الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذكاء العراقيين يقتلهم بالجملة

محمود هادي الجواري

2013 / 12 / 1
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


بقلم الكاتب والمحلل السياسي
..محمود يموت العراقيون بالجملة لانهم اذكياء ..
هادي الجواري..
عندما كنت في السويد .تعرفت وعن طريق الصدفة الى رجل شاب لربما اكمل الثلاثين من العمر ..كنا نلتقي في مقهى صغير يرتاده شخصيات هادئة ونظيفة ألمظهر يبدو للزبون الداخل اليه اول وهلة انه مقهى خاص للصائمين عن الكلام واذا تحدث اثنان فيما بينهما لا تكاد ان تسمع شيئا ولكنك ترى حركة الشفاه فقط ..يصدر من احدى زوايا المقهى موسيقى هادئة جدا ..بينما يجلس آخرون وأعينهم تتفحص الصحيفة اليومية ويطالعون اخبار المدينة الواسعة وبنهم شديد.. لم اكن اعرف هذا الشاب من قبل ولا اعلم اين يسكن لكنه يحضر في كل مساء ليحتسي كوب قهوته المفضلة ولا يطيل في الجلوس اكثر من ساعة .. ولتكرار هذا اللقاء افصح وبشكل كأنه يريد ان يستودعني سرا عن مجال عمله ..انه كان يعمل في معمل تصنيع الادوية الذي هو مناصفة بين السويد وأمريكيا .. ذات مرة اطلعني على درجة علميته وكان عالما وبروفسور في اكتشاف اول دواء يغني المريض بداء المعدة عن اجراء التداخل الجراحي وكان هذا الشخص هو المكتشف لهذه الخلطة الدوائية التي بيعت مخططاتها الى الكثير من الدول الاوربية ولقاء اثمان باهظة جدا .. كانت اغلب احاديثنا علمية ومعرفية .. كان يتصل بي اذا لم احضر في الوقت المحدد لجلستنا الثنائية .. شهور عديدة مضت على الدوام في هذا اللقاء الممتع والمشوق في حين انني بعيد عن اختصاص هذا الرجل الطبي وخاصة كنت منشغل بكورس هندسية في احد اقسام الجامعة ..ذات يوم قال لي انني سأسافر غدا ليلا الى الصين لأعمل في مختبراتهم وقد دعاني في حينها على مأدبة وداع وبكينا لهذا الفراق لكونه لم يعلن عن مدة بقائه هناك ولأنني اشعر سأخسر صديقا صدوقا .. شعرت ولأول مرة انني اصادف عالم ومكتشف ولم يكن هذا هو الذي ابهرني "" ولكن ايقنت تماما ان صفة العلماء هي التواضع ..لم تنشر الصحف المحلية عن مغادرة هذا العالم الخجول والبسيط خشية الدولة على علمائها كي لا يكونوا عرضة للابتزاز او المساومة ..ما يشدني الى كتابة هذا الموضوع هو ان العراقيون لم يكتشفوا انفسهم انهم أذكياء وإنما هناك من يهتم بشأنهم ويصنفهم على مستوى مكانتهم من الذكاء العالمي وكأن العراقيون يقفون منذهلين امام المفاجئة الكبرى التي ستزيل عنهم القهر والظلم والموت الجماعي ..تجرني تجارب الدول في سياسياتها تجاه كل مفردة من مفردات المجتمع ..موقف الدولة من العلم والعلماء. موقف الدولة من الامن والسلم المجتمعي والمجرمون وعلم الجريمة ..موقف الدولة من الانسان في المواطنة التي لا تنضبط الا بمعرفة الفرد في ظل الدولة بحقوقه وواجباته وأخيرا موقف الدولة من تقديم الرعاية والخدمة للإنسان سواء كانت طبية او خدمية او اجتماعية وسؤالي ماذا شد أهتمام الناظر الينا والمتفحص لقدراتنا ليصنفنا وبقياس دقيق..فهل هو استطاع من اختراق عقولنا دون معرفتنا لما نمتلك من الذكاء الخفي اوالذي لا نريد أن نفصح عنه ولا نريد تجسيده وتوظيفه لخدمة مصالحتا وهل اننا أنانيون وشحيحون الى درجة لنبخل عن شعبنا هذا العطاء الرباني ..انني لا قف معترضا على ما جاءنا به صاحب تلك الدراسة وتصنيفاتها ولكنني ليس بالضرورة ان اكون متفقا لما يصدر عن الموساعات ومراكز الدراسات التي لا تعرف مقاصدها .. ولكن ما يستوقفني انني امام منحنيين اولهما هل بدأ العالم يتحسب من خشية العقل العراقي الكامن وثانيهما هو بث روح الغرور والانوية في عقل الانسان العراقي كي يتعامل بفوقية مع ما اسميتها الاستحقاق المجتمعي من الخدمات .. ولو اجرينا دراسة مقارنة لاثار الانانية والغرور فهي التي ستقودنا الى صحة اعتقادنا ان التصنيف هو يستهدف الانسان العراقي دون غيره من ابناء الوطن العربي .. والدلائل واضحة وهي التي تحدثنا عما يحدث للعراقيين دون غيرهم .. (انا لااريد ان ينطبق علينا المثل العراقي الذي يقول (العراقي شيمه واخذ عباته)فهل مطلوب منا ان نعيش الوهم الذي ساق طاغية العراق بحيث كان يعطي لمن يمدحه في البلاد العربية اكثر مما يعطي الى المداح العراقي .. الم يحول العرب صدام من رئيس الى اكبر طاغية في العصر الحديثوعبر ايحاء لا يخلو من التوريط عن الوهم ..اذكياء صدام ساروا وراء اكاذيبهم وهم اول من صدقها وما سر الدواء الذي اكتشفه علماء و اذكياء الطاغية صدام والذي طبل وزمر في الاوساط العالمية ان علماء العراق اكتشفوا دواءا للسرطان والمخجل في الامر اسمه (صداميين وبكرين )..على اثر ذلك انتشر وباء السرطان في العراق ولحد هذه اللحظة يخشى المريض العراقي من المعالجة وتحت ايدي طبيب عراقي ويبيع كل ما يمتلك للسفر الى الهند البلد الذي يطلق الجهلاء (كلمة زواج بالعراقي)عليهم لانهم اطباء قد تخلصوا من عقدة الغرور والوهم بانهم هم الاذكى وتناسوا ان الهنود هم الاكثر ذكاء والأكثر تواضعا .. اترك العناية التي يتلقاها المريض وعلى يد طبيب هندي ويقارن مع العناية التي يتلقاها على يد طبيب عراقي ..وعندما يشرح المريض لما تلقاه من العناية في الهند للطبيب العراقي (يصرخ الطبيب العراقي متذمرا بوجه المريض ويقول والله ذبحتمونا بالزواج الهنود).. طبيبنا هو مريض بمرض الوهم وتأكل الانانية ما تبقى ما في قحفة رأسه من العقل فهو لايعرف انه اقسم على خدمة ابناء جلدته ان يقدم كل ما بالوسع ولكنه اصبح يحاكي المريض ومن طرف مناخره وكانه الرب المحيي.. فيكتب لك الوصفة قبل عرضك لحالة مرضك .. واذا استلم جهازا حساسا في التشخيص وفي احد المشافي الحكومية سيقوم بتعطيلها لانه يتشارك مع صاحب جهاز اهلي وكذا بالنسبة للادوية فاصبح في ظل فسحة الذكاء والديمقراطية يستطيع التعاقد مع المناشئ المصنعة لتصريف منتجاتهم وبمقابل عمولات تنساب اليه سرا وعلانية مستخدما وسائل الاتصال الحديثة التي سهر عليها علماء اجلاء لخدمة الانسانية .. اذا كان الطبيب الذي افتراضا يمتلك اعلى درجات الذكاء وسخر نفسه لخدمة الانسان والانسانية فما بالنا مع رجال الامن والشرطة فهل ايضا سيسخرون ذكائهم لخدمة الانسان والانسانية وعلى شاكلة اخوانهم الاطباء .. هنا الامر الاسوء تماما مقارنا مع اداء الطبيب فكلاهما مستعدان لحنث القسم والتصرف وفقا للاهواء والمزاجية التي ترسمها لهم انانيتهم وليس ضمائرهم ..ولكن ان تقتل وعن غفلة غير محسوبة لهي مسألة فيها الف وقفة واستفهام ..فالمرض لا اعتراض عليه عندما يتسبب بالوفاة ..ولكن ان تموت دون علة وانت منصرف في متاهات العيش المضني ولاهثا لتنشئة الاطفال واعدادهم ليكونوا مواطنون ..هنا يتبادر الى ذهنك السؤال هل ان المجرم اكثر ذكاءا من الاف الشرطة والضباط ورجال الامن المنتشرين في الازقة والشوارع والساحات وفي الاخر نطلق على المجرمين بهائم العصر لتفعل جرمها في وضح النهار مارة وعابرة تلك الالاف الذكية من رجالات الامن والقوات المسلحة ..انه فرد واحد ولنقل انه غبي ولكنه يستطيع التسلل ليصل الى نقطة تفتيش محصنة ليضع ما يحمله من مواد الجريمة ويقتل جميع عناصرها؟من هنا استطيع ان اقول ان هذا المجرم هو ليس بالبهيمة لانه تلقى اصعب الدروس في علم الجريمة واستطاع من تنفيذ مخطط خطير للغاية ولكنه في الاخر يستطيع ان يفتك بالعشرات من البهائم الذكية ..بعد كل تفجير سواء بعبوة او بحزام ناسف يتسارع الاذكياء وتحاصر كل الطرقات ويتم تفتيش الامكنة حجرها ومزابلها ناهيك عن صب جام غضبهم على كل انسان سواء كان مارا بعجلة اومترجلا ولا ىيجوز لاي احد مغادرة المكان الا بعد انتطار ولسعات طويلة وبعدها تغسل الدماء وترفع الركام والحطام ويعود الاف من الجيش والشرطة الى عاداتهم الذكية في تقليب العاب هواتفهم والضحك والمجاملة وبعد سويعات ينهرك في ايقاف عجلتك ولو لشراء علبة سكائر..يتناسون كل ماحدث وبعد انجلاء مشهد الموت يعودون الى نشاطهم الذكي في التعسف والانتهاك وخاصة اذا كنت انيقا ومعتدا بشخصيتك فانه يستوقفك انتقاصا من كرامتك وكبريائك وعن علم ومعرفة "" في حين يمرر من هو على شاكلته وتنتابك الغرابة وفي صلب سؤال محير ولغز ظل يفتك بنا دون معرفتنا (هل حقا ان رجل بهيمة وغبي ينتصر على الاف من رجالات الجيش والامن والاستخبارات الاذكياء ليفتك بالعشرات والمئات من الابرياء).. هذا ملا استطيع الاجابة عليه لانني لست ذكيا وغير مشمول بهذا التصنيف كي ابقى على قيد الحياة خدمة لابنائ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البيت الأبيض: واشنطن لم تتسلم خطة إسرائيلية شاملة تتعلق بعمل


.. اتفاق الرياض وواشنطن يواجه تعنتا إسرائيليا




.. إسرائيل وحماس تتبادلان الاتهامات بشأن تعطيل التوصل إلى اتفاق


.. خطة نتياهو لتحالف عربي يدير القطاع




.. عناصر من القسام يخوضون اشتباكات في منزل محاصر بدير الغصون في