الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أي محيط من الجماد غارق في أعماقه عقلنا العربي ؟

ماسه بشار الموصلي

2013 / 12 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


لماذا لا نصنع خياراتنا بأنفسنا بل نسعى دوما للجاهز أمامنا ؟ أي محيط من الجماد غارق في أعماقه عقلنا العربي ؟!!
إن كتبنا عن تاريخ الأنظمة في مساحة من الوطن العربي نجدها إما أنظمة حكمها العسكر ، أنظمة ديكتاتورية ذات أيديولوجيات جامدة لم تسع لتطوير ذاتها بل أكثر من ذلك إذ أنها عملت على وضع سقف لعقل المواطن وتفكيره ، مما أدى إلى أن ينحصر إبداعه في مدح السلطة وصولاً للكسب ، وهذا على جميع الأصعدة سواء الثقافية أم الاقتصادية المهنية وطبعاً السياسية
وكذا الأمر نجده بذات المنطق إن تحدثنا عن الأحزاب أو الأنظمة الدينية مع اختلاف الأيديولوجيا .
لقد أضحى نجاح أي فرد في هذه المجتمعات يعود في أساسه لحضرة سيادة السلطة الحاكمة ، لا للعقل المبدع له ، فهكذا يعول الإعلام التابع للنظام نجاحه ، وبالمقابل نجد أن كثيراً من الطرق الموصلة للنجاح بشكل عام قد حُصرت في عقلية الشعوب عند طرق أبواب الفساد بتغطية من مسؤول نافذ في الدولة وما ذلك إلا لأن فساد الأنظمة الحاكمة والقبضة الأمنية المخابراتية لها ارتفعت بقوتها الحاكمية على قوة إعمال القانون ، وأصبح العدل قصة منسية وكذا الحق والأمانة والشرف والكرامة الإنسانية .
في ظل هكذا أنظمة لا يمكن أبدا أن نضع أسباب تخلف المجتمع كاملاً على الفرد ، فنقول إن الدولة الفلانية متخلفة لتخلف أفرادها ، فالنظام الذي لا يحترم شعبه ولا يمده بأسباب النجاح ، لا بد وأن نجد شعبه يعيش تحت خط الفقر الفكري .. ومهما عمل الفرد على تطوير ذاته فكرياً وثقافياً وحاول عبر وعيه الملتزم بحدود مقررات السلطة الحاكمة استخدام حريته في التعبير ، فإنه يبقى محدوداً كثيراً ضمن هذا القدر المسموح له به .
هذا ما هدفت له غالبية الأنظمة الحاكمة في وطننا العربي عبر نصف قرن من الزمن ، تأطير إبداع المواطن وحصره في قوقعتها حفاظاً على موقعها في الحكم تحت شعارات ما عادت تجدي في القرن الحادي والعشرين عصر التكنولوجيا والاتصالات الذي فتح أعين الشعوب لتطلعات أكبر بكثير من تطلعات الأنظمة فكان أن انتفضت مطالبة بحقوقها في الحياة .
وفي خضم ما وصلت له هذه الثورات اليوم من نتائج يمكننا أن نستقرأ العقل العربي وكيفية تكوينه خلال المرحلة الماضية لنجده منقسماً ضمن خيارين لا ثالث لهما ,, الأول : التابع للسلطة والخيار العسكري أما الثاني فهو الخيار الديني تحت منظومة قيادة الإخوان المسلمين .
علماً أنه في بعض البلدان التي تقدمت فيها الثورات عن مرحلة إسقاط النظام ، كان الهدف مشتركاً بين كلا الطرفين .
وما هذا التخبط الذي وقعت به شعوبنا اليوم إلا سياسة ممنهجة لاستبداد حاربته عبر ثوراتها وتحاربه بشعارات المناداة للديموقراطية والتعددية ولكنها بنفس الوقت نشأت عليه وما استطاعت فكرياً تجاوزه بعد ، استبداد بالسلطة لطرف دون مشاركة الطرف الآخر ، بينما العقل الحرّ وأمنيات المستقبل المنشود تتطلب خلقاً جديداً لفكرٍ بعيدا كل البعد عن تلك الأفكار البالية والتي ما عاد لها وجود في المجتمعات المتحضرة والمتقدمة فكرياً .
قد يقول قائل أنني أحاجي الأوهام والخيال بما أدعو له من السعي لخلق فكر جديد يكون لنا القدوة لمستقبل نأمله ، وأنه ليس بمقدور الشعوب الوقوف بمواجهة هذين التيارين الذين يملكان كل أسباب القوة وأهمها المال والسلاح والتأييد الدولي .. ولكني أرى أن هذا صوت اللا عقل ، فمن سعى لحريته عبر ثورات ضد أنظمة مستبدة ظالمة ودفع في سبيل ذلك اثمان باهظة لا بدّ وأن يسعى ليصل إليها كاملة ، فلا يستبدل مستبداً بآخر بل إن الخيارات التي تفتح أبواب المستقبل كثيرة ولا شك أنها أنبل وأرقى وأسمى من خيارين احتست عقودنا الماضية من تخلفهما الفكري الكثير .
فلنعلنها لا هذا ولا ذاك ,, ولنتبع نوافذ النور المنبثقة من العقل ولنمنحها الفرصة لإبداع أفكارٍ تصحح مسارنا عبر تعاضد وطني مشترك من أجل إيجاد مفتاح المستقبل لبلادنا .
تعالوا لنصنع خياراتنا بأنفسنا فلا نتناول البالي منها والجاهز حد التخمة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حيوان راكون يقتحم ملعب كرة قدم أثناء مباراة قبل أن يتم الإمس


.. قتلى ومصابون وخسائر مادية في يوم حافل بالتصعيد بين إسرائيل و




.. عاجل | أولى شحنات المساعدات تتجه نحو شاطئ غزة عبر الرصيف الع


.. محاولة اغتيال ناشط ا?يطالي يدعم غزة




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة