على الدارجة، مع كون برامج الإعلام يفترض فيها أن تكون موجِهة لا موجَّهة ، قد يقال إن غالبية الجمهور أميون ،إن هذا الجمهور الأمي نفسه يستمع إلى خطبة الجمعة بالفصحى ويعيها، وهو نفسه قد كان يستمع إلى أغان بالفصحى لسيدة الطرب العربي والاستاد الحياني والقائمة طويلة ، ولكنه قد حُجِب حالياً عن هذه النماذج الراقية ، وصار الترويج عنده لأغان هي بضاعة فاسدة جنايتها على لغة المستمعين والمشاهدين هائلة. ولم تقصر فضائياتنا الثمانية من الترويج لدارجة ترفدها في ذلك الشبكة النسيجية التي تكثر فيها المواقع التي تدعم الدارجة إن الإعلام هو أكثر الأنشطة الاجتماعية استخداما للغة منطوقة كانت أو مكتوبة وتقع على عاتقه مسؤولية النهوض بالأداء.
ورحم الله القائل في زينة اللغات
فَما أَهْوَى سِوى لُغَةٍ سَقاها *** قُرَيْشٌ مِنْ بَراعَتِهِمْ شِهادا
أداروا مِنْ سَلاسَتِها رَحيقاً *** وهَزُّوا مِنْ جَزالَتِها صِعادا
وطَوَّقَها كِتابُ اللهِ مَجْداً *** وَزادَ سَنا بَلاغَتِها اتِّقادا
تَصيدُ بِسَحْرِ مَنْطِقِها قُلوباً *** تُحاذِرُ كالجَآذِرِ أَنْ تُصادا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم


.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب




.. -صباح العربية- يلتقي فنانة الأوبرا السعودية سوسن البهيتي


.. الممثل الأميركي مارك هامل يروي موقفا طريفا أثناء زيارته لمكت




.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري